منح دولية وجهود قطرية لدعم قطاع الكهرباء في سوريا - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يمضي قطاع الكهرباء السوري في محاولة لتعويض ما خسره خلال سنوات الحرب، عبر بوابة تعاون إقليمي وتمويل دولي يتقدمه الدعم القطري المباشر، وسط تطلع رسمي إلى إنعاش التوليد وتحقيق استقرار نسبي في التغذية الكهربائية.

عقد وزير الطاقة السوري، محمد البشير، نهاية الشهر الماضي اجتماعا عبر تقنية الاتصال المرئي مع نظيره الأردني، صالح الخرابشة، والمدير العام لصندوق قطر للتنمية، فهد السليطي، لبحث تعزيز التعاون في مجالات الطاقة.

وتناول الاجتماع آليات نقل الغاز من قطر إلى سوريا عبر الأردن، ودور صندوق قطر للتنمية في دعم المشاريع، إضافة إلى فرص الاستثمار وتبادل الخبرات.

وعقب الاجتماع، قال البشير في منشور على منصة إكس: "أجريت اجتماعا عن بُعد مع الأشقاء في كل من قطر والأردن، وتم الاتفاق على مجموعة من الخطوات التي من شأنها تسريع عملية توريد الغاز لتحسين توليد الكهرباء، وبالتالي عدد ساعات التشغيل في عموم المحافظات السورية".

وبحسب تصريحات رسمية لمدير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء السوري، المهندس خالد أبو دي، قدم البنك الدولي منحة مالية بقيمة 146 مليون دولار لإعادة تأهيل البنية التحتية الكهربائية المتضررة، تأتي ضمن خطة شاملة تتضمن تأهيل خطوط النقل بقدرة 400 كيلو فولت عالية التوتر.

The Italian Ambassador to Syria, Stefano Ravagnan, accompanied by a delegation of representatives from Italian companies, visited the Deir Ali Power Station in rural Damascus. He was received by the Syrian Minister of Electricity, Engineer Omar Shakrouk, along with several ministry officials. The visit included a meeting with the minister, during which the delegation was briefed on the state of electricity in Syria and the operating conditions of the power station. (Photo by Rami Alsayed/NurPhoto via Getty Images)
المنحة المالية المقدمة من البنك الدولي تُعد أول تدخل مباشر في سوريا منذ 4 عقود (غيتي)

قطر تدعم بالغاز

وكشف أبو دي عن منحة قطرية تهدف إلى تزويد سوريا بمليوني متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا.

وأكد أن هذه المنحة يجري تنفيذها عبر خط أنابيب الغاز العربي، الذي تُعد سوريا جزءا منه، ويمتد من مصر إلى الأردن ليصل إلى الأراضي السورية.

وفيما يتعلق بجاهزية البنية التحتية السورية لاستقبال هذه الكميات من الغاز المستورد، أوضح المهندس خالد أن الاختبارات التي أُجريت خلال الشهر الماضي أثبتت أن البنية التحتية السورية جاهزة بالكامل، مشيرا إلى أن كميات تجريبية تم ضخها بالفعل عبر الخط دون تسجيل أي صعوبات فنية، وهو ما يعكس كفاءة الشبكة واستعدادها التشغيلي.

أما عن الأثر المتوقع لهذه الكميات على واقع الكهرباء في سوريا، فقد أكد القائم بأعمال السفارة القطرية في سوريا أن إدخال الغاز القطري سيمكن من رفع إنتاج الطاقة الكهربائية بنحو 400 ميغاواط، مما سينعكس بشكل مباشر على زيادة ساعات التغذية وتحسين استقرار التيار الكهربائي المقدم للمواطنين.

وسيتم توصيل الغاز القطري عبر تسييله في محطة التسييل في ميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر، ومن ثم يُضخ إلى سوريا عبر خط الغاز العربي.

إعلان

نحو استقرار اقتصادي

في تصريح خاص للجزيرة نت، قال الدكتور يحيى السيد عمر، الخبير الاقتصادي ومدير مركز تريندز، إن للدعم القطري المتوقع أثرا إيجابيا مباشرا على واقع الكهرباء في سوريا، ومن المرجّح أن يؤدي هذا الدعم إلى زيادة عدد ساعات التغذية لتصل إلى ما بين 8 و10 ساعات يوميا.

وأكد عمر أن هذا التحسن سينعكس إيجابا على الانتعاش الاقتصادي، وزيادة الإنتاج والتصدير وتحسّن قيمة الليرة، لافتا إلى أن النقص الحاد في الكهرباء يُعد من أبرز التحديات التي تواجه عمليات الإنتاج في البلاد.

وتابع موضحا أنه عند زيادة كمية التوليد ورفع عدد ساعات التغذية، يمكن تقليل التكاليف، وهو ما سينعكس بانخفاض الأسعار، الأمر الذي يدعم المنتجين والمستهلكين على حد سواء.

ويرى السيد عمر أن خفض التكلفة يساهم في تعزيز قدرة المنتجات السورية على المنافسة وتلبية الطلب المحلي، ما من شأنه تقليص الاعتماد على الاستيراد، وتعزيز قيمة الليرة السورية.

New Syria and Qatar Flags. cooperation ally friendly country
الدعم القطري لقطاع الكهرباء السوري يمثل خطوة إستراتيجية ذات أبعاد إنسانية واقتصادية (شترستوك)

تحسّن الواقع المجتمعي

وفي تصريح خاص للجزيرة نت، أشار محمد ياسين نجار، الوزير السابق في الحكومة السورية المؤقتة، إلى أن الأهمية الحقيقية للجهود القطرية تتجلى في بعدها الإنساني، من خلال خلق بيئة تشجع على عودة اللاجئين.

وأوضح نجار أن الكهرباء تُعد من العناصر الأساسية لتحقيق المستوى الثاني والثالث من "هرم احتياجات العودة"، وهي مقومات العيش الكريم والاستقرار الاقتصادي، مؤكدا أنه بدون توفر الكهرباء لا يمكن تصور توفير التعليم للأطفال أو تأمين مصدر دخل، أو حتى السكن الآمن بالشروط الصحية والمعايير الإنسانية المعتمدة.

كذلك أشار إلى أن تشغيل محطة دير علي بتمويل قطري لم يكن فقط خطوة لتحسين التوليد، بل مثّل مؤشرا عمليا على بداية مسار يُعيد بناء الثقة، ويمهّد لتسهيل العودة الطوعية للاجئين.

ومن جانبه، يرى عمر أن تحسن واقع الكهرباء سيترك آثارا اجتماعية ملموسة، ويمكن أن يسهم في تعزيز الاستقرار المجتمعي وتهيئة البيئة لعودة اللاجئين، من خلال تحسين الخدمات العامة.

وتابع عمر قائلا إن تحسن الإنتاج الناتج عن زيادة ساعات التغذية قد يؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة، وهو ما يدعم، بشكل غير مباشر، جهود إعادة الاستقرار المجتمعي وعودة السكان إلى مناطقهم.

بيد أن عمر يؤكد في الوقت ذاته أن هذه الآثار الإيجابية، ورغم أهميتها، تظل محدودة نسبيا، لأن أبرز ما يعيق عودة اللاجئين يتمثل في عدم توفر مساكن جاهزة، وهو ما يجعل من البدء بإعادة الإعمار عاملا أكثر تأثيرا من تحسن الكهرباء وحده.

تشجيع دولي للاستثمار

يرى محمد ياسين نجار أن الاستثمارات القطرية ساهمت بشكل بارز في تشجيع شركات ومؤسسات دولية على دخول قطاع الكهرباء السوري.

ويُضيف أن المبادرة القطرية، وإن جاءت تحت عنوان "مبادرة إنسانية قصيرة الأجل"، فإنها مكّنت من اختبار الجاهزية التشغيلية لخط الغاز العربي وكفاءة محطة دير علي دون الاصطدام المباشر بالعقوبات الدولية.

وبعد نجاح التجربة، تحوّلت إلى شراكة طويلة الأجل، وهو ما مهّد لرفع جزئي لبعض العقوبات الأميركية، وفتح المجال أمام تدفق استثمارات جديدة.

إعلان

ويشير الوزير السابق إلى أن هذه المبادرة شجعت عددا من الدول العربية والغربية على تقديم مساعدات عملية، معتبرا أن دعم قطر المتكرر لقطاع الطاقة السوري خطوة ذكية ساعدت على توقيع مذكرة تفاهم في مايو/أيار 2025 بقيمة 7 مليارات دولار، بقيادة شركة "يو سي سي هولدنغ" (UCC Holding) القطرية، وبشراكة مع جهات من تركيا والولايات المتحدة.

ويصف هذا التكامل بين قطر، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والبنك الدولي، وشركات خاصة، بأنه جزء من إستراتيجية متعددة المسارات، تقوم على تمويل قطري عاجل لتأمين الحد الأدنى من الكهرباء، إلى جانب مشاريع توليد طويلة الأمد، وإصلاحات هيكلية لتحديث الشبكة ومؤسساتها. وقد رافق هذه الجهود تعديل قانون الكهرباء السوري، بما يتيح الاستثمار وتيسير تراخيص مشاريع الطاقة المتجددة.

The Italian Ambassador to Syria, Stefano Ravagnan, accompanied by a delegation of representatives from Italian companies, visited the Deir Ali Power Station in rural Damascus. He was received by the Syrian Minister of Electricity, Engineer Omar Shakrouk, along with several ministry officials. The visit included a meeting with the minister, during which the delegation was briefed on the state of electricity in Syria and the operating conditions of the power station. (Photo by Rami Alsayed/NurPhoto via Getty Images)
البنية التحتية السورية أثبتت جاهزيتها لاستقبال الغاز المستورد دون عقبات فنية (غيتي)

منحة من البنك الدولي

قدّم البنك الدولي منحة مالية بقيمة 146 مليون دولار لصيانة وتأهيل عدد من محطات التحويل الرئيسية، شملت محطات حلب "إف" 400 كيلو فولت، ومحطة حلب "دي"، ومحطة حلب ضاحية، ومحطة أوتيا 230 كيلو فولت.

وأشار مدير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء السوري، المهندس خالد أبو دي، إلى أن المنحة تشمل كذلك تأهيل عدد من محطات التحويل 66 كيلو فولت في مناطق أورم الصغرى بريف حلب، وسراقب بريف إدلب، والنشابية وزملكا والحجر الأسود بريف دمشق، وهي محطات حيوية في شبكة النقل والتوزيع.

وأوضح أن جزءا من المنحة خُصص لتأمين مواد صيانة ومعدات فنية، إلى جانب إطلاق برامج تدريب وتأهيل للفنيين والعاملين، بهدف رفع مستوى الكفاءة المحلية وضمان الجاهزية الفنية للكوادر الوطنية.

وفي تصريح للجزيرة نت، قال الخبير في الاقتصاد السوري، المستشار خالد تركاوي، إن المنحة مقدّمة من المؤسسة الدولية للتنمية "آي دي إيه" (IDA)، وهي صندوق تابع للبنك الدولي معني بدعم الدول الأكثر فقرا، مشيرا إلى أن هذا الدعم يمثل أول تدخل مباشر للبنك في سوريا منذ ما يقرب من 4 عقود.

وأوضح تركاوي أن الشرط الأساسي لتفعيل الأهلية السورية لهذه المنحة كان تسوية المتأخرات المالية للمؤسسة الدولية للتنمية، والبالغة 15.5 مليون دولار، والتي سددتها كل من السعودية وقطر في 12 مايو/أيار 2025.

وأشار إلى أن وصف المنحة بـ"غير المشروطة" من قبل وزير المالية السوري لا يعكس بدقة مضمون الوثائق الرسمية للبنك الدولي، والتي تضمنت شروطا تشغيلية صارمة، مثل تشكيل فريق لإدارة المشروع "بي إم تي" (PMT)، وإنشاء لجنة توجيه للمشروع "بي إس سي" (PSC).

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق