رغم انقسام الاستخبارات الأميركية.. لماذا قرر ترامب ضرب إيران؟ - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

واشنطن- لم يكن من المألوف أن يجتمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وسط عطلة نهاية الأسبوع أمس السبت، في غرفة العمليات بالبيت الأبيض مع مجلس الأمن القومي، للمرة الرابعة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على إيران، إلا إذا كانت هناك حاجة استثنائية.

وهذا ما كان، إذ كانت قاذفات "بي 2" على بعد أقل من ساعة من أهدافها المختارة بدقة في إيران، حيث حملت هذه القاذفات 6 قنابل من نوع "جي بي يو 57" التي يتخطى وزن كل منها 30 ألف رطل، ويقدر خبراء عسكريون أن لديها أفضل فرصة لإلحاق الضرر بمنشأة تخصيب اليورانيوم في فوردو.

ورغم تأكيد ترامب النجاح في استهدف 3 مواقع نووية في إيران، بما في ذلك فوردو ونطنز وأصفهان، فإنه من المبكر الحكم على تأثير الهجمات على المنشآت الإيرانية.

تخبط استخباراتي

خلال الأيام الماضية، كان ترامب قد تواصل مع كبار معاونيه لاستشارتهم حول الانضمام والمشاركة بالهجمات الإسرائيلية على إيران، لكن دون حسم قراره، إذ قال يوم الخميس الماضي إنه "سيقرر في غضون أسبوعين ما الخطوة الأميركية القادمة".

ورغم مطالبة ترامب إيران بالاستسلام الكامل والتخلي عن البرنامج النووي، لم تظهر إيران إلا التحدي، وفشلت مباحثاتها مع وزراء خارجية كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا على حلحلة الوضع، بعد تأكيد إيران أنها لن تنهي تخصيبها من الوقود النووي، وأنها لن تدخل في محادثات مع الولايات المتحدة ما لم توقف إسرائيل هجماتها.

ثم جاءت الهجمات الأميركية، رغم الانقسام الكبير في تقديرات أجهزة الاستخبارات الأميركية حول قدرات ونوايا إيران النووية، إذ ظهرت إلى السطح -خلال الأيام الماضية- عمق الاختلافات الحادة بين التقييمات الإسرائيلية والأميركية حول القدرات النووية الإيرانية.

كما أظهر ترامب أيضا عدم الثقة في مجتمع الاستخبارات الخاص به، بما في ذلك مديرة المخابرات الوطنية الخاصة به تولسي غابارد، حيث غابت أكبر مسؤولة استخباراتية أميركية عن اجتماعات غرفة العمليات في البيت الأبيض، وهو ما يمثل استثناء لمنصب يشرف على 22 جهازا استخباريا ومؤسسات أمنية أميركية منها "إف بي آي" و "سي آي إيه".

إعلان

وعندما سُئل ترامب عن شهادة غابارد أمام الكونغرس، والتي ذكرت فيها أن الولايات المتحدة قيّمت أن إيران لا تتجه لتصنيع سلاح نووي، قال ترامب بشكل قاطع إنها "مخطئة".

وعلى النقيض، أشارت تقارير إلى تأكيد مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف لعدد من كبار معاونيه، أنه يعتقد أن إيران تعمل بنشاط من أجل بناء سلاح نووي بشكل سريع جدا.

وأرجع راتكليف تقديره إلى ما اعتبره جهودا إيرانية متسارعة لتكديس مخزونات من اليورانيوم عالي التخصيب، وتصنيع صواريخ باليستية يمكن من خلالها إطلاق سلاح نووي.

وبعد فترة وجيزة من حديث ترامب، انقلب موقف غابارد، وانتقدت وسائل الإعلام، ونشرت على موقع "إكس" تغريدة قالت فيها "لدى أميركا معلومات استخباراتية تفيد بأن إيران في نقطة يمكنها فيها إنتاج سلاح نووي في غضون أسابيع إلى أشهر" وأضافت "لقد كان الرئيس ترامب واضحا أن هذا لا يمكن أن يحدث، وأنا أتفق معه".

FILE PHOTO: A U.S. Air Force B-2 Spirit Stealth Bomber (C) is flanked by 4 U.S. Marine Corps F-35 fighters during a flyover of military aircraft down the Hudson River and New York Harbor past York City, and New Jersey, U.S. July 4, 2020. REUTERS/Mike Segar/File Photo
طائرات "بي-2" التي استخدمتها الولايات المتحدة في قصف مفاعل فوردو (رويترز)

ترامب خدع الإيرانيين

وأثناء إفادة بالبيت الأبيض حضرتها الجزيرة نت، مررت المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت رسالة مباشرة من الرئيس الأميركي، جاء فيها "بناء على حقيقة أن هناك فرصة كبيرة لإجراء مفاوضات قد تحدث أو لا تحدث مع إيران في المستقبل القريب، سأتخذ قراري بشأن إيران خلال الأسبوعين المقبلين".

وفي الوقت ذاته، لم تتوقف الدوائر الإسرائيلية واليهودية في واشنطن للترويج لسرديتين على مدار الأسبوع الأخير منذ بدء الهجمات الإسرائيلية على إيران:

أولهما: أن الحملة الإسرائيلية والهجمات الجوية والصاروخية على إيران مبنية على حقيقة غالبا ما يغفلهما تيار "ماغا" الانعزالي -حسب وصفهم- وهي أن الحكومة الإيرانية مصممة على امتلاك أسلحة نووية ولا يمكن ردعها أو إقناعها بفعل خلاف ذلك. والثانية: أن على إدارة ترامب وجوب مساعدة إسرائيل على تدمير منشأة فوردو النووية، من أجل "تقصير الحرب، ومنع التصعيد الأوسع نطاقا، وإنهاء التهديد الرئيسي لاستقرار الشرق الأوسط" الذي تشكله إيران، وأن إيران المسلحة نوويا ستشكل أكثر من مجرد تهديد للشعب الإسرائيلي ودولته، ويمكن أن تصل صواريخها إلى عواصم الخليج وأوروبا.

ودفعت هذه السردية للتأكيد على أنه بتدمير منشأة فوردو، سيخلق الرئيس ترامب توازنا جديدا في الشرق الأوسط، ويعيد تأسيس القيادة الأميركية، وستركز الضربة فقط على القضاء على برنامج الأسلحة النووية الإيراني، ولكن يجب أن تكون مصحوبة برسالة واضحة: أنه إذا حاولت إيران استهداف الولايات المتحدة أو حلفائها الخليجيين، فإنها ستخاطر بالقضاء على نظامها.

ونجحت إسرائيل في إقناع ترامب بنقطة غيرت مسار حساباته، ودفعته لتبني الخط الأحمر الإسرائيلي ذاته بشأن التخصيب الصفري لليورانيوم الإيراني، حيث كان السبب الوحيد وراء انطلاق الدبلوماسية مع إيران في البداية هو أن الخط الأحمر الأصلي لترامب كان عدم التسلح، مما يعني أن إيران يمكن أن تستمر في تشغيل برنامج نووي مدني، لكن طرقها نحو التسلح سيتم عرقلتها.

إعلان

لكن ترامب غير الأهداف في منتصف المحادثات التي مثله فيها المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، واعتمد الخط الأحمر الإسرائيلي الذي صممته إسرائيل لخلق مأزق في المحادثات وتمهيد الطريق للعمل العسكري.

وكان الرئيس ترامب قد أبلغ سرا عن قراره بقصف المواقع النووية الإيرانية بعد اجتماعه مع مستشاري الأمن القومي يوم الأربعاء الماضي، ثم أشار البيت الأبيض يوم الخميس إلى نافذة مدتها أسبوعان و"فرصة كبيرة للتفاوض" مع إيران، والتي يبدو أنها كانت خدعة تهدف إلى طمأنة الإيرانيين.

ففي فجر اليوم الأحد، قال ترامب للشعب الأميركي بعد قصف الأهداف النووية داخل إيران "لقد أتممنا هجوما ناجحا جدا استهدف 3 مواقع نووية في إيران، بما في ذلك في فوردو ونطنز وأصفهان، لقد باتت الطائرات كلها خارج المجال الجوي الإيراني".

وأضاف "تم إسقاط حمولة كاملة من القنابل على الموقع الرئيسي في فوردو، والطائرات في طريق عودتها إلى الوطن بأمان الآن، نهنئ محاربينا الأميركيين العظماء، إذ ما كان أي جيش آخر في العالم ليتمكن من إتمام هذه المهمة. حان وقت السلام الآن! شكرا لاهتمامكم بهذه المسألة".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق