نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الضغوط الدولية تدفع البوليساريو للاعتراف بأن الحكم الذاتي هو الخيار الأكثر واقعية, اليوم الخميس 24 أبريل 2025 11:25 صباحاً
في تطور غير مسبوق يحمل دلالات عميقة على مستوى ملف الصحراء، خرج مسؤول بارز في جبهة البوليساريو عن المألوف ليعترف، لأول مرة، بأن مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 يمثل "الخيار الأكثر واقعية" لتسوية النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية، وهو التصريح الذي جاء على لسان إبراهيم بشير بيلا، القيادي في الجبهة، والذي هز أركان المشروع الانفصالي من الداخل وأثار تساؤلات حول حقيقة التوجهات الجديدة للجبهة ومن يتحكم في مسارها.
ويرى المتابعون للملف أن هذه الخرجة ليست معزولة عن سياق إقليمي ودولي ضاغط، بل هي انعكاس مباشر لحالة الاختناق التي تعيشها الجبهة في ظل التردي الإنساني بمخيمات تندوف، والتململ المتصاعد وسط ساكنة المخيمات التي ضاقت ذرعا بوضعية اللجوء المفتوحة على المجهول، حيث ورغم أن الاعتراف العلني بقوة المقترح المغربي يبدو مفاجئا، فإن خلفياته تتقاطع مع إشارات واضحة مصدرها الإدارة الأمريكية التي ما فتئت تؤكد أن الحكم الذاتي هو "الخيار الواقعي والجاد والوحيد القابل للتنفيذ" في ظل المعطيات الحالية.
وبات الموقف الأمريكي، المتجسد في دعم صريح لمغربية الصحراء منذ إعلان ترامب في 2020، يشكل قناعة راسخة داخل الدوائر الاستراتيجية بواشنطن، وهو ما عبر عنه صراحة المستشار السياسي المقرب من الرئيس ترامب، مسعد بولس، حين شدد على أن سيادة المغرب على صحرائه أمر محسوم، ما يضع البوليساريو، ومن ورائها الجزائر، أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الجلوس إلى طاولة الحوار على أساس المبادرة المغربية، أو مواجهة عزلة دولية متزايدة قد تقود إلى تصنيفات مؤلمة كاعتبار الجبهة منظمة ذات طابع إرهابي.
وداخل هذا السياق، تحاول الجزائر أن تلعب أوراقها الأخيرة بصمت ودهاء، وهي التي لطالما حاولت إنكار دورها المحوري في النزاع، لكنها تجد نفسها اليوم أمام ضغط أمريكي مباشر يدعوها للكف عن العرقلة وفسح المجال أمام حل واقعي، لذا لا يستبعد أن يكون تصريح بيلا جزءا من مناورة محسوبة، تهدف إلى امتصاص الغضب الأمريكي دون تقديم تنازلات جوهرية، خاصة وأن مصادر داخلية أكدت أن التصريح صدر من جهات أمنية داخلية وليس من وزارة الخارجية، في دلالة على أن الأمر أقرب إلى تخفيف الاحتقان منه إلى مراجعة موقف.
ويرى محللون أن تصريحات قياديي البوليساريو تعكس ارتباكا أكثر مما تعكس تحولا حقيقيا، مشيرا إلى أن خطاب "تقرير المصير" لم يعد يلقى الصدى ذاته، حتى داخل أوساط الصحراويين أنفسهم، الذين باتوا يرون في مقترح الحكم الذاتي إطارا واقعيا يضمن كرامتهم وتنميتهم داخل وطنهم الأم، عوض رهانات الانفصال والشتات.
أما المغرب، الذي يواصل حصد الدعم الدولي، فلا يبدو أنه يركن إلى الانتظار، حيث تؤكد التحركات المكثفة التي يقودها وزير الخارجية ناصر بوريطة، من مدريد إلى باريس، مرورا بعواصم أوروبا الشرقية، أن الرباط ماضية بثقة في تثبيت مكتسباتها الدبلوماسية وترسيخ الدعم لمبادرتها في مختلف المحافل، ما دفع أكثر من مائة دولة للتعبير عن دعمها الصريح للمقترح المغربي، وفتح عشرات القنصليات في العيون والداخلة، مما يعكس حجم الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء.
وتتابع الأمم المتحدة بدورها المستجدات بحذر، لكنها تدرك أن الزخم الحالي قد يكون فرصة نادرة لإطلاق دينامية سياسية جديدة تحت رعاية مبعوثها ستيفان دي ميستورا، الذي يراهن على توافق دولي قوي لفرض حل يراعي مصالح كل الأطراف، دون أن يرتهن لمطالب غير واقعية.
وتثبت المستجدات الحالية أن عقارب الساعة لم تعد في صالح البوليساريو والجزائر، اللتان تعيشان اليوم أضعف حالاتهما السياسية والدبلوماسية، ما يجعل الاعتراف العلني بأفضلية الحكم الذاتي، تحت ضغط الواقع والضغوط الدولية، ليس سوى بداية سلسلة تنازلات قد تفرضها المرحلة المقبلة.
أخبار متعلقة :