رفع اليدين ومسح الوجه بهما بعد الدعاء بين السنة والبدعة #دين_وحياة #دار_الافتاء - هرم مصر

الجمهورية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الدعاء هو لبّ العبادة، ووسيلة القرب إلى الله عز وجل، وقد حثّت عليه الشريعة في كل وقت وحال، وعلّمتنا الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الداعي، وكثيراً ما نرى الناس يقومون برفع رفع اليدين أثناء الدعاء ومسح الوجه بهما بعد الفراغ منه. وقد اختلف الناس في مشروعية هذا الفعل، فبين من يراه سنةً ثابتة عن النبي ﷺ، وبين من يراه فعلًا لا أصل له. فما هو القول الصحيح في هذه المسألة؟

 

 

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن رفع اليدين أثناء الدعاء ومسح الوجه بعد انتهائه مشروع فالله عز وجل لا يَرُدّ عبده إذا رفع العبد يديه بِذُلٍّ وإلحاح وتضرع دون أن يقضي له حاجته، ولقد بارك الله لرجل في حاجة أكثر الدعاء فيها، أعطيها أو منعها؛ وعن عمر رضي الله تعالى عنه قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَدَّ يَدَيهِ فِي الدُّعَاءِ لَمْ يَرُدَّهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ" أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات باب رفع الأيدي في الدعاء حديث (3386)، والحاكم في "مستدركه" (1/ 719) في كتاب الدعاء حديث (1967).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا تَسْتُرُوا الجُدُرَ، مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أخِيهِ بِغَيرِ إِذْنِهِ فَإِنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ، سَلُوا اللهَ بِبُطُونِ أكُفِّكُمْ وَلا تَسْألُوهُ بِظُهُورِهَا، فَإِذَا فَرَغْتُمْ فَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُمْ» أخرجه أبو داود في سجود القرآن في باب الدعاء حديث (1485) واللفظ له، وأخرجه أيضًا ابن ماجه في كتاب الدعاء في باب رفع اليدين في الدعاء حديث (3866

وعن يزيد بن سعيد بن ثمامة أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَعَا فَرَفَعَ يَدَيهِ مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدَيهِ.

ومما روي عن الصحابة رضي الله عنهم في مسح الوجه باليدين بعد رفعهما للدعاء: ما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" في باب رفع الأيدي في الدعاء من فعل ابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهما في مسح الوجه باليدين بعد الدعاء فقال: "حدَّثنا إبرَاهيمُ بن المنذِر، قال حدَّثنا محمَّدُ بن فُلَيح، قال أخبرني أبِي عن أبي نُعَيم وهو وَهْب قال : رَأيتُ ابنَ عُمَرَ وابنَ الزُّبَيرِ يَدْعُوانِ يُدِيرَانِ بِالرَّاحَتَينِ عَلَى الوَجْهِ" أخرجه أحمد في "مسنده" (4/ 221) حديث (17972)، وأبو داود في كتاب سجود القرآن في باب الدعاء حديث (1492). ومحمَّد بن فليح وأبوه فليح بن سليمان قد أخرج لهما البخاري في "صحيحه" واحتج بهما.

كما نص الأئمة والفقهاء على استحباب مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء؛ قيل: وكأن المناسبة أنه تعالى لما كان لا يردهما صِفْرًا فكأن الرحمة أصابتهما فناسب إفاضة ذلك على الوجه الذي هو أشرف الأعضاء وأحقها بالتكريم، كما جاء في "سبل السلام" للعلامة الصنعاني (2/ 709).

مسح الوجه باليدين بعد الدعاء بعد الفراغ من القنوت في الصلاة فهو وجه عند الشافعية قال به القاضي أبو الطيب، والشيخ أبو محمَّد الجويني، وابن الصبَّاغ، والمُتولِّي، والغزالي، والعمراني صاحب "البيان" -انظر: "المجموع" (3/ 480)-، وهو المعتمد من مذهب الإمام أحمد كما سبق نقله عن العلامة البهوتي.

ما يصدر من بعض المتسرعين في الإنكار على من يمسح وجهه بعد الدعاء من الناس لا وجه له؛ ومن المقرر شرعًا أنه إنما يُنكر المتفق عليه ولا يُنكر المختلف فيه، ومَن أبى ذلك تقليدًا لمن أنكر ذلك فلا حرج عليه بشرط عدم الإنكار على مَن فعلها؛ لأنه لا إنكار في مسائل الخلاف.

والله سبحانه وتعالى أعلم.


يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق