دبي: عمرو يسري
تواصل حلول ومنصات التقسيط الرقمية «اشترِ الآن وادفع لاحقاً» في دولة الإمارات النمو على حساب الحلول الائتمانية التقليدية لتصبح خياراً مفضلاً لدى شريحة كبيرة من سكان الدولة، مدفوعة بطلب متزايد من جيل رقمي يسعى للابتعاد عن الفوائد أوالرسوم، ويفضل الحلول السريعة والمرنة عبر تطبيقات الهواتف والأجهزة الذكية. وأكد خبراء ل «الخليج» أن حلول ومنصات «اشترِ الآن وادفع لاحقاً» لم تعدْ ظاهرة عابرة في السوق الإماراتي، بل أصبحت لاعباً مهماً يعيد تشكيل مشهد تسديد دفعات المشتريات، مشيرين إلى أن دخول البنوك سباق التحديث الرقمي وتزايد وعي المستهلك سيعزز ولادة نماذج تمويلية جديدة، تجمع بين البساطة والشفافية.
أضاف الخبراء أن صعود منصات التقسيط الرقمية في الإمارات بات ضمن الأدوات الذكية التي تستجيب لعادات استهلاكية جديدة يقودها الشباب، دون فوائد أو تعقيدات إدارية.
في الوقت ذاته حذر الخبراء من الاستخدام غير المنضبط لهذه الأدوات في الإنفاق على الكماليات أو ما يتجاوز القدرة المالية للمستهلك.تحول التقسيط الرقمي
يرى الدكتور جمال السعيدي، الخبير الاقتصادي في شؤون المستهلك، أن التوسع اللافت في استخدام منصات مثل «تابي»، «تمارا»، «سبوتي»، و«بوست باي» يعكس تحولاً في سلوك المستهلك بالإمارات، وليس مجرد بديل تمويلي.
ويقول: لم تعد البطاقات الائتمانية تحتكر التمويل الشخصي، إذ توفر منصات التقسيط مرونة حقيقية للمستهلكين، دون فوائد، وبإجراءات سريعة عبر الهاتف المحمول.
ويضيف: «الشباب يمثلون النسبة الأكبر من مستخدمي هذه المنصات، ويعتبرونها أكثر شفافية وملاءمة للشراء عبر الإنترنت، مقارنة بالتعقيدات المرتبطة بالبطاقات التقليدية من حيث الرسوم، التوقيعات، والموافقات البنكية».
وتوقع السعيدي أن توسع هذه المنصات سيعيد رسم ملامح سوق الائتمان، خاصة مع دخولها في شراكات مع متاجر التجزئة ومزودي الخدمات التعليمية والطبية، لكنه حذر في الوقت ذاته من ضرورة تنظيم هذه السوق الصاعدة، لضمان حماية المستهلك وتقييم القدرة الائتمانية بشكل مسؤول.
المستهلك الرابح
ترى عواطف الهرمودي، الخبيرة المصرفية، أن هذه المنصات لا تشكل حالياً تهديداً مباشراً للبطاقات البنكية، بسبب محدودية حدود الإنفاق وعدم امتلاكها لقاعدة بيانات ائتمانية قوية أو انتشار عالمي.
وأضافت، إذا استمرت في تلبية احتياجات السوق، ورفعت حدود الإنفاق، فستتحول بالتأكيد إلى منافس شرس، خاصة بعد خضوعها لإشراف تنظيمي محلي ودولي.
وتشير عواطف الهرمودي إلى أن البنوك ستضطر حينها إلى تقديم مزايا أكبر وتخفيض الرسوم، للحفاظ على قاعدة عملائها. في النهاية، المستهلك هو الرابح من هذه المنافسة.
البساطة والشفافية
يؤكد خبير مصرفي، فضّل عدم ذكر اسمه، أن هذه التطبيقات تتفوق على البطاقات الائتمانية في البساطة والشفافية، خاصةً لجيل الشباب.
ويضيف: هي لا تعتمد على سجل بنكي تقليدي، بل على سلوك المستهلك، وهو ما يجعلها أكثر قرباً من احتياجات المستخدم المعاصر.
ويشير إلى أن المتاجر الإلكترونية باتت تعتمد عليها كأداة مبيعات، إذ ترفع معدلات إتمام الشراء بنسبة تفوق 20%. لكنه حذر من استخدامها لشراء الكماليات المتكررة، ويرى أن البنوك بدأت بالفعل بإعادة تصميم منتجاتها لمجاراة هذا التحول، وقد نشهد خلال عامين حلولاً تمويلية هجينة تجمع بين المرونة الرقمية والضمانات المصرفية.
شراكات تسويقية ذكية
من جانبه، يؤكد إبراهيم البحر، خبير التجزئة ومدير شركة البحر للدراسات، أن هذه المنصات حققت نقلة نوعية في سلوك المستهلك، وساهمت بوضوح في رفع حجم المبيعات في قطاعات واسعة، من الأثاث وصيانة السيارات إلى المراكز التجارية والمتاجر الإلكترونية.
ويقول: نجاحها يكمن في الشراكات التسويقية الذكية، وسهولة الاشتراك والاستخدام عبر الهاتف، مقارنة بتعقيدات البطاقات البنكية». ويتوقع البحر أن تزداد وتيرة انتشارها، خاصة مع تحوّل التجارة الإلكترونية إلى النمط السائد. لكنه يشدد على أهمية الوعي المالي للمستهلك، ومعرفة الالتزامات الشهرية مسبقاً لتفادي الوقوع في دوامة الإنفاق غير المحسوب.
تجربة مريحة وآمنة
ويعكس رأي المستخدمين تحوّلاً واضحاً في تفضيلات التمويل الشخصي، حيث تقوّل سارة رشدي، موظفة، إنها كانت تعتمد على بطاقتها الائتمانية في كل مشترياتها، لكنها توقفت عن استخدامها بعد تجربة ناجحة مع أحد تطبيقات التقسيط لشراء جهاز إلكتروني.
وتقول: «قسّمت المبلغ إلى أربع دفعات دون فوائد أو مستندات معقدة، وكانت تجربة شفافة وسريعة، خلافاً لما كنت أواجهه مع البطاقات من رسوم تجديد وفوائد مبهمة».
ويشير أحمد عادل، محاسب، إلى أنه أصبح يستخدم هذه التطبيقات لشراء احتياجاته دون انتظار الراتب.
ويؤكد أن هذه التطبيقات تعزز الانضباط المالي بفضل حدود الإنفاق المنخفضة، مما يحفز المستهلك على الشراء ضمن إمكانياته. ويضيف يوسف علي، مهندس: منذ بدأت استخدام أحد هذه التطبيقات، لم أعد أحتاج إلى بطاقتي الائتمانية، الإجراء أسرع، لا توجد فوائد، والرسوم واضحة.
خدمة تمويل للمستهلكين
«اشترِ الآن وادفع لاحقاً» (Buy Now، Pay Later - BNPL) هي خدمة تمويل تسمح للمستهلكين بشراء السلع أو الخدمات الآن ودفع ثمنها على أقساط في وقت لاحق. عادةً ما تتضمن هذه الخدمة ثلاثة أطراف: المستهلك، التاجر، ومقدم خدمة الدفع BNPL. يقوم مقدم الخدمة بدفع ثمن المشتريات للتاجر نيابة عن المستهلك، ثم يقوم المستهلك بسداد المبلغ على أقساط محددة.
وكان مصرف الإمارات المركزي أصدر إطاراً جديداً لتنظيم التسهيلات الائتمانية القصيرة الأجل، ضمن نظام شركات التمويل المعدل، لمواكبة التحول العالمي في الاتجاهات المالية لسلوك المستهلكين، والإقبال المتزايد على الخدمات والمنتجات الائتمانية «اشتر الآن وادفع لاحقاً».
وبموجب أحكام الإطار الجديد، يمكن توفير الائتمان القصير الأجل من خلال المؤسسات التي تعمل كوكلاء للبنوك أو شركات التمويل المرخّصة. كما يمكن للمؤسسات ممارسة هذا النشاط، وذلك عقب ترخيصها من المصرف المركزي كشركات تمويل محدودة التراخيص.
ويتعيّن على المؤسسات التي تمارس الأنشطة الائتمانية القصيرة الأجل دون ترخيص المصرف المركزي وترغب في مواصلة نشاطها التقدم بطلب الترخيص كشركات تمويل محدودة التراخيص، أو كشريك مع بنك أو شركة تمويل مرخصة من المصرف المركزي.
0 تعليق