تمثل المشاريع الإسرائيلية الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مثل بناء الجدار العازل ونشر القوات العسكرية في الضفة الغربية، انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، وتمس بشكل مباشر بحقوق الشعب الفلسطيني الأساسية، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير والعيش بحرية وكرامة على أرضه.
رغم التبريرات الأمنية التي تُطرح لتسويق مشروع الجدار، فإن القانون الدولي يوضح موقفه بشكل لا لبس فيه. فقد أكدت محكمة العدل الدولية في فتواها الصادرة عام 2004 أن بناء الجدار داخل الأراضي الفلسطينية غير قانوني، ويمس بحقوق الفلسطينيين في التنقل والملكية والسكن، ويخالف اتفاقية جنيف الرابعة التي تحمي السكان المدنيين تحت الاحتلال.
في هذا السياق، يتواصل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي في الحديث عن "تهديدات إيرانية" مفترضة من الحدود الشرقية، لتبرير وجود عسكري على طول تلك الحدود. إلا أن هذه المزاعم لا تستند إلى خطر فعلي مباشر، وتثير تساؤلات قانونية حول شرعية أي انتشار عسكري دائم في منطقة لا تشهد نزاعًا مسلحًا، فالميثاق التأسيسي للأمم المتحدة يحظر استخدام القوة أو التهديد بها.
كما أن نشر ألوية عسكرية ضخمة لمراقبة الحدود، في ظل وجود تقنيات حديثة للمراقبة الجوية والإلكترونية، يثير تساؤلات حول الغاية الحقيقية من هذه الخطوات. إذ يُفترض أن تقتصر تدابير الاحتلال المؤقت على ما هو ضروري لحماية الأمن الفعلي، لا على ترسيخ سيطرة دائمة تنتهك الوضع القانوني للأراضي المحتلة، وهو ما تحذر منه اتفاقيات لاهاي وجنيف التي تنظم قواعد سلوك القوة القائمة بالاحتلال.
ومن أخطر المؤشرات في هذا السياق، إعلان غور الأردن من الجانب الفلسطيني "أراضي دولة"، وهو إجراء يندرج ضمن سياسات ضم تدريجي للأراضي الفلسطينية، رغم أن القانون الدولي يرفض أي تغيير في الوضع القانوني للأراضي المحتلة. وقد أكدت قرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك القرار 2334، أن جميع المستوطنات والأنشطة المرتبطة بها غير قانونية، وتشكل عقبة أمام السلام العادل والدائم. كما يحظر القانون الدولي الإنساني نقل السكان المدنيين التابعين للدولة المحتلة إلى الأراضي المحتلة، ويصنفه ضمن الجرائم الجسيمة.
في ضوء ما تقدم، فإن هذه السياسات، رغم ما تحمله من إدعاءات وتبريرات سياسية أو أمنية، فهي تشكل في مضمونها خرقًا للقانون الدولي، وتقوّض فرص تحقيق تسوية عادلة ومستدامة. ومن هنا، فإن مسؤولية المجتمع الدولي يجب ألاّ تقتصر على الإدانة، بل تتطلب تفعيل أدوات القانون والمُساءلة القانونية، وضمان احترام حقوق الشعب الفلسطيني المكفولة بموجب المعاهدات الدولية وقرارات الشرعية الدولية، بوصفها حجر الأساس لأي حل حقيقي وعادل للصراع.
0 تعليق