كتب خليل الشيخ:
"إلنا حوالي شهر مكلناش خبز، وكمان مش لاقيين حاجة ناكلها"، هكذا قال الطفل محمد أبو سعدة (10 أعوام) وهو يصف شعوره بالجوع الشديد.
وأضاف: "كل يوم بناكل شوربة عدس ومرة وحدة باليوم، ولما بنروح ندور على تكية بنلاقيش لانو كلها سكرت"، معبراً عن حزنه لأنه يشعر بالجوع طوال الوقت.
ويعيش النازحون في قطاع غزة أزمة شديدة تتعلق بنقص الدقيق من الأسواق، مع ارتفاع كبير في أسعار الدقيق الموزع ضمن المساعدات الأميركية، فضلاً عن الارتفاع الجنوني في أسعار كافة أصناف المواد التموينية بلا استثناء.
ولا يجد هؤلاء ما يأكلونه طوال ساعات النهار، ويعتاشون على كمية محدودة جداً من الطعام، نظراً لعجزهم عن شراء الكمية التي تكفيهم طوال اليوم.
وقال حسين (35 عاماً) والد الطفل محمد: "عشان أجيب أكل لأسرتي بلزمني يومياً حوالي 200 شيكل أو أكثر"، وأضاف: "أصلاً انا بشتغلش ومفيش أي دخل مادي ويادوب اشتري عدس عشان نعمل شوربة وبس".
وتعبر الطوابير الطويلة والحشود المكتظة والمتراصة التي تتوجه يومياً إلى مراكز توزيع المساعدات الأميركية، سواء في رفح أو "نتساريم" كل يوم عن الحاجة الشديدة للبحث عن الطعام، في ظل المجاعة الراهنة.
ويتعرض مئات الآلاف من المواطنين الذين يتوجهون عصر كل يوم إلى نقاط التوزيع، ويقضون كل ساعات الليل والفجر في انتظار هذه المساعدات، لإطلاق نار من قوات الاحتلال أو من اللصوص.
وتبلغ المصادر الطبية في مستشفيات العودة في النصيرات وشهداء الأقصى ومجمع ناصر الطبي، عن وصول المئات من الشهداء والمصابين يومياً نتيجة لإطلاق النار.
وذكرت مصادر مطلعة، أن نحو 200 مواطن استشهدوا خلال الأيام العشرة الأخيرة جراء تعرضهم لإطلاق النار من قبل قوات الاحتلال أمام مراكز توزيع المساعدات.
وطالب مسؤول في حركة "فتح" في تصريحات صحافية، أمس، بالوقف الفوري لنقاط توزيع المواد التموينية الأمنية الأميركية الإسرائيلية التي تحولت إلى ممرات وساحات للموت الجماعي.
وقال رئيس المجلس الوطني روحي فتوح، إن ما يحدث في "نتساريم" ورفح ليس حوادث معزولة بل استراتيجية إسرائيلية لإبادة جماعية، مؤكداً ضرورة إسناد توزيع المساعدات الإغاثية والإنسانية، كما كان سابقاً، إلى منظمة الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الأخرى.
يرفض الطفل "أبو سعدة" توجه والده إلى مركز التوزيع القريب من "نتساريم" خاصة أنه يسمع باستشهاد مواطنين، مفضلاً أن يظل جائعاً على أن يستشهد والده.
وبعد جهد كبير استطاع الوالد، الذي يعيل أسرة مكونة من سبعة أفراد غالبيتهم أطفال، شراء كيلو دقيق بـ80 شيكلاً، وتمكّن من توفير الخبز لأطفاله بعد انقطاع دام أسابيع.
تقيم هذه الأسرة النازحة من مخيم جباليا في خيمة صغيرة عند شاطئ بمدينة غزة وسط تجمع كبير من خيام النازحين، وتعاني من حالة الفقر الشديد نتيجة عدم توفر مصدر دخل لرب الأسرة، الذي فقد عمله منذ بداية العدوان الإسرائيلي.
وتهافت أشقاء الطفل محمد على عشرة أرغفة فقط هي ناتج كيلو الدقيق مرتفع الثمن، معبرين عن عدم شعورهم بالشبع أيضاً.
وقال الوالد إنه يواجه أزمة شديدة في توفير الدقيق لأسرته بشكل كافٍ، مشيراً إلى أن ثمن كيلو الدقيق يباع يومياً بمبلغ يتراوح بين 80 و100 شيكل، معرباً عن استهجانه من تحديد مثل هذا الثمن لكيلو الدقيق، رغم أنه من المساعدات التي تصل إلى قطاع غزة عبر شركة أميركية.
وأكد أنه وأطفاله يشعرون بالجوع الفعلي طوال ساعات النهار ويقتاتون على ما يمكن تجهيزه من شوربة العدس مرتفع الثمن أيضاً.
0 تعليق