حين يمتزج المجد الكروي بالموقف الإنساني.. قصة المنتخب الذي أهدى كأس العالم لفلسطين عام 1982 - هرم مصر

رؤيه نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تضامن خارج الملعب.. رسالة لفلسطين

لا تقتصر كرة القدم على الأهداف والبطولات، فهي تحمل في طياتها مواقف إنسانية ووقفات تضامن تسجّل في الذاكرة أكثر من لحظة التتويج نفسها، ومن أبرز هذه المواقف، ما حدث في عام 1982، عندما أهدى منتخب إيطاليا فوزه بلقب كأس العالم للشعب الفلسطيني، في موقف رمزي عبّر فيه "الآزوري" عن تضامنه مع القضية الفلسطينية.


أقيمت النسخة الثانية عشرة من بطولة كأس العالم في إسبانيا، وشهدت منافسة شرسة بين كبار القارة الأوروبية وأمريكا الجنوبية، وبينما كانت الأنظار تتجه إلى منتخبات مثل الأرجنتين، ألمانيا الغربية، والبرازيل، خرج المنتخب الإيطالي بقيادة المدرب إنزو بيرزوت من الظل ليكتب فصلًا جديدًا في تاريخ كرة القدم العالمية.

تألّق المنتخب الإيطالي بقيادة الأسطورة باولو روسي، الذي سجّل ستة أهداف في البطولة، ليقود بلاده نحو النهائي الحلم، وفي مواجهة قوية أمام ألمانيا الغربية، انتصر الآزوري بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، ليُتوّج بلقب كأس العالم للمرة الثالثة في تاريخه، بعد لقبي 1934 و1938.

لكن البطولة لم تُسجّل في الذاكرة فقط بسبب الأداء الفني المذهل، بل لأنها اقترنت بموقف إنساني نبيل من لاعبي المنتخب الإيطالي، فبعد نهاية المباراة النهائية والتتويج باللقب، عبّر لاعبو إيطاليا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، حيث أهدوا فوزهم بكأس العالم لفلسطين، في رسالة علنية حملت بُعدًا رمزيًا كبيرًا.

هذا الموقف جاء في وقت كانت فيه القضية الفلسطينية تتصدّر المشهد العالمي، بالتزامن مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان وما تبعه من مآسٍ إنسانية، أبرزها مجازر صبرا وشاتيلا التي وقعت في سبتمبر من نفس العام.

مونديال 1982.. بطولة من نار ودموع
بطولة كأس العالم 1982 لم تخلُ من لحظات مؤثرة وإنسانية، فقد جاءت في سياق دولي مشحون سياسيًا وإنسانيًا، حيث كانت أخبار الاجتياح الإسرائيلي للبنان تملأ الصحف العالمية، وكانت مأساة الشعب الفلسطيني مادة رئيسية في النشرات الإخبارية، وهو ما جعل موقف المنتخب الإيطالي يأخذ صدًى واسعًا ويعطي البطولة بعدًا إنسانيًا عميقًا.

لم تكن لفتة الآزوري مجرد تصريح عابر، بل أكّدت على العلاقة الخاصة التي تربط الشعب الإيطالي بالقضية الفلسطينية، وهو موقف شعبي ورسمي ظل حاضرًا في الشارع الإيطالي لعقود، تجلّى في مواقف جماهير الأندية الإيطالية، ولافتاتهم في المدرجات، ورسائلهم التضامنية التي لا تزال تظهر حتى اليوم.

الرياضة والموقف الإنساني.. عندما تنتصر الأخلاق
تاريخ كرة القدم مليء بالمواقف المشرفة التي تعكس أن الرياضة ليست بمعزل عن معاناة الشعوب، وأن كرة القدم يمكن أن تكون أداة للتعبير عن الموقف الإنساني، كما فعل لاعبو إيطاليا في 1982، حين أدركوا أن لحظة تتويجهم لا تكتمل إلا بتوجيه رسالة تضامن لأولئك الذين حُرموا من أبسط حقوقهم.

منصات التتويج ليست فقط للذهب
يُجمع المتابعون والرياضيون أن منصات التتويج لا يجب أن تقتصر على رفع الكؤوس والميداليات، بل هي فرصة لتسليط الضوء على معاناة الآخرين وقضاياهم العادلة، تمامًا كما فعل المنتخب الإيطالي، الذي أثبت للعالم أن العظمة الحقيقية لا تُقاس فقط بعدد الأهداف، بل بمدى الإحساس بالآخر.

ورغم مرور أكثر من أربعة عقود على تلك البطولة، إلا أن رسالة منتخب إيطاليا لفلسطين لا تزال تُذكر في التاريخ الرياضي كأحد أسمى مظاهر التضامن، وتبقى تلك اللحظة مثالًا على أن الرياضة يمكن أن تتجاوز حدود الملعب، وتصل إلى عمق القضايا التي تمسّ الإنسانية جمعاء.

إخترنا لك

0 تعليق