الاستراتيجية الألمانية في أفريقيا: خفايا النفوذ الاقتصادي والسياسي (تقرير)

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الاستراتيجية الألمانية في أفريقيا: خفايا النفوذ الاقتصادي والسياسي (تقرير), اليوم الجمعة 1 نوفمبر 2024 09:49 مساءً

الاستراتيجية الألمانية في أفريقيا: خفايا النفوذ الاقتصادي والسياسي (تقرير)

نشر في الشروق يوم 01 - 11 - 2024

2332012
عند مناقشة التدخل الخارجي في القارة الأفريقية من قبل القوى الكبرى، يتبادر إلى الذهن بشكل فوري أسماء مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الصين وروسيا. لكن لم يُسلط الضوء على الدور الخارجي لألمانيا في أفريقيا خلال السنوات الماضية، حيث قدمت نفسها كرائدة في المشاريع الاقتصادية، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، متجنبة الانخراط في الصراعات السياسية أو الأطماع.
ولهذا، لم تحظَ ألمانيا، التي تُعتبر عملاق الاقتصاد الأوروبي، بالاهتمام الكافي من وسائل الإعلام والمحللين، رغم كونها لاعباً خفياً في صراع النفوذ في القارة السمراء، كما يشير بعض الخبراء. وقد حرصت برلين على مدار الأعوام السابقة عدم لفت الانتباه إلى تحركاتها في إفريقيا قبل أوانها، كما لجأت إلى عدة أساليب لإخفاء تواجدها وخططها في القارة.
وهذا ما أكده الباحث السياسي والخبير في الشؤون الإفريقية عطاف محمد مختار في حديث صحفي ، مشيراً إلى أن برلين وضعت استراتيجية شاملة للتواجد في القارة الإفريقية بأساليب مختلفة ومن خلال الدول الشريكة والشركات العابرة للحدود. وبحسب مختار، حاولت ألمانيا بشكل دائم إظهار علاقتها بالدول الإفريقية بأنها مقتصرة على الزيارات الدبلوماسية الرسمية ومؤتمرات القمة ومراكز التعاون الاقتصادي، والوساطة لحل الخلافات السياسية، وأبرزها كان المؤتمر الرسمي في عامي 2021 و2022 للتشاور حول الحلول للأزمة الليبية. بدوره أكد الباحث السياسي المتخصص بالعلاقات الأوروبية الأفريقية عاصم محمد عبد السلام بأن ألمانيا حاولت استغلال تواجد العديد من المنظمات المدنية والإنسانية والاقتصادية الألمانية في خدمة هذا الملف، عبر التخفي وراء أهداف معلنة كتطوير التعاون الاقتصادي مع أفريقيا.وأبرز تلك المنظمات جمعية الأعمال الألمانية الأفريقية ومنتدى الأعمال الألماني الأفريقي، بالإضافة للمجلس النرويجي للاجئين الذي تدعمه برلين لنفس السبب.
وحول سبب إخفاء المانيا خططها السياسية والأمنية في أفريقيا، أكد عبد السلام بأن لذلك عدة أسباب، أبرزها رغبة برلين في عدم اثارة انتباه وقلق المنافسين الشرسين لها على النفوذ في القارة السمراء وأولهم منافستها الرئيسية في أوروبا فرنسا يليها إيطاليا، ثم الدول الأخرى. ثانياً لا تريد برلين أن تثير انتباه أصدقائها المباشرين من الدول الأخرى الراغبة بالتواجد والتعاون مع الدول الأفريقية. وبالوقت نفسه تسعى ألمانيا لإخفاء هذه السياسة عن الداخل الألماني لتجنب الحاجة إلى تنسيق السياسة والخطط الاستراتيجية عبر المؤسسات الرسمية. ثالثاُ وبحسب عبد السلام، فإن السبب الرئيسي لتوجه ألمانيا نحو القارة السمراء هو أطماعها الاقتصادية وخاصة بملف الطاقة، بالإضافة لتاريخ ألمانيا الأسود في ذهن الشعوب الأفريقية.
و بعد الحرب الروسية – الأوكرانية التي أثرت كثيراً على حاجة برلين من امدادات الطاقة، بدأت ألمانيا باتخاذ استراتيجية أكثر جدية في التعامل مع أفريقيا، ووضعت خطط استراتيجية لمشاريع كبيرو في القارة السمراء. كما شرعت بالتنسيق مع الحكومة الإيطالية حول بناء خط أنابيب لنقل الغاز والهيدروجين بين البلدين. وفي 2024، وقعت ألمانيا وإيطاليا وسويسرا اتفاقية للتعاون في تطوير شبكة لنقل الهيدروجين من جنوب البحر الأبيض المتوسط إلى المنطقة الشمالية. ويؤكد عبد السلام أن التقاء مصالح برلين وروما في موضوع الحصول على إمدادات الطاقة من القارة السمراء عبر ليبيا دفعهم للتعاون والتنسيق، ولكن في الواقع هناك تنافس كبير بينهم. ووفقاً لعبد السلام فإن ألمانيا تنسق حتى مع تركيا صاحبة النفوذ المتنامي في أفريقيا، على الرغم من العلاقات المتوترة بينهما ظاهريًا، حيث تحتل تركيا بنشاط مكانة فرنسا في منطقة الصحراء والساحل، وبعد انسحاب الوحدات العسكرية الفرنسية من النيجر ومالي وبوركينا فاسو، فضلاً عن ضعف نفوذها في تشاد، سارعت تركيا إلى تقديم الدعم لهذه الدول في ضمان الأمن وتزويدها بالأسلحة المتطورة.
أما بالنسبة لألمانيا، يعد تقليص منطقة نفوذ فرنسا فرصة لعرقلة محاولاتها في تجاوز ألمانيا في قيادة السياسة الخارجية والعسكرية للاتحاد الأوروبي.
وحول إمكانية استمرار التعاون بين المتنافسين قال الباحث بالشؤون الأفريقية سامي عبد الحميد، بأنه في الوقت الحالي التنافس بين الدول المتدخلة بالشؤون الأفريقية على أشده، وحتى لو تم التعاون بين دولتين بشكل او اخر فسوف يصطدم بالنهاية باختلاف المصالح الاقتصادية أو السياسية لهما.
وأِشار عبد الحميد بأن، السياسة الألمانية الحالية ستواجه لاحقاً مقاومة شرسة من قبل الإيطاليين والفرنسيين والأتراك حتى لو جرت بعض التفاهمات بينهم حالياً، وهذا الصراع على النفوذ لا شك أنه سيعود بالضرر على الشعوب والدول الأفريقية بالدرجة الأولى، الذين يعوون ذلك، ولن يسمحوا للألمان أن يعوداً لدورهم الريادي في الاتحاد الأوروبي على حساب حياتهم واقتصادهم وأمنهم ولقمة عيشهم.

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق