06 يوليو 2025, 10:44 صباحاً
حذّر الأمير تركي الفيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، من التداعيات المتسارعة لانهيار النظام الدولي، واصفًا المرحلة الراهنة بأنها تمثّل "زمن الوحوش"، في ظل تفكك مؤسسات النظام الليبرالي القديم، وغياب نظام بديل عادل وفعّال، في وقت تتصاعد فيه الحروب والصراعات بلا حلول حقيقية.
جاء ذلك خلال كلمة رئيسية ألقاها الأمير تركي في افتتاح منتدى السلام العالمي الثالث عشر، الذي استضافته جامعة "تشنغهوا" بالعاصمة الصينية بكين، يوم الخميس 3 يوليو 2025، تحت عنوان "النظام العالمي: إلى أين؟"، في سياق محور المنتدى "دفع السلام والازدهار العالميين: مسؤولية ومصلحة وإنجاز مشترك".
واستشهد الأمير تركي بمقولة المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي "الآن هو زمن الوحوش"، مبيّنًا أن هذا الوصف ينطبق على الواقع الراهن، حيث تتعرض الأعراف والمواثيق الدولية لانتهاكات صارخة، وتفقد مؤسسات ما بعد الحرب العالمية الثانية فاعليتها.
وأوضح أن الحروب القائمة، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي على غزة، والحرب الروسية الأوكرانية، والاعتداءات على لبنان وسوريا وإيران، تجسّد حالة التآكل في بنية النظام الدولي.
وأكد سموه على أهمية توسيع نطاق التعاون الدولي، لا سيما بين الصين ودول الشرق الأوسط، لتجاوز العلاقات التقليدية وتفعيل شراكات أوسع تراعي التحولات الجيوسياسية. كما شدد على أن هذه الدول يجب أن تكون صوت الحكمة في القضايا الكبرى، وفي مقدمتها استقرار المنطقة، وحل عادل للقضية الفلسطينية، ولجم الغطرسة الإسرائيلية.
وأضاف أن العالم لا يحتاج إلى حرب كبرى جديدة لتأسيس نظام عالمي بديل، بل يحتاج إلى إصلاح جذري لمنظومة الأمم المتحدة، التي باتت عاجزة عن مواكبة التحديات. وأوضح أن الإصلاح لا يعني فقط تعديلات إجرائية، بل يتطلب إعادة هيكلة شاملة، لا سيما لمجلس الأمن، مع تفعيل التوصيات السابقة بشأن توسيع عضويته.
وانتقد الأمير تركي استمرار تجاهل تلك التوصيات من قِبل الدول دائمة العضوية، واعتبر أن ذلك يعكس استخفافًا بمصير البشرية، ويساهم في إدامة النزاعات بدلًا من احتوائها.
كما أبدى سموه تحفظه إزاء الطروحات المتعلقة بتعددية الأقطاب، معتبرًا أنها ستكون بلا جدوى ما لم تُدعَم بقواعد واضحة تضمن العدالة وتنظيم العلاقات الدولية. وأكد أن "الجنوب العالمي" وفي مقدمته الصين، مؤهل للعب دور محوري في بناء نظام عالمي أكثر توازنًا وشمولية.
وفي سياق تناوله لأوضاع الشرق الأوسط، وصف الأمير تركي الوضع في المنطقة بأنه مأساوي ومزمن منذ أكثر من ثمانية عقود، مؤكدًا أن غياب العدالة في القضية الفلسطينية سيظل مصدرًا رئيسًا لعدم الاستقرار.
وانتقد بحدة استخدام الفيتو من قِبل القوى الكبرى في مجلس الأمن، خاصة في ما يتعلق بالمذابح المرتكبة في غزة وسوريا والسودان، مشيرًا إلى أن هذا الاستخدام الممنهج يقوّض شرعية المنظومة الأممية.
وفي ختام كلمته، أشار إلى أن التحركات الأخيرة في المنطقة، وعلى وجه الخصوص "رقصة الثلاثي" بين إسرائيل وأميركا وإيران، لم تحقق حلولًا استراتيجية، بل علّقت الصراعات مؤقتًا دون إنهائها. وقال إن إسرائيل لا تزال كيانًا احتلاليًا يمارس الإبادة، وإن إيران تواصل برنامجها النووي في غياب الرقابة الدولية، مضيفًا: "الانتصارات الحالية مكلفة، والقتل لا يزال مستمرًا.. ويجب أن يتوقف."
0 تعليق