قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي العراقي - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عادت الزوارق التراثية إلى مدينة البصرة جنوبي العراق، لتجوب مجددا أنهار البلاد، في إطار مبادرة محلية تحمل اسم "مشروع الموروث الملاحي"، تهدف إلى إحياء التراث الملاحي الذي ارتبط بحضارات وادي الرافدين منذ آلاف السنين.

وقاد متطوعون وسكان محليون زوارق تقليدية مجددة باستخدام المجاديف، في استعراض مستوحى من تصاميم تعود إلى العصور السومرية والبابلية، ضمن فعاليات ثقافية تهدف إلى تسليط الضوء على هذا الإرث المنسي.

قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي العراقي
القوارب التراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي العراقي، في إطار مبادرة "مشروع الموروث الملاحي" (الجزيرة)

وقالت هبة جودة، المتطوعة في نادي البصرة للموروث الملاحي، إن "هذا المكان اختير لإبراز أهمية القوارب الملاحية القديمة، وإعادة إحيائها بعد أن اندثرت منذ زمن بعيد. كانت هذه القوارب تستخدم وسائل نقل خلال الحقبتين السومرية والبابلية، لكننا لم نعد نراها اليوم. من هنا جاءت المبادرة لتعريف الناس بها مجددا وتعزيز الوعي بأشكال النقل القديمة".

وقد أسس المشروع عام 2017 بهدف إعادة بناء نماذج من القوارب التي استخدمت في الحضارات العراقية القديمة، استنادا إلى مخطوطات ونصوص تاريخية تم توثيقها في عدد من المصادر المتحفية والبحثية.

وتعرض بعض هذه النماذج التراثية في متحف البصرة الحضاري، المعروف سابقا باسم المتحف الوطني في المدينة، بينما تستخدم القوارب الأخرى التي تم ترميمها فعليا في أنشطة نادي الموروث الملاحي بالبصرة، حيث تتاح للراغبين في خوض تجربة الملاحة التراثية.

قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي العراقي
بعض النماذج التراثية في متحف البصرة الحضاري (الجزيرة)

عودة التراث إلى الحياة

وعبّر المواطن البصري نوفل عبد الحسن عن فخره بهذا المشروع قائلا: "أنا -بوصفي مواطنا بصريا عراقيا- أفتخر برؤية مثل هذه المشاريع التراثية تعود إلى الحياة. بمجرد أن نصعد على زورق من نوع مشحوف، نشعر بسعادة غامرة، وكأننا نعيش في زمن السومريين. فهؤلاء كانت لهم حضارة عظيمة، والسومريون، والبابليون، والأكاديون هم جذورنا، وعلينا أن نعيد هذا التاريخ مجددا".

إعلان

وحتى اليوم، أنتج المشروع نحو 100 زورق تراثي في مختلف المحافظات العراقية، بدعم من عدة مؤسسات ثقافية دولية، منها صندوق الحفاظ على الموروث، والمجلس الثقافي البريطاني، والتحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع، وبتعاون وثيق مع مركز المخطوطات والتراث البصري.

وقال الفنان التشكيلي العراقي رشاد نزار سليم، المشرف على المشروع: "القوارب في حضارات وادي الرافدين لعبت دورا لا يقل أهمية عن الزراعة في نشوء الحضارات، سواء في مجالات التجارة أو التواصل أو الحياة اليومية. لكن بفعل الحروب، اندثرت هذه القوارب وغابت عن الذاكرة الشعبية".

وأضاف: "منذ عام 2017 بدأنا تسجيل ومعاينة ما تبقى من هذا الموروث، واكتشفنا أن هناك من لا يزالون يعملون في هذا المجال، أو ينحدرون من أسر عرفت بصناعة القوارب. وتمكنا من إعادة تصنيع عدد من الزوارق، أبرزها القوارب الداخلية المستخدمة في الأنهار، مثل الكفة الدائري الشكل، والمشحوف، والعسبية المشهور في مدينة هيت، الذي كان يستخدم لنقل مادة القير من محافظة الأنبار إلى جنوب العراق".

قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي العراقي
القوارب المستخدمة اليوم تعود في جذورها إلى العهد السومري (الجزيرة)

القوارب في حضارات الرافدين

من جهته، أوضح ماجد البريكان، مدير مركز المخطوطات والتراث البصري، أن "بعض أنواع القوارب المستخدمة اليوم تعود في جذورها إلى العهد السومري، لكنها اندثرت تدريجيا بمرور الزمن، في حين ظهرت أنواع أخرى لاحقا كانت شائعة في جنوب العراق، لكنها بدورها اختفت".

وتابع قائلا: "من خلال هذه المبادرة، نحاول إحياء تلك القوارب أولا على شكل نماذج فنية مصغرة، ثم بأحجامها الطبيعية. على سبيل المثال، تظهر بعض الألواح السومرية أنواعا مختلفة من القوارب، من بينها المشحوف، وهو ما زال يستخدم حتى اليوم في مناطق الأهوار، وتحتفظ به بعض القبائل والعشائر الجنوبية التي طورت أنماطا خاصة بها في صناعته. لذا، نرى أنواعا متعددة من المشاحيف تنسب إلى أسماء تلك القبائل".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق