حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش من التداعيات الخطيرة لانسحاب فنلندا وبولندا ودول البلطيق من معاهدة حظر الألغام المضادة للأفراد (اتفاقية أوتاوا).
ورأت أن هذه الخطوة تمثل انتكاسة كبرى وتهدد أرواح المدنيين وتضعف منظومة القانون الدولي الإنساني.
وأعلنت فنلندا، مطلع أبريل/نيسان الأخير، عزمها الانسحاب من المعاهدة، في قرار ينتظر إقراره النهائي بالبرلمان، في حين تسعى بولندا لاتخاذ خطوات مماثلة "لتعزيز قدراتها الدفاعية" على خلفية التوترات الأمنية في أوروبا الشرقية.
وكانت برلمانات إستونيا ولاتفيا وليتوانيا قد أيدت مؤخرا الانسحاب الجماعي من المعاهدة، في مؤشر على تآكل الالتزام الإقليمي تجاه اتفاقيات نزع السلاح، وفق "رايتس ووتش".
وأشارت الكاتبتان ماري ويرهام، نائبة مدير قسم الأزمات والصراعات في "هيومن رايتس ووتش"، ولورا لودينيوس، المديرة التنفيذية لاتحاد السلام الفنلندي، في مقال مشترك، إلى أن الانسحاب من معاهدة حظر الألغام يمثل "تخليا عن أحد أهم الأعمدة الأخلاقية والإنسانية في الأمن الدولي".
وشددتا على أن "المسوغات الأمنية لا تبرر العودة لاستخدام أسلحة تعجز عن التمييز بين المدنيين والعسكريين".
ووفق الخبيرتين، فإن الألغام المستخدمة في أوكرانيا منذ 2022، سواء وُضعت يدويا أو أُسقطت عبر المدفعية أو الطائرات المسيّرة، أدت إلى سقوط آلاف المدنيين، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 85% من ضحايا الألغام في 2023 كانوا مدنيين، بينهم نسبة كبيرة من الأطفال.
وحذرت الكاتبتان من أن "العودة لإنتاج واستخدام الألغام المضادة للأفراد لن توفر أمنا حقيقيا، بل ستضاعف من المخاطر التي تحيق بمدنيي المنطقة، وتلحق أضرارا بالغة بسمعة هذه الدول والتزاماتها أمام المجتمع الدولي".
وفي بولندا، أثار إعلان نائب رئيس الوزراء عن نية بلاده استئناف إنتاج وتخزين الألغام قلقا واسعا في أوساط حقوق الإنسان.
إعلان
أما في فنلندا، فقد أعربت شركة الدفاع "إنستا" عن استعدادها لدخول سوق إنتاج الألغام والذخائر البديلة في حال استكمال الانسحاب الرسمي من المعاهدة.
ورغم ادعاء الشركة التزامها بالقانون الدولي عبر تطوير أجهزة تفجير يتحكم بها الإنسان (وليس الضحية)، إلا أن الحقوقيين يرون أن ذلك لا يقلل الأخطار الطويلة الأمد على المجتمعات المحلية.
وأكدت ويرهام ولودينيوس أن الدول المنسحبة "لن يكون لها بعد اليوم صوت أو تأثير في الإطار العالمي لتحقيق عالم خالٍ من الألغام"، وحذرتا من أن "سلسلة الانسحابات الراهنة قد تدفع باتجاه منحدَر خطِر يؤدي إلى تراجع الالتزام العالمي بمعايير القانون الإنساني، وإضعاف قدرة المجتمع الدولي على حماية المدنيين في النزاعات".
0 تعليق