نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الصين تقزّم الولايات المتحدة العالم الجديد بدأ الآن, اليوم الأربعاء 16 أبريل 2025 06:51 مساءً
نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 16 - 04 - 2025
زادت حرب الرسوم الجمركية في تأكيد عمق التحوّل الحاصل في موازين القوى على الساحة العالمية حيث أصبحت الصين عملاقا غير قابل للردع.
والواضح أن إعلان البيت الأيض عن استثناء المعدات الرقمية مثل الهواتف المحمولة والحواسيب من الرسوم الجديدة جاءت بمثابة الراية البيضاء أمام الحكومة الصينية التي كانت حازمة وحاسمة في تطبيق سياسة المعاملة بالمثل حيث قرّرت في مناسبتين الترفيع في الرسوم الجمركية الموظفة على السلع الأمريكية لتصل إلى 125 بالمائة.
والأهم من ذلك أن هذه المواجهة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي العائد إلى البيت الأبيض دونالد ترامب سرعان ما خمدت بسبب ما أفرزته من اختلال واضح في موازين الربح والخسارة بين الولايات المتحدة والصين حيث تكبدت أسواق المال الأمريكية خسائر بتريليونات الدولارات وسجلت أسهم أعتى الشركات هبوطا حادا وصل إلى 22 % بالنسبة إلى مجموعة «آبل» كما كشفت مجريات هذه المواجهة عن مدى ارتباط الصناعات الأمريكية بالمطبخ الصيني.
وربما كانت الصين المعروفة بقوة التخطيط الاستراتيجي تنتظر هذه الخطوة لتستعرض قوتها الاقتصادية وترسّخ مكانتها في العالم كضامن لاقتصاد السوق وتظهر في المقابل أن الولايات المتحدة فقدت صورتها في العالم كشريك اقتصادي موثوق وهو ما كرّسه تضارب قرارات البيت الأبيض بخصوص الرسوم الجمركية الجديدة حيث اضطرت واشنطن لتعليق الرسوم المفروضة على سائر بلدان العالم باستثناء الصين لمدة 90 يوما ثم قامت بتخفيض الرسوم المفروضة على الصين.
وكانت بيكين قد توقعت هذا التراجع عندما أكدت أن «لعبة الأرقام ستصبح أضحوكة» لأنها تدرك جيدا أن الولايات المتحدة لم تعد تملك عناصر القوة اللازمة لممارسة الهيمنة الاقتصادية على العالم وبالتالي فإن أي مواجهة تفتحها مع الصين سترتد عليها بعنف في نطاق التنافس جيوستراتيجي بين واشنطن وبيكين الذي يمثل مدار الصراع القائم بين العالمين القديم والجديد.
وعندما تظهر الصين في صورة الضامن لاقتصاد السوق فإن ذلك يعني حتما انطلاقا مسار جديد لإعادة بناء النظام المالي الدولي لن يطول انتظاره وانتهاء الدور الوظيفي لمنظومة التحكيم الدولي كأداة هيمنة بين ما يسمى الغرب الجماعي وهو ما يفسّر انسحاب الولايات المتحدة من المجلس الأممي لحقوق الانسان والمنظمة العالمية للصحة إلى جانب خرق مواثيق منظمة التجارة العالمية.
والواضح أيضا أن اختلال موازين القوى المالية الذي كشفته حرب الرسوم الجمركية انعكس مباشرة على موقف الولايات المتحدة في التفاوض مع إيران وروسيا حيث عرضت على موسكو «حلّ الدولتين» في أوكرانيا كما أظهرت مرونة كبيرة في التفاوض مع طهران ستؤدي حتما إلى اتفاق بالشروط الايرانية.
وبالنتيجة يرجّح أن تتفاقم في المدة القادمة عزلة الولايات المتحدة بعد أن تأكد أن دونالد ترامب لا يملك من عناصر القوة سوى الضجيج والفرقعات الإعلامية فيما سيتسارع في المقابل مسار تشكل النظام الدولي الجديد بكافة مكوناته.
الأخبار
.
أخبار متعلقة :