قريبًا.. تأشيرة خليجية موحدة تُعيد رسم تجربة السائح وتفتح آفاقًا للتكامل السياحي - هرم مصر

سبق 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تم النشر في: 

02 يوليو 2025, 9:15 مساءً

في تصريحٍ رسمي يحمل بُعدًا استراتيجيًا واضحًا، أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الأستاذ جاسم البديوي، أن مشروع التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة بات في مراحله النهائية، وأن الإعلان عنه سيكون قريبًا. وقد أوضح أن إدارات الجوازات في الدول الأعضاء تبذل جهودًا قيمة للانتهاء من الترتيبات التنظيمية والإدارية، تمهيدًا لإطلاق هذا المشروع الحيوي، وذلك وفق ما نُقل عنه اليوم عبر تقارير إعلامية.

وبحسب ما ورد في تصريح الأمين العام لمجلس التعاون، فإن العمل قائم على قدمٍ وساق لإطلاق هذه التأشيرة خلال الفترة القريبة المقبلة، ما يجعل من النصف الثاني لعام 2025 أو مطلع 2026 موعدًا محتملًا لولادة هذا التحول الكبير. وإذا ما تحقق ذلك، فإن دول الخليج ستكون على أعتاب مرحلة جديدة من التكامل العملي الحقيقي، وسيكون السائح أول الرابحين.

الحلم يقترب

يمثل هذا الإعلان لحظة فارقة في مسار التكامل الخليجي، ليس فقط على المستوى التنظيمي، بل في إعادة تعريف شكل الخليج كوجهة سياحية واحدة، تتمتع بتنوع جغرافي وثقافي وتجربة موحدة يمكن للسائح أن يخوضها دون أن يشعر بالحواجز التقليدية بين الدول.

التأشيرة الخليجية من المتوقع ألا تكون نسخة مكررة من "شنغن" الأوروبية، بل تجربة نابعة من خصوصية الخليج، تقوم على تشابه كبير في اللغة والثقافة والبنية التحتية والهوية، مما يجعلها أكثر قابلية للتنفيذ، وأكثر قدرة على تقديم تجربة مترابطة بعمق للمسافرين.

تجربة مختلفة

جوهر هذه التأشيرة لا يتمثل فقط في إلغاء الحواجز الإدارية، بل في خلق تجربة تنقّل حرة وموحدة بين ست دول، دون الحاجة إلى تعدد الطلبات أو التنقل بين منصات مختلفة أو أنظمة تأشيرات متباينة. إنها تأشيرة تعكس روح الخليج الواحد، وتضع السائح أمام شبكة من المدن والفعاليات والمعالم التي يمكن زيارتها بسهولة وسلاسة، بين دول الخليج الست ضمن تجربة واحدة سلسة ومترابطة.

أبعاد اقتصادية عميقة

الجدوى من المشروع لا تتوقف عند الجوانب الإدارية والتنظيمية، بل تنسحب إلى أبعاد اقتصادية وسياحية عميقة. من المتوقع أن تسهم التأشيرة الخليجية في رفع أعداد الزوار إلى المنطقة بنسبة قد تتجاوز 35٪ خلال أول عامين، خصوصًا من الأسواق الآسيوية والأوروبية. كما أن السماح بالتنقل بين عدة دول ضمن رحلة واحدة يرفع من متوسط مدة الإقامة للسائح، ويزيد من معدلات الإنفاق في مختلف القطاعات، ابتداءً من الضيافة، ومرورًا بالنقل، وانتهاءً بالخدمات الترفيهية والتجارية. وهذا بدوره سيحفّز الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويدفع بسوق الطيران الإقليمي للنمو، ويوسع نطاق الإشغال الفندقي ليشمل مدنًا خليجية جديدة غير تقليدية.

توافق دقيق

ومع أهمية المشروع، فإن تنفيذه يتطلب تنسيقًا دقيقًا بين وزارات الداخلية والجهات السياحية، بالإضافة إلى توافق تقني يربط بين منصات إصدار التأشيرات ويضمن خصوصية البيانات وأمن المسافرين. كما أن اختلاف التشريعات المحلية قد يفرض تحديات في مواءمة الإجراءات، وهو ما يمكن تجاوزه عبر صيغة تنظيمية مرنة تحترم السيادة وتُسهم في توحيد المعايير العامة.

ومن البوادر المشجعة والواعدة أن دول الخليج أصبحت اليوم أكثر نضجًا واستعدادًا لتنفيذ مثل هذا المشروع، بفضل ما تملكه من بنية تحتية رقمية متقدمة، وتجارب سابقة ناجحة في الربط الجمركي والمنافذ، وانفتاح سياسي حقيقي يدعم التوجهات التكاملية بعيدًا عن الحساسيات القديمة. فالتوقيت الآن مثالي، والمشهد الإقليمي يتسم بالاستقرار والانفتاح، والإرادة السياسية تبدو حاضرة وبقوة.

تجانس وتكامل

على خلاف نموذج شنغن الأوروبي الذي يربط دولًا مختلفة في اللغة والثقافة والتاريخ السياسي، فإن التأشيرة الخليجية تنطلق من أرضية متجانسة، ما يجعل التجربة أكثر طبيعية وسلاسة. السائح الذي ينتقل من مدينة خليجية إلى أخرى لن يواجه اختلافات جذرية في أسلوب الحياة أو التعامل، بل سيشعر بامتداد التجربة وتكاملها، مع تنوع محلي ثري في التفاصيل والمكونات.

وفي النهاية، لا يمكن اختزال هذا المشروع في كونه تسهيلًا لحركة السياح فقط، بل هو أحد أبرز مؤشرات النضج السياسي والاقتصادي الخليجي، ومحاولة جادة لبناء هوية إقليمية موحدة تُقدَّم للعالم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق