"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المستمر على غزة - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:


واصلت "الأيام" نقل مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ورصدت استمرار جرائم الاحتلال في القطاع، مع التركيز على نقل أبرز القصص التي توثق المعاناة الإنسانية، مع رصد تطورات العدوان في ظل الحرب الإيرانية الإسرائيلية.
ومن أبرز المشاهد الجديدة التي رصدتها "الأيام" مشهد يرصد تغيّراً في شكل هجمات الاحتلال على القطاع منذ عدة أيام، ومشهد آخر يُوثق تزايد الأعباء الملقاة على النساء، ومشهد ثالث تحت عنوان: "زراعة الخيام تنتشر مُجدداً".

 

تغيّر في الهجمات
شهدت الأيام القليلة الماضية تغيراً ملحوظاً في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بما يشمل تراجع الغارات الجوية والقصف المدفعي في قلب القطاع، وتراجعاً في العمليات البرية وانسحابات جزئية للدبابات، خاصة من وسط وغرب خان يونس، في المقابل تصاعدت عمليات استهداف المواطنين شرق القطاع، وفي محيط مراكز التوزيع، ما أبقى حصيلة الشهداء مرتفعة.
ولأول مرة منذ تجدد العدوان في الثامن عشر من آذار الماضي، تراجع تحليق الطائرات بصورة ملحوظة في أجواء قطاع غزة، خاصة المُسيّرات، التي اختفت من أجواء القطاع معظم فترات النهار.
كما تمكّن بعض المواطنين من الوصول إلى منازلهم في مناطق السطر الغربي، والكتيبة، وسط وغرب خان يونس، حيث أكدوا أن المناطق المذكورة خالية تقريباً من الدبابات، وتتعرض لقصف مدفعي بين الفينة والأخرى، في حين تطبق طائرات مُسيّرة على الأجواء بشكل كامل، وتطلق النار وتسقط قنابل باتجاه المواطنين.
وأكد شهود عيان أن دبابات وآليات مُدرعة كان جرى حشدها وتجميعها على تخوم محافظتي خان يونس ووسط القطاع، بدأت تتراجع، وتنسحب وتتجه إلى عمق المناطق داخل الخط الأخضر.
وعزا مواطنون ما يحدث إلى انشغال دولة الاحتلال في حربها مع إيران، وانشغال الطائرات الحربية والمُسيّرة في صد الهجمات الإيرانية، والقيام بهجمات على الأراضي الإيرانية، وهذا أدى إلى تغيّر أساليب العدوان على القطاع، وتركزها على المناطق الشرقية.
وقال المواطن ياسر سرحان، من سكان محافظة خان يونس، جنوب القطاع، إن الجميع لاحظوا تراجعاً في حدة العدوان، وسحب وحدات عسكرية من معظم المناطق، موضحاً أن انشغال دولة الاحتلال بالحرب الجديدة أشغلها عن غزة، وهذا أدى إلى تراجع حدة الحرب على غزة.
وأعرب سرحان عن اعتقاده بأنه وكلما زادت حدة الحرب مع إيران، واتسع نطاقها ستخف الحرب على غزة، وسيضطر الاحتلال إلى سحب المزيد من القوات، وتخفيف طلعات الطائرات فوق غزة، وهناك توقعات بهدوء أكبر للوضع في القطاع خلال الفترات الماضية.
وكان جيش الاحتلال أعلن أنه سحب بعض ألويته من داخل قطاع غزة ونقلها إلى الضفة، منها لواء "الناحال"، الذي كان يعمل في شمال القطاع.
من جهته، أشار المواطن ياسر منصور، إلى أن الحرب على إيران تنعكس بكل تأكيد على غزة، وهناك جانبان لهذه التأثيرات منها ما هو إيجابي، مثل تراجع الهجمات، وتخفيف القوات في القطاع، ومنها ما هو سلبي ويشمل انشغال العالم عن غزة، ونسيان قضيتها، بحيث باتت الأنظار كلها منصبة على تطورات الحرب في إيران، حتى وسائل الإعلام العربية والدولية منشغلة في تغطية الحرب الجديدة، وهذا يؤدي إلى تراجع الاهتمام بقضية غزة، وربما يمنح إسرائيل فرصة لتنفيذ المزيد من جرائم التجويع والحصار، بعيداً عن الأضواء، وهذا أمر يعتبر سيئاً.

 

تزايد الأعباء على النساء
أدى تدهور الأوضاع في قطاع غزة، وانتشار المجاعة، إلى إضافة أعباء جديدة وثقيلة على كاهل النساء من مختلف الأعمار، بحيث أُجبرن على القيام بمهام جديدة، غالبيتها قاسية.
وبات الكثير من الفتيات والسيدات مُجبرات على التوجه إلى مراكز المساعدات الأميركية جنوب ووسط القطاع، رغم ما يحمله ذلك من خطر كبير عليهن، حيث يقطعن مسافات طويلة سيراً على الأقدام، ويزاحمن الرجال، من أجل الحصول على صندوق يحوي بعض المواد الغذائية.
ويومياً يصل إلى المستشفيات العديد من السيدات ما بين شهيدات وجريحات، إذ يتم استهدافهن من قبل جيش الاحتلال المتواجد داخل وفي محيط مراكز المساعدات المذكورة.
كما انتشرت مؤخراً ظاهرة البائعات المتجولات في الأسواق، وبين مخيمات النازحين، وهن فتيات وسيدات فقدن معيلهن، وأجبرتهن الظروف القاسية على العمل، إذ تبيع بعضهن المساعدات التي حصلن عليها في المراكز الأميركية، وأخريات يبعن الماء المبرّد، وبعضهن يبعن الخضراوات، خاصة التوابل الورقية، مثل البقدونس، والنعناع.
وإلى جانب ذلك، امتهن الكثير من السيدات مهنة تجهيز الخبز بواسطة أفران الطين، رغم المشقة والخطورة الكبيرة لهذه المهنة، التي تتطلب منهن الجلوس أمام الفرن المشتعل لساعات، واستنشاق الدخان الخطير.
وإضافة إلى كل ما ذكر، تتحمل بعض الفتيات وحتى الطفلات مشقات أخرى، ربما لا تقل صعوبة عن سابقاتها، إذ يقفن في طوابير طويلة أمام "تكايا" الطعام، التي ما زالت تعمل في القطاع، بهدف الحصول على القليل من الطعام، ويواجهن معاناة كبيرة، ويقفن وسط الزحام والتدافع، وقد يتعرضن لسكب الطعام الساخن عليهن، وهي حوادث تكررت كثيراً في الفترات الماضية.
وقالت الفتاة "صفاء" (17 عاماً)، إن عائلتها تعاني من جوع شديد، فوالدها فُقد شمال القطاع قبل أكثر من عام، ونزحت عائلتها للجنوب، وجميع أشقائها الذكور صغار، ووالدتها مصابة ولا تستطيع التحرك والمشي بشكل جيد، وهي باتت مُجبرة على توفير الطعام لعائلتها، ووجدت في مراكز المساعدات الأميركية فرصة للحصول على الطعام، لذلك تتوجه إلى هناك كل يوم، وفي بعض الأيام تتحرك عند الرابعة فجراً.
وأكدت أنها تواجه مخاطر ومشقة كبيرة، فالحصول على صندوق أمر بالغ الصعوبة، وحمله مسافة طويلة أمر صعب أيضاً، والأصعب من ذلك كله الحفاظ على الصندوق في رحلة العودة، فالبلطجية يهاجمون الضعفاء لسرقة ما جلبوه، والنساء هن الأضعف، والأكثر عرضة للهجمات.

 

زراعة الخيام تنتشر مُجدداً
بعد عودة مئات الآلاف من النازحين إلى المخيمات، وإنشاء عشرات الآلاف من الخيام، خاصة في مواصي خان يونس، عادت ظاهرة زراعة الخيام وانتشرت مُجدداً، إذ سعى غالبية النازحين إلى زراعة خيامهم بالخضراوات المُختلفة، التي توفر لهم بعض الاحتياجات، ولو بالحد الأدنى.
وزرع قاطنو الخيام خضراوات موسمية، مثل البندورة، والقرع، والنعناع، والبامية، والملوخية، وغيرها، وقضوا وقتاً طويلاً في رعاية مزروعاتهم، على أمل أن تمنحهم بعض الخضراوات المفقودة.
وبيّن المواطن إبراهيم ربيع أنه حاول التغلب على غلاء أسعار الخضار وشحّها في الأسواق، عبر زراعة محاصيل ونباتات موسميّة، وفّرت له ولأسرته بعض الغذاء في أيام النزوح الطويلة.
وأوضح أنه وزع الزراعة ما بين أحواض صغيرة، ومعلبات فارغة، للتغلب على ضيق المساحة، ووضع عشرات المعلبات في كل منها نوع مختلف من النباتات، ويرعاها بشكل يومي، فالأمر لم يعد مجرد هواية أو تسلية، فالخضراوات المذكورة باتت مصدر غذاء لعائلته.
ولفت ربيع إلى أنه ولمواجهة قلة المياه يستغل المياه المتبقية من الأعمال المنزلية ويوفرها لمزروعاته رغم قلتها.
وشجّع المهندس والخبير الزراعي نزار الوحيدي على الزراعة المنزلية، وزراعة الخيام، في ظل فقد الخضراوات، وتشديد الحصار، موضحاً أنه بإمكان من لا يمتلكون مساحة، بالزراعة في القوارير، وحتى في معلبات المواد الغذائية الفارغة، وشدد على أهمية الزراعة المنزلية في توفير الخضراوات، التي يفتقدها الأطفال، خاصة أنها تحتوي على قائمة طويلة من الفيتامينات، خاصة فيتامينات A-B-C، وسكر اللاكتوز المتوفر في الفواكه، والجميع محرومون من هذه العناصر حالياً.
وتسبَّبت الحرب في تضرر وتدمير أكثر من 95% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة، من بينها 71.2% من البساتين والأشجار المثمرة، ما خلق عجزاً كبيراً في كميات الفواكه والخضراوات التي ينتجها القطاع.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق