د. عبد العظيم حنفي*
دراسات اقتصادية أمريكية تتحدث عن وجود مكان في مهنة الاقتصاد، للتحقق من الاضطراب، والاتجاه لقياس مدى قوة ما حدث، منذ عام 1990، وحدوث مسار آخر للرأي، معزول عن الملاحظة والانتباه اليومي، وعن نظام الحوافز في المهنة، ومنوط به مسؤولية إدارة مخزون المعرفة الاقتصادية والإضافة إليه، وفي فترة الخمسينيات من القرن الماضي، كان هناك العديد من الاقتصاديين الرياضيين في السوق، ولكن اختار «بول صامويلسون ( 15 مايو/ أيار 1915 - 13 ديسمبر/ كانون الأول 2009)، رجالاً من ذوى الخلفيات العملية، وذلك للتماشي مع برنامج الاقتصاد الكلى للثورة الكينزية.
مهمة الـ« تفعيل» تلك، سرعان ما أدت إلى إنتاج أسلوب متميز لمعهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا، سلسلة من نماذج التوازن العام لظواهر متعددة مثل سلوك الادخار، أسواق العملة والأسواق المالية، والنمو الاقتصادي، والدين الحكومي، والبطالة، والتضخم.
كانت ترتيبات الربط بين المفاهيم واقتصاد الولايات المتحدة، إلى حد كبير، تتمّ في هذا المعهد في كامبريدج، خلال السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية. أما القسم الاقتصادي لهارفارد في الناحية الأخرى من المدينة الصغيرة، فقد كان يناضل من أجل البقاء. وعندما تنافست هارفارد مع المعهد بشراسة على اصطياد كينيث آرو، (1921 – 2017) (حصل على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عام 1972)، اختار آرو هارفارد، ربما ببساطة لأن آرو جذبته ببساطة فكرة أن يكون جزءاً من جامعة عظيمة وعريقة؛ حيث سيكون زملاؤه هم مجموعة من المؤرخين والفلاسفة والعلماء الكلاسيكيين، بدلاً من العلماء والمهندسين، أو ربما كانت «الرؤية الداخلية» في المعهد عن المكونات الحقيقية للاقتصاد كانت ببساطة مقيدة له بشدة. ويمكن أن يكون السبب في أنه اختار هارفارد؛ لأن وجوده مع «بول صامويلسون» تحت نفس السقف، هو أمر مخالف لمعايير الكفاءة. كان كلاهما نجماً، ولكنهما كانا شديدي الاختلاف، وكان يمكن أن يطفئ كل منهما بريق الآخر. على أي حال، كان المعهد مازال موجهاً لتدريس الإدارة الاقتصادية الحديثة، ويرجع الفضل لآرو في أن هارفارد وجدت طريقها مرة أخرى للعودة إلى السباق.
وقبل الحرب، كانت المراكز الرئيسية للتعليم هي قسم الاقتصاد في كامبريدج، ومدرسة لندن في الاقتصاد في إنجلترا، وجامعة هارفارد، وجامعة كولومبيا، وجامعة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية. والآن ظهر قطبان جديدان مسيطران، وكلاهما في العالم الجديد.
وكان لكل قسم قائد. كان صامويلسون وميلتون فريدمان (يوليو/تموز 1912- نوفمبر/ تشرين الثاني 2006)، (حاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد لسنة 1976). متنافسين وصديقين؛ حيث إنهما عرفا بعضهما منذ أن بدا مجالهما العلمي. وكان مزاجاهما شديدي الاختلاف، ولكنهما تشاركا في خصائص شخصين تطورت مواقفهما العلمية. كان كلاهما ملتزماً لما كنا نطلق عليه وجهة النظر الهندسية / السريرية. داخل حدود أقسامهما، اقترب قسماهما في أمور من طرفي الطيف المتعارضين. أكد الكينزيون في المعهد أن عيوب الاقتصاد الكلى كانت حقيقية وخطِرة على التنظيم والسياسة المالية. أما المعارضون للكينزية في شيكاغو، فقد أدانوا هذا «الضبط»، وقاموا بتدريس سحر السوق واحتمالية حدوث آثار ضارة عن محاولات التدخل. كان هذا بينما عمل المحدثون في الجامعات الأقل شهرة في البلاد، مثلهم مثل المقاتلين في أعالي التلال.
واستطاع آرو أن يخلق من الفراغ ما يعرف في المجال الـيـوم بـالخيار الاجتماعي. (وبدأ بالتحري عن سيطرة حملة الأسهم على الشركات الكبرى)، ثم توصل في «كولز» إلى عدة إثباتات حول وجود التوازن التنافسي، والتوصل لحلول للمشاكل المعقدة، التي أدت إلى تأكيد شديد الإفادة على الاتساق الداخلي لحدس «والراس» Walras، المتعلق بالعمل على جميع الأشياء في نفس الوقت، ثم استمر في العمل على إنتاج نظرية رسمية لعدم التيقن، والتي اتضح أن لها دلالة كبرى.
واستنتج أرو أن هناك سمتين غير اعتياديتين أثرتا في إنتاج المعرفة بنفس الطريقة. أول شيء أننا نعرف مدى صعوبة العمل، وفقاً للمعرفة الجديدة New Know - How. تلك المعرفة لم يكن من الممكن «امتلاكها»، بمعنى أن الشخص الذي خلقها ودفع من أجل الحصول عليها، لا يمكنه أن يتوقع أن ينتفع بها منفرداً، فالأفراد الآخرون سرعان ما سيعملون على تقليدها والانتفاع بها هم أيضاً.
وعلى الجانب الآخر، لا يمكنك أن تشترى قدراً ضئيلاً فقط من المعرفة، فهي الحديثة كانت «غير قابلة للتجزئة»، وبذلك فإن لها قدراً من التكلفة الثابتة التي يجب دفعها قبل أن يمكن التمتع بفوائدها. والأكثر من ذلك، أن الحاجة لتلك المعرفة في مواقف معينة كانت مستقلة عن حجمها، فيجب أن تدفع التكلفة كاملة، بغض النظر عما إذا كان قدر الاستفادة من تلك المعرفة كثيراً أم قليلاً.
شهد استخدام كلمة «الخفية» قدراً من الحيرة والاضطراب. تذكر أنه في المالية العامة يقال إن السلعة «غير قابلة للتجزئة»، إذا كان استخدام فوائدها متاحاً للجميع. الأمن القومي «غير قابل للتجزئة». وكذلك الحماية التي توفرها الشرطة، والإضاءة المنبعثة عن المنارة أو الإذاعة. بالنسبة إلى إدوارد تشامبرلين والعلماء الآخرين، الذين عملوا على نظرية الإنتاج، على أي حال، كان المعنى مختلفاً بقدر ضئيل. فالسلعة غير القابلة للتجزئة، كانت تعنى بالنسبة لهم تلك السلعة، التي إما أن تستخدم كلها أو تترك كلها. كان ذلك أمراً «صعباً».
لا يمكن أن تحصل على قدر ضئيل، بل يجب أن تدفع الثمن كاملاً قبل أن تستطيع أن تستخدم تلك السلعة ولو مرة واحدة. لا يمكن أن تحصل على قطعة أو نصف قطعة من المعرفة الحديثة، تماماً كما لا يمكنك أن تحقق أي استفادة من وجود نصف جسر. وكذلك مرة أخرى، بمجرد حصولك على السلعة، لا يوجد حد أقصى للمرات التي يمكنك استخدام السلعة فيها. وكانت تلك هي الميزة في «عدم القابلية للتجزئة»، وذلك وفقاً لرأى آرو، الذي أراد فيه القول إن الاستثمار في المعرفة يسير وفقاً لقانون «تزايد العوائد».
*كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية
[email protected]
0 تعليق