"الأيام" ترصد مشاهد جديدة توثّق معاناة المواطنين في غزة - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب محمد الجمل:

 

واصلت "الأيام" رصد المزيد من المشاهد من داخل قطاع غزة، مع استمرار التركيز على معاناة المواطنين، والأزمات التي تصاعدت مؤخراً.
ومن المشاهد التي رصدتها "الأيام"، مشهد بعنوان "ازدحام المواصي"، ومشهد آخر يُوثق المخاطر الصحية المترتبة على فقد الفواكه على الأطفال، ومشهد ثالث جاء تحت عنوان "الوقود الصناعي خطر داهم".

 

ازدحام المواصي

شهدت الأيام الماضية تدفق المزيد من النازحين على مناطق المواصي جنوب قطاع غزة، حيث فروا من بلدات شرق وجنوب وشمال خان يونس، ومن شرق المحافظة الوسطى.
وشهدت مناطق المواصي ازدحاماً كبيراً وغير مسبوق، إذ باتت كافة الأراضي الخالية ممتلئة بالخيام، بينما تشهد الشوارع حالة من الزحام الكبير، خاصة في منطقتَي "العطار"، و"الأقصى"، إضافة إلى مفترق "شارع 5".
ودفع الاكتظاظ الكبير بالنازحين في منطقة المواصي مئات العائلات للتوجه إلى شاطئ البحر، وإقامة خيام هناك، والعيش أمام الشاطئ، مستغلين فصل الصيف، وضعف الأمواج، خلافاً لما هو الحال عليه في فصل الشتاء، حيث كانت الأمواج تداهم خيامهم.
وقال المواطن حسن عرفات: إنه نزح مجدداً إلى منطقة مواصي خان يونس، بعد أن عاد إلى بيته شرق المحافظة خلال التهدئة الأخيرة، موضحاً أنه فوجئ بازدحام شديد وتكدّس للسكان في تلك المنطقة، يفوق بأضعاف ما كان عليه الحال في الأشهر السابقة.
وأشار إلى أن هذا التكدس خلق أزمات كبيرة، منها عدم توفر مساحات لإقامة الخيام، والضغط الكبير جداً على الخدمات الشحيحة، مثل المياه، والأخطر من ذلك أن قصف أي خيمة في المواصي يؤدي إلى سقوط عشرات الضحايا، بسبب تلاصق الخيام واكتظاظها.
ولفت إلى أن الازدحام تسبب بمشاكل صحية كبيرة، فالتقارب ينشر العدوى، ويزيد الأمراض، إضافة إلى انتشار آفات وحشرات خطيرة، منها حشرة البرغوث، التي يشكو منها الجميع.
وتُمثل منطقة المواصي نحو 3% من مساحة قطاع غزة بمساحة إجمالية تبلغ 12 ألف دونم، إذ يبلغ طول تلك المنطقة 12 كيلومتراً، بعرض كيلومتر واحد، وتتكون المنطقة من كثبان رملية، يطلق عليها محلياً "السوافي"، وهي عبارة عن رمال صحراوية بيضاء، تتخللها منخفضات زراعية خصبة غنية بالمياه الجوفية.
وتنقسم منطقة المواصي إلى منطقتين متصلتين جغرافياً، تتبع إحداهما لمحافظة خان يونس، وتقع في أقصى الجنوب الغربي من المحافظة، في حين تتبع الثانية لمحافظة رفح، وتقع في أقصى الشمال الغربي منها، والمناطق السكنية فيها محدودة، إذ لا تتعدى الوحدات السكنية نحو 100 بناء، وهي بالكاد تتسع للقاطنين الأصليين، فضلاً عن افتقار المنطقة للبنى التحتية والشوارع المرصوفة، وشبكات الصرف الصحي، وخطوط الكهرباء، وشبكات الاتصالات والإنترنت.

 

مخاطر فقد الفواكه على الأطفال

في ذروة المجاعة المستمرة، وإغلاق المعابر منذ أكثر من 3 أشهر، تواجه الغالبية الساحقة من سكان قطاع غزة نقصاً حاداً في الغذاء والماء في ظل إغلاق وحصار مطبقين، وانعدام شبه كامل للطعام.
وتزايدت شكاوى المواطنين من آثار المجاعة، حيث يُعاني عدد كبير منهم من ضعف عام، وإعياء شديد، وحتى من دوار يتسبب أحياناً بسقوطهم أرضاً.
ومن بين أهم الأطعمة المفقودة الفواكه بجميع أنواعها، إذ منع الاحتلال دخولها للقطاع، بالتزامن مع تدمير جميع البساتين التي كانت تُنتج كميات كبيرة من الفواكه في قطاع غزة.
واشتكى مواطنون من تردٍّ كبير في صحة أبنائهم، وصلت إلى حد إصابتهم المتكررة بالأمراض الناجمة عن سوء التغذية.
ووفق المواطن محمود زعرب، فإن أطفاله يعانون من أعراض الضعف والهزال، ووجوههم شاحبة، ويُحاول قدر المستطاع توفير ما يلزم من طعام لهم، في محاولة لإنقاذهم من الكارثة التي يعيشونها، مبيناً أنه يعلم جيداً أهمية الفواكه لهم، لكنها غير متوفرة، وما هو موجود في السوق ينحصر في البطيخ فقط، ويتم إنتاجه محلياً، وأصغر بطيخة قد يزيد ثمنها على 100 شيكل، وهذا أكثر بكثير من قدراته.
وأشار إلى أن الاحتلال وضع المواطنين في قطاع غزة بين خيارين، إما الموت جوعاً، وإما الموت بالرصاص والقذائف، "وكلها تخدم هدف الاحتلال الرئيسي في تحقيق أعلى قدر من الإبادة الجماعية".
بينما ذكر الخبير الزراعي، المهندس نزار الوحيدي، أن الخضراوات والفواكه تضم قائمة طويلة من الفيتامينات المهمة، وكذلك سكر اللاكتوز، وهي ضرورية لبناء الجسم، واستمرار حيويته، خاصة في المراحل العمرية المبكرة، وعدم تناول الفواكه والخضراوات بانتظام يؤدي إلى نقص في بعض الفيتامينات والمعادن والألياف والمواد المضادة للأكسدة، وقد يزيد من خطر الإصابة بالأمراض.
وأكدت دراسات طبية أن التوقف عن تناول الخضراوات والفواكه يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على صحة القلب والأوعية الدموية، وربما يكون ذلك سبباً في حدوث وفيات مبكرة.
كما رصد أطباء في غزة عودة لمرض "الإسقربوط"، وهو مرض نادر، اختفى من العالم، وأعراضه نزف وتورم في اللثة، وينتج عن نقص فيتامين "سي"، وهو الفيتامين المتواجد في الفواكه، وبعض الخضراوات.
ووفق أطباء، فإن النقصُ الشديد في التغذية يؤدي إلى الإصابة بحالة تسمّى الإسقربوط أو البثع scurvy، وهي تتصف بظهور كدمات ومشاكل في اللثة والأسنان، وجفاف الشعر والجلد، وحدوث فقر الدم، وتورم بالمفاصل، ويمكن أن يتطور الموضوع إلى نزيف داخلي.

 

الوقود الصناعي خطر داهم!

بعد استخدام زيت الطعام كوقود، ومخاطر عوادمه على البيئة والصحة العامة، راج في قطاع غزة نوع أسوأ من الوقود، يَخرج عند احتراقه عادم ذو رائحة كريهة، يتسبب بتلويث الجو، ويؤثر على الصحة العامة.
فقد راج مؤخراً استخراج وقود للمركبات بنوعيه "بنزين وسولار"، من مخلفات بلاستيكية، بعد إخضاعها لعمليات معينة، يمكن لهذا الوقود أن يستخدم كبديل عن وقود المركبات، رغم خطورته.
وتتلخص عملية استخراج الوقود المذكور عبر حرق نفايات ومخلفات بلاستيكية يتم جمعها من مكبات النفايات الصلبة، أو من محيط المنازل المدمرة، حيث يتم حرق تلك النفايات في صهريج حديدي كبير، بحيث يتم تمرير البلاستيك في مرحلتين، يتم إثرهما استخراج الوقود وبعض الشحوم منها.
ثم تأتي مرحلة أخرى يتم إثرها استخراج مواد شبيهة بوقود السولار والبنزين، حيث يتم فصلهما بعملية منفصلة عن عملية "حرق المواد البلاستيكية"، ومن ثم يتم بيعها، ويُقبل أصحاب المركبات على شرائها.
واشتكى مواطنون من العوادم الكريهة الصادرة عن مركبات ودراجات نارية، تستخدم الوقود المذكور، إذ قال المواطن أحمد عوض الله: إنه أينما سار في الشوارع كان يشم رائحة بلاستيك محروق، ولا يعرف المصدر، حتى علم أخيراً أنها رائحة احتراق الوقود الصناعي، معتبراً أن هذا الأمر كارثة جديدة، وباب إمراض جديد لسكان قطاع غزة، حتماً ستكون له آثار كارثية على الصحة العامة.
وشدد عوض الله على أهمية وقف استخدام هذا الوقود بصرف النطر عن المبررات، فمخاطره أكبر بكثير جداً من منافعه.
من جهته، قال المختص في الأورام السرطانية، الطبيب محمد الحلو: إن "مثل هذه العملية تشكل خطراً كبيراً على حياة العاملين فيها والسكان في غزة"، مشيراً إلى أنها ستكون سبباً في ارتفاع معدلات الأمراض السرطانية الخبيثة والالتهابات الصدرية.
وأوضح الحلو أن "الوقود المستخرج من المخلفات البلاستيكية غير آمن، كما أنه مختلط بدرجة كبيرة بمخلفات الصواريخ والقذائف المستخدمة خلال الحرب، علاوة على أنه لم يخضع لعمليات التكرير".
بينما أكد مختصون أن عملية احتراق مثل هذا الوقود غير كاملة، ما يعني أن رواسبه تبقى في الجو لفترة طويلة، وستكون سبباً في انتشار الأمراض الصدرية والالتهابات، خاصة ما يتعلق بالتليف الرئوي، وأن العاملين في هذا المجال هم الأكثر عرضة للأمراض خلال الفترة المقبلة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق