مع حلول الذكرى العشرين لأحد أكثر الأيام دموية في تاريخ بريطانيا الحديث، أكدت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر أن التطرف، سواء من قبل المتشددين الإسلاميين أو عناصر اليمين المتطرف، لا يزال يشكل التهديد الأمني الأكبر للمملكة المتحدة، رغم مرور عقدين على تفجيرات السابع من يوليو التي هزت العاصمة لندن.
وقالت كوبر في مقال نشرته صحيفة صنداي ميرور، إن تهديدات الإرهاب تطورت منذ هجمات 2005، لكن لا تزال الجماعات المتطرفة في طليعة التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد، بالإضافة إلى التهديدات المتزايدة من دول معادية، وعصابات الجريمة المنظمة، والهجمات السيبرانية، والتطرف عبر الإنترنت.
هجمات 7 يوليو 2005: ذكرى دامية ما زالت حاضرة
في 7 يوليو 2005، استهدف أربعة انتحاريين شبكة النقل العامة في لندن، حيث فجروا ثلاث عبوات في قطارات الأنفاق وعبوة رابعة في حافلة ركاب، ما أسفر عن مقتل 52 شخصًا وإصابة أكثر من 770 آخرين، في هجومٍ أحدث صدمة كبرى للرأي العام البريطاني والعالمي.
وبعد الهجوم بأيام، وقعت محاولات تفجير أخرى، كما قُتل المواطن البرازيلي جين تشارلز دي مينيزيس برصاص الشرطة عن طريق الخطأ، بعدما تم الاشتباه فيه كأحد المتورطين المحتملين، في واقعة أثارت جدلًا واسعًا آنذاك حول دقة عمل الأجهزة الأمنية.
كوبر: التطرف لا يزال الخطر الأكبر رغم تطور التشريعات
وفي تصريحاتها الصحفية، أكدت كوبر أن بريطانيا لم تتوقف عن تطوير أدواتها في مكافحة الإرهاب منذ تلك الأحداث المؤلمة، مشيرة إلى أن جهود التصدي للتطرف تتطلب التكيف المستمر مع وسائل وأساليب جديدة يستخدمها الإرهابيون، خاصة في ظل تصاعد التطرف الرقمي عبر الإنترنت.
وأضافت وزيرة الداخلية أن الإرهاب الذي تمارسه الجماعات المتطرفة لا يزال على رأس أولويات الأمن القومي البريطاني، لافتة إلى أن البلاد لا تواجه فقط متطرفين أفرادًا، بل تهديدات أكثر تعقيدًا من قوى أجنبية معادية وشبكات إجرامية منظمة.
"قانون مارتن": خطوة جديدة لحماية التجمعات العامة
وسلطت كوبر الضوء على التشريعات الحديثة التي أُقرت في هذا الإطار، ومن أبرزها قانون مكافحة الإرهاب لعام 2025، المعروف باسم "قانون مارتن"، والذي دخل حيّز التنفيذ في أبريل الماضي، ويهدف إلى رفع مستوى الحماية في أماكن الفعاليات والتجمعات العامة.
وبموجب هذا القانون، تُلزم الأماكن التي تستقبل 200 شخص أو أكثر باتخاذ إجراءات تأمينية وخطط استجابة في حال وقوع هجمات إرهابية، بينما تُلزم الأماكن الكبرى التي تستضيف 800 شخص أو أكثر باتخاذ خطوات إضافية مثل تركيب كاميرات مراقبة، وتفتيش الحقائب، وفحص المركبات.
تطور الإرهاب وتعدد مصادر التهديد
أشارت كوبر إلى أن طبيعة التهديدات الإرهابية تطورت على مدار العقدين الماضيين، حيث لم يعد التهديد يقتصر على الهجمات التفجيرية أو التنظيمات الكبيرة، بل امتد ليشمل التحول الفردي نحو التطرف بوسائل رقمية، خصوصًا عبر المنصات الإلكترونية، وهو ما يزيد من صعوبة التنبؤ والتحكم في هذه المخاطر.
وأكدت وزيرة الداخلية أن الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة باتت من الأدوات الحاسمة التي تُستخدم اليوم في رصد المؤشرات المبكرة للتطرف، مشيرة إلى أن التعاون الدولي بين أجهزة الأمن ومراكز الاستخبارات بات ضرورة حتمية لمواجهة هذه التهديدات العابرة للحدود.
0 تعليق