نسخة حية من "كيف تروض تنينك؟" هل تصمد أمام سحر الرسوم المتحركة؟ - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في إعادة إنتاج أفلامها من الرسوم المتحركة منذ التسعينيات من القرن العشرين، ظلت المتصدرة لهذه الساحة الجديدة حتى عام 2025، حين انضمت إليها شركة "دريم ووركس" (DreamWorks) التي حولت أحد أشهر أعمالها "كيف تروض تنينك؟" (?How to Train Your Dragon) إلى فيلم حي يُعرض الآن حول العالم.

وقد عاد المخرج دين ديبلوس -الذي أخرج ثلاثية أفلام الرسوم المتحركة- لإخراج النسخة الحية من "كيف تروض تنينك؟" بمشاركة الممثل جيرارد باتلر، بينما تغيّر طاقم الممثلين الآخرين، فضم كلا من ماسون ثامس ونيكو باركر وجوليان دينيسون.

 

كيف تستغل تنينك؟

تدور الأحداث في أجواء تاريخية، حيث نعود إلى زمن الفايكينغ. لكن في هذا الكون الخيالي تتجاور التنانين مع البشر، وبينهما علاقة عنيفة مليئة بالقتل المتبادل. وقد اعتاد سكان قرية بيرك على غارات التنانين على منازلهم، وحرقها، وسرقة قطعان مواشيهم. ومن جهة أخرى، يُعد قتل تنين أعلى شرف لسكان القرية.

بطلنا هيكاب (ثامس) ابن زعيم القرية ستويك (باتلر). وهو ابن لا يرقى لمعايير والده، إذ لا يملك عضلات مفتولة أو شجاعة مفرطة، بل هو شخص ذو ذكاء عقلاني وعاطفي يفوق المعتاد بين أهل القرية "الأجلاف" الأمر الذي يجعله مميزًا بشكل سلبي، بل ومصدر سخرية الغالبية العظمى.

ويسعى ابن الزعيم، مثل أي مراهق آخر، لإثارة إعجاب والده. لذلك، يعد فخًا لصيد أخطر تنين، يُطلق عليه اسم "غضب الليل". وبالفعل، يقع التنين في فخه، غير أنه في اللحظة الأخيرة يتراجع. ويتحول التنين تدريجيًا من عدو إلى صديق، ويستغل ذكاءه في التواصل معه، بل وترويضه، كل ذلك سرًا عن قريته بالكامل وعن والده الغائب.

ويُقدّم "كيف تروض تنينك؟" فكرتين رئيسيتين: تركز الأولى على سوء التفاهم بين البشر والتنانين. فسكان بيرك يرونها وحوشا مخيفة ومميتة ومدمرة. ونتيجة لذلك، يمارسون قتلها كنوع من الرياضة، وليس دفاعًا عن النفس. لكن، يأتي هيكاب الذي يرى الأمر من منظور مختلف، ويؤمن بإمكانية التعايش بين البشر والتنانين.

إعلان

كما يوضح عنوان الفيلم، تتلخص القصة في الصورة التي يمكن من خلالها ترويض التنانين. وبالفعل، يُساهم أصدقاء هيكاب في ترويض تنانينهم الخاصة في النهاية، ويعيش الجميع في وئام.

غير أنه، وهو يحاول طرح فكرة الترويض كحل إيجابي ومثالي للمعايشة بين البشر والتنانين، والتي تمثل هنا الآخر عن الرجل الأبيض، لا يرى حلًا آخر يتمثل في أن يُترك هؤلاء البشر كائنات التنانين تعيش باستقلالية، خصوصًا وأنهم من يحتلون أرضها، ويستغلون مواردها، مما يعكس بشكل ضمني سردية الرجل الأبيض المستغل، ولا يحاول تفكيك أو النظر لها بشكل نقدي.

نسخة طبق الأصل لكنها مسلية

تطرح تجربة صناعة النسخ الحية من أفلام الرسوم المتحركة أسئلة ضرورية، على رأسها: لماذا تمت صناعة هذا الفيلم؟ ولماذا يُشاهد؟ بالطبع، المكاسب التجارية من أهم الأسباب التي تدفع إلى إنتاج هذه الأفلام، فهي تعيد استغلال أفلام قديمة ناجحة، مثلها في ذلك مثل عرض هذه الأفلام على شرائط الفيديو قديمًا، ثم عبر المنصات الإلكترونية حديثًا. غير أن هناك بالتأكيد أسبابًا فنية وراء بعض هذه الإعادات، منها محاولة تقديم تغييرات أو جعلها أكثر عصرية، في حين يندفع الجمهور لمشاهدة هذه الأفلام لإحياء تجربة سعيدة قديمة، ولتوقهم لمشاهدتها مع التوقعات بالتعديلات المحتملة.

وقد فرضت عودة ديبلوس إلى كرسي الإخراج للنسخة الحية مشاهدة دقيقة لمتابعة ما سيُقتبس من الفيلم القديم، وما سيتم تجاهله، غير أن ديبلوس قدم نسخة شبه مطابقة من الفيلم الأصلي.

وهذا يعيدنا مرة أخرى إلى ديزني الرائدة في إحياء أفلام الرسوم المتحركة، وكذلك في محاولة جعل أفلامها الحديثة أكثر توافقًا مع قوالب الصوابية السياسية.

وتحيلنا التغييرات -التي قام بها صناع "كيف تروض تنينك؟"- إلى نوع من السياسات ذاتها، فهي تتلخص بشكل رئيسي في تغييريْن: الأول بداية الفيلم، حيث انعقد مجلس بين سكان قرية بيرك، مع توضيح جذورهم المختلفة التي يرجع بعضها لأصول أفريقية وآسيوية بل ومن السكان الأصليين أيضًا، وهو أمر غير دقيق بالنسبة لسياق الفيلم الذي تدور أحداثه بشكل أساسي حول الفايكينغ. كما تم تجاهل هذه الشخصيات الملونة في المشاهد التالية، حيث استقر فريق على تصويرهم كبيض البشرة، بشكل مماثل لما بالفيلم الأصلي.

أما التغيير الثاني فتمثل في شخصية إستريد (باركر) التي تحولت هنا إلى فتاة طموحة تهدف إلى أن تكون زعيمة للقرية بعد ستويك، ثم أصبحت قائدة فريق هيكاب وأصدقائه بالمعارك الأخيرة.

ورغم التزام الفيلم بتفاصيل الرسوم المتحركة، فإن ذلك لم يجعله نسخة مملة. فقد استطاع صُنّاعُه استغلال إمكانيات الممثلين وتطور المؤثرات البصرية لجعل تجربة المشاهدة مؤثرة عاطفيا، ومثيرة بصريا.

ويظهر ذلك بشكل خاص في أداء باتلر في دور والد هيكاب الذي أضفى جانبًا إنسانيًا على الشخصية، وأظهر بوضوح صعوبة تربية طفل يختلف عن محيطه بهذه الصورة، وعدم قدرته على التواصل معه نتيجة لهذا الاختلاف في الرؤية.

إعلان

ومن الناحية البصرية، دمج الفيلم بين المناطق الطبيعية التي صُور فيها بمنطقة شمال أيرلندا، والمؤثرات البصرية بشكل مميز، بعيدا عن فجاجة أفلام ديزني المعتادة.

"كيف تروض تنينك؟" يُعلم جمهوره المستهدف، وهم محبو السلسلة الأصلية التي مر على أول أفلامها حوالي 15 عاما، ورضي هؤلاء بالفيلم الذي يُحاكي الجزء الأول، لكنه بصورة أكثر إنسانية.

كما حصل الفيلم على تقييمات إيجابية بشكل عام من النقاد، وحقق إيرادات 456 مليون دولار عالميًا، ليصبح سادس أعلى الأفلام إيرادا عام 2025. ومن المقرر إصدار جزء تكميلي مبني على الفيلم الثاني في الثلاثية عام 2027.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق