لطالما ارتبطت هونغ كونغ، مدينة الأحلام الواقعة على ساحل الصين الجنوبي ومركز المال والأعمال في جنوب وشرق آسيا، في مخيلة وأذهان الناس بالثراء الفاحش، حيث ناطحات السحاب العملاقة وأشكال الحياة المترفة.
والحقيقة أن هذه الصورة لم تأت من فراغ، فبحسب تقرير عدد المليارديرات لعام 2024 الصادر عن شركة ألتراتا، يعيش في هونغ كونغ 107 مليارديرات على الأقل (يمتلك كل منهم ثروة تساوي أو تتجاوز مليار دولار)، ما يضعها في المرتبة الثانية من حيث عدد المليارديرات في العالم خلف نيويورك.
بينما أفادت صحيفة "بيزنس إنسايدر" عام 2019 أن واحدا من كل سبعة من سكان البلاد (البالغ عددهم 7.5 ملايين نسمة) هو عضو في قائمة المليونيرات (بثروة تتجاوز مليون دولار)، ما يجعل المدينة تتفوق على نيويورك وطوكيو وباريس من ناحية نسبة فاحشي الثراء فيها.
إذا ألقيت نظرة على تلك المدينة من قمتها فستجد هؤلاء الأثرياء في قصورهم الكامنة في أحيائهم المنعزلة -مثل "ذا بيك" و"ووتر باي"- غارقين في شتى أشكال المتع والرفاهيات، وينفقون أموالهم على اقتناء المنازل الفاخرة والرهانات في سباقات الخيل ويتناولون أفخر أنواع الأطعمة، ويشترون أثمن المجوهرات، ويظهرون في الشوارع بسياراتهم الفارهة مثل "بورش" و"فيراري" و"لامبورغيني".
بل إن بعض هؤلاء الأثرياء -بحسب إيلين فونغ التي عملت مديرة تسويق وعلاقات عامة في "فيراري" بهونغ كونغ- يطلبون تصميمات حصرية لسياراتهم تعكس أسلوبهم وطبيعة شخصياتهم وذوقهم الذي يرونه فريدًا، فهم يريدون أن يتميزوا حتى عن أقرانهم الآخرين من الأثرياء.
لكن هذه ليست هونغ كونغ، أو على الأقل ليست كل هونغ كونغ. في تقرير مصور لشبكة "بي بي سي" البريطانية قبل أسابيع، توغلت الصحيفة إلى قاع مدينة الثراء الفاحش لترصد ظاهرة مهملة وسط التركيز الشديد على مظاهر الرفاهية والبذخ السائدة: أكثر من 200 ألف شخص يسكنون ما يمكن تسميتها "توابيت"، إذ يعيش الشخص إما في قفص أو في بيت تبلغ مساحته 6 أقدام، ينام فيه ويضع فيه كل متعلقاته، ويتشارك "دورة المياه" مع 20 شخصًا آخرين.
إعلان
ففي ظل سيطرة أباطرة المال على قطاع العقارات، وتجاوز متوسط سعر الشقة 18 ضعف متوسط دخل الأسرة في المدينة، يعاني عدد متزايد من البشر للحصول على مسكن لائق في أغلى مدينة بالعالم من حيث تكاليف السكن على مدار سنوات متتالية.
المفارقة أن هذا التفاوت الطبقي الهائل لا يأخذ حقه من الاهتمام حين يتم تناول شؤون هونغ كونغ، حتى في معرض تحليل واستشكاف أسباب معدلات التعاسة المتزايدة والإحباط المتفاقم في المدينة. فوفقا لمؤشر السعادة العالمي لعام 2024، حصلت هونغ كونغ على 5.63 من أصل 10 نقاط، ما يضعها في المرتبة 86 عالميا، متخلّفة حتى عن العديد من الدول الممزقة بالحروب والصراعات.
هذه المستويات القياسية للتعاسة والاكتئاب في المدينة الثرية لم تفشل في إثارة انتباه المراقبين الغربيين الذين طالما تغنوا بالمميزات التي توفرها هونغ كونغ لساكنها، بما يشمل الامتيازات الديمقراطية الفعالة، والإدارة عالية الكفاءة، والمؤسسات القانونية المتينة، وبالطبع الحياة المترفة (للكثيرين).
لكن البروفيسور توبي كارول، وهو أستاذ مشارك بجامعة هونغ كونغ، ومتخصص في الشؤون السياسة والاقتصادية بقارة آسيا يقول: إن التحليلات الغربية ليست وحدها هي التي تفشل في إدراك الروابط العميقة بين النخب السياسية والاقتصادية وبين المناخ التعيس في المدينة.
ويجادل كارول، أن مواطني المدينة أنفسهم حين كانوا يخرجون في مظاهرات غاضبة لم يدركوا طبيعة المشكلة العميقة التي تشكل غضبهم. ووفقا له، فإن هونغ كونغ التي تسوّق نفسها للعالم دومًا بطريقة وردية باعتبارها بيئة أعمال عالية الجودة ويسودها الاحتكام إلى القانون الصارم، تشهد في الواقع تدهورًا حادا منذ عقود، وإن أزمتها الحقيقية تكمن في طبيعة سياستها واقتصادها ومجتمعها نفسه، أكثر من أي عوامل أخرى.

أكثر من نصف السكان يعانون من الاكتئاب!
في دراسة أجريت عام 2024 تحت قيادة البروفيسورة شيرلي لي شيويه، من كلية الطب بجامعة هونغ كونغ، وهي الدراسة الأولى من حيث كونُها نمذجة اقتصادية لمشكلة نفسية مثل الاكتئاب، كشفت النتائج أن هونغ كونغ من المرجح أن تواجه عبئًا مستمرًا ومتزايدا من حالات الاكتئاب بين عامي 2023 و2032 (على مدار عقد كامل تقريبا).
أكثر من ذلك، توقعت الدراسة أن يصاب 20% من المكتئبين بما يُسمى "الاكتئاب المقاوم للعلاج"، وهو الحالة التي يظل فيها الشخص دون تحسن رغم خضوعه لمختلف أنواع العلاجات النفسية.
وقد توقعت تلك الدراسة التي نشرتها مجلة "ذا لانسيت" الطبية الدورية -وهي من أشهر الدوريات الطبية وأقدمها- أن تتجاوز كلفة التعامل مع الاكتئاب في المدينة 2.5 مليار دولار سنويًا، مؤكدة أن الاتجاهات الحالية للصحة النفسية في المدينة مقلقة في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية، ومن ثم ينبغي أن يتم التعامل مع المشكلة من خلال نهج متعدد الاختصاصات، لا عبر المقاربة الصحية النفسية فقط.
وبحسب بحث أجرته منصة "إتش كي وي كير" (HK.WeCare) عام 2024، وهي منصة تعمل في مجال الأبحاث الاجتماعية المتعلقة بالسعادة في هونغ كونغ تحت مظلة مؤسسة "ووفو سوشيال إنتربرايز"، فإن أكثر من 20% من سكان المدينة يعانون من أعراض اكتئاب متوسط، بينما يعاني أكثر من 35% من السكان من أعراض اكتئاب أكثر عنفًا، وذلك بعد مسح اجتماعي أجرته المؤسسة على 1093 شخصا بالغا من المدينة.
إعلان
وقال أكثر من 10% من الذين شاركوا فيه إنهم يشعرون باليأس والاكتئاب والإحباط بشكل يومي، وهي الأمور التي دفعت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" -ومقرها هونغ كونغ- إلى القول في نهاية عام 2024 إن أكثر من نصف سكان المدينة يعانون من أعراض الاكتئاب، وإن نسبة الاكتئاب بلغت أعلى ذروة لها منذ 7 سنوات حين جرى أول استطلاع لقياس مؤشر السعادة في المدينة، ورُصدت أكثر النتائج سوءا في الشريحة العمرية بين 35 و44 عاما، أكثر من غيرها من الشرائح.
وقد خلصت معظم استطلاعات الرأي والدراسات التي حاولت استكشاف أسباب تزايد معدلات التعاسة وحالات الاكتئاب المرضي في المدينة التي تروج لنفسها باعتبارها مدينة الثراء؛ خلصت إلى أن الاقتصاد يظل دافعا رئيسيا وراء تعاسة السكان، لذلك لا عجب أن معظم التحليلات والتعليقات ركزت على هذا الملف في محاولتها توصيف المشكلة والبحث عن حلول لها.

فنجد على سبيل المثال، الأستاذ المساعد بكلية التمريض في كلية توغ واه، سيمون تشينغ، يعبّر عن شعوره بالمفاجأة من مستوى التعاسة التي يدفعها التشاؤم الاقتصادي رغم أن الأرقام الكلية لاقتصاد المدينة لا تشير إلى مشكلة كبيرة، فيقول لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" إن مؤشر السعادة في فنلندا يبلغ 7.89 من 10، بينما يقف في هونغ كونغ عند 5.63 فقط، رغم أنه لا يوجد فارق كبير في الإمكانيات الاقتصادية بين فنلندا وهونغ كونغ، بل إن اقتصاد مدينته يؤدي بشكل أفضل حسب رأيه.
ويستكمل الأستاذ الجامعي اندهاشه من الفرق الهائل في مستوى التعاسة والسعادة بين مدينته وبين بلدان تحقق أرقاما أقل على مستوى المؤشرات الاقتصادية، قائلا إن الناتج المحلي الإجمالي لفنلندا في عام 2023 بلغ 300 مليار دولار، بينما بلغ في مدينته خلال العام نفسه 382 مليارا، ومع ذلك يشعر الناس في هونغ كونغ بكل تلك التعاسة.
على جانب آخر، يشخص سياسي وسطي في هونغ كونغ يدعى تيك شي يوين -وهو عضو بالمجلس التشريعي للمدينة- يشخص مشكلة ارتفاع مستويات الاكتئاب بسرعة ويقول إنها تكمن في أن الاكتئاب مرض معدٍ، وهو ما يتسبب في استشراء تلك الحالة التعيسة ذات التأثير الخطير للغاية، بحسب تعبيره.
ومن ثم يقدم تيك حلًا سريعًا بعد تشخيصه العاجل، فيقول إن الحكومة عليها أن تستمع لمختلف الآراء الاقتصادية، وأنها لو استطاعت على المدى القصير أن تحل العجز في ميزانيتها، فإن الناس سيستعيدون الثقة والسعادة والتفاؤل.
لكن ماذا لو كانت هناك مشكلة أخرى أكثر عمقًا هي ما أنتجت تلك التعاسة وهذا الوضع البائس؟ وماذا لو كانت الأرقام الإيجابية الكلية لاقتصاد المدينة تخفي تحت السطح حقائق أخرى تدفع الناس -وخاصة الشباب منهم- إلى الشعور بالتشاؤم والسوداوية؟
اللامساواة.. الداء الذي يتجاهله الجميع
لقد سبق أن نوهت العديد من الصحف، ومنها صحيفة الغارديان في عام 2019، إلى أن العديد من سكان المدينة المشهورة بالثراء الفاحش يختبرون ضروبا من المعاناة الاقتصادية والاجتماعية. وبحسب ما نقلته الصحيفة البريطانية فإن إحصاءات عام 2016 كشفت أن 1.35 مليون من قاطني المدينة التي يبلغ عدد سكانها 7.5 ملايين، يعيشون تحت خط الفقر، وتزيد النسبة إلى 32% بين صفوف السكان الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما، بما يعني أن هناك معاناة خاصة يعيشها الكبار بعد سن العمل.
نفس الأرقام تقريبا تعكسها الإحصاءات الأحدث، ففي سبتمبر/أيلول 2023 أصدرت منظمة أوكسفام "تقرير الفقر في هونغ كونغ 2023″، الذي خلص إلى أن معدل الفقر الإجمالي تجاوز 20% في الربع الأول من ذلك العام، مع وجود أكثر من 1.36 مليون يعيشون في فقر، ويعني ذلك أن قرابة خُمس سكان المدينة المشهورة بثرائها لا يكادون يعرفون أي شيء عن الثراء.
إعلان
ويقودنا ذلك إلى مفارقة لافتة هي أن ارتفاع نسبة الفقراء في هونغ كونغ كان حقيقة واقعة حتى في السنوات التي كانت الحكومة تحقق فيها فائضا في الموازنة قبل جائحة كورونا، كما في عام 2018 الذي حققت فيه الحكومة فائضا نقديا يعادل 17.6 مليار دولار وأنفقت جزءا كبيرا منه في صورة توزيعات نقدية على محدودي الدخل والشباب وربات البيوت والمتقاعدين.
حدث ذلك أيضا في ظل حقائق اقتصادية تقول إن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في المدينة كان -ولا يزال- من بين الأعلى في العالم (المرتبة 24 عالميا وفق بيانات 2023)، ويتجاوز دولا مثل ألمانيا وفنلندا وكندا وفرنسا وبريطانيا. وبينما تحرك الحكومة خط الفقر للتلاؤم مع المتغيرات الاقتصادية والتضخم المستمر، تزداد أعداد الفقراء باطراد.

وقد بلغ خط الفقر عام 2024 في حالة الأسرة المكونة من فرد واحد 5000 دولار محلي (637 دولارا أميركيا)، وفي حالة الأسرة المكونة من فردين عند 11.3 ألف دولار محلي (1440 دولارا أميركيا)، وفي حالة الأسرة المكونة من 3 أفراد عند 25.2 ألف دولار محلي (3200 دولار أميركي). وتشير أوكسفام إلى ارتفاع أعداد الفقراء في المدينة خلال العام نفسه إلى 1.39 مليون، بزيادة 30 ألفا تقريبا في عام واحد فقط.
وبالنسبة لكبار السن، يبدو أن الوضع يصبح أكثر سوءا، إذ رصدت أوكسفام زيادة عدد كبار السن الفقراء في المدينة (من تزيد أعمارهم عن 65 عامًا) إلى 580 ألفا، وهو بحسب المنظمة يمثل زيادة حادة بلغت 42.9%، مقارنة بأرقام الفقراء من كبار السن في عام 2019.
كما زاد تعداد الأسر الفقيرة التي تضم أفرادا من كبار السن بنسبة 50% عما كان عليه الوضع في عام 2019. ويلفت تقرير أوكسفام أيضا إلى أن مشاركة كبار السن بين القوى العاملة في هونغ كونغ تعد محدودة للغاية، إذ بلغت نسبتها 13.9%، بينما تصل النسبة إلى 22% في النرويج، و25% في الصين.
يمكننا إذن مع مثل تلك الأرقام أن نفهم بعض الشيء لماذا يسود التشاؤم من المستقبل والتعاسة في تلك المدينة المزدهرة ظاهريا، وكلمة السر هنا هي "اللامساواة"، فبحسب "مركز ستانفورد لاقتصاد الصين ومؤسساتها"، حدث شيء كبير في مدينة هونغ كونغ التي تسوّق باعتبارها نموذجًا يُحتذى به خلال الأعوام 40 الماضية، إذ انخفضت حصة الحد الأدنى من الأجور لنصف السكان من 18.7إلى 11.6%، في حين ارتفعت حصة الأجور التي يحصل عليها أغنى 1% من السكان من 10.7 إلى 16.3%.
وبينما كان إجمالي ثروة أغنى 0.001% من السكان يمثل 17% من دخل المدينة أواخر الثمانينيات، بات الآن يعادل 55% من الدخل، وهذه الحصة لتلك الفئة الضئيلة جدًا من المجتمع هي أكبر من أي دولة أخرى في العالم، بل إن تلك النسبة تمثل 10 أضعاف فرنسا على سبيل المثال.
توضح بيانات منظمة أوكسفام أرقامًا حديثة مشابهة لنفس النمط، فمتوسط الدخل الشهري لأغنى 10% من الأسر في عام 2024 تجاوز 131 ألف دولار محلي، وهذا يمثل زيادة قدرها 10% عن دخلهم في عام 2019 قبل جائحة كوفيد-19، في حين بات دخل أفقر 10% من السكان منذ عام 2019 أقل بنحو 82 ضعفًا من دخل الفئة الأغنى خلال العام 2024، بعدما كان أقل بحوالي 35 ضعفًا قبل الجائحة.
تقدم هونغ كونغ نفسها باعتبارها دولة رأسمالية، لكن الواقع أن البعض يرونها -ومعهم الكثير من الحجج- دولة قائمة على الاحتكارات أكثر من التنافسية الرأسمالية، إذ إن 4 عائلات تسيطر على قطاع العقارات شديد الأهمية في البلاد. وقد استفادت نخب الأثرياء من سياسات المدينة التي لطالما اعتمدت على خفض الضرائب وبيع الأراضي المملوكة لها لنخبة ملاك العقارات.
وبحسب استطلاعات مركز ستانفورد لاقتصاد الصين ومؤسساتها، فإن العديد من السكان في المدينة باتوا يدركون النفوذ القائم لدى نخب المال والأعمال ذات السلطة غير المتناسبة في الهيئات التشريعية والحكومية والذي يعمق من "اللامساواة" بحسب المركز، بينما يحاول بعض النشطاء الاجتماعيين دائمًا التأكيد على فكرة أن حكومة المدينة يتعين عليها القيام بإجراءات أكثر دقة لمكافحة الفقر المدقع فيها، ومواجهة حقيقة "اللامساواة" المستشرية، وألا يتم التركيز فقط على أرقام النمو الاقتصادي الجذابة.
وختاما، ربما يتعين الالتفات إلى المشكلة التي أشار إليها البروفيسور توبي كارول بشأن عدم وعي الشباب في المدينة بجذور مشكلة مدينتهم، وهو ما يجعلهم يخرجون في مظاهرات رافعين صور الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، ويرفضون أي شعارات أو أفكار ذات رؤى تطالب بإعادة توزيع الدخل أو المساواة، وكأنهم يعتقدون أن تلك الأفكار هي أفكار صينية بالضرورة ومعادية للاستقلال والديمقراطية، في حين أن نخبة المال والعقارات في المدينة تمتلك علاقات جيدة مع الصين.
ويرجع توبي الأمر إلى النزعة الفردية وأساطير النجاح التي يُربى عليها الأفراد في هونغ كونغ منذ نعومة أظافرهم، وهو الأمر الذي يجعلهم يرون دائمًا نماذج رجال الأعمال الناجحين الذين يملكون أكثر مما يملكه نصف سكان المدينة؛ باعتبارهم قصصًا ورموزًا ناصعة وأمثلة تُحتذى، وليست علامة على علل ينبغي مواجهتها بكل قوة وحزم.
إعلان
0 تعليق