محطة الضبعة النووية بين الامان و العدالة البيئية - هرم مصر

الجمهورية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نلتقي اليوم بإثنين من أبرز العقول الأكاديمية والقيادات الإدارية التي تزخر بها جامعاتنا المصرية، إنه الأستاذ الدكتور عبد المسيح سمعان "أستاذ الدراسات البيئية جامعة عين شمس و عميد معهد الإدارة "، ذلك العالم الجليل الذي جمع بين عمق البحث العلمي وحكمة الإدارة، فكان بحقٍّ أحد أعلام الدراسات البيئية في الوطن العربي، وأحد أبرز من أسهموا في صياغة رؤى التنمية المستدامة في مصر.

فبينما يشهد العالم تحولات كبرى في ملف البيئة والمناخ ومدى تأثير الطاقة النووية في حياتنا اليومية ، يطل علينا ضيفنا الكريم برؤية ثاقبة تجمع بين الأصالة العلمية والرؤية المستقبلية، حيث يمتلك من الخبرات ما يؤهله لقراءة التحديات بعين الخبير، ووضع الحلول بعقل القائد.

إنه الحوار الذي ينتقل بك من النظرية إلى التطبيق، ومن التشخيص إلى العلاج، مع رجل عرف كيف يحول الأفكار إلى مشروعات، والمعرفة إلى سياسات. حوار نستشف منه حكمة الأكاديمي المتمرس، وحنكة الإداري المحنك، في وقت أحوج ما نكون فيه إلى مثل هذه العقول المستنيرة.

1-    من منطلق تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، كيف ترى دور الطاقة النووية في تحقيق العدالة البيئية في مصر، خاصة في المناطق المحرومة من مصادر طاقة موثوقة ونظيفة؟

العدالة البيئية هي مفهوم يُقصد به التوزيع العادل والمتساوي للفوائد البيئية، مثل الهواء النقي والطاقة النظيفة، وحتى في ظل وجود أعباء بيئية، فإنها تُوزَّع على الجميع بشكل منصف.
اولا: فيما يخص الطاقة النووية، فهي تلعب دورًا مهمًّا في تحقيق العدالة البيئية، من خلال عدة نقاط اولها على سبيل المثال: الطاقة النووية تُعد مصدرًا نظيفًا ومستدامًا، وهذا ما تعمل عليه مصر حاليًا من خلال التعاون مع شركة "روساتوم" الروسية الحكومية.  ومن المؤكد أن هذا النوع من الطاقة أفضل بكثير من الطاقة الناتجة عن الوقود الأحفوري حيث يساهم في تقليل تلوث الهواء والمياه بشكل كبير.

ثانيًا: الوصول العادل والمنصف للطاقة في بعض المناطق التي ما تزال فيها إمدادات الكهرباء محدودة، سيمثل فرصة كبيرة من خلال مشروعات الطاقة النووية. فتوفُّر طاقة كهربائية مستدامة ومستقرة سينتج عنه مكاسب اقتصادية واجتماعية مهمة.
كذلك، فإن إنشاء مراكز لتوليد الطاقة النووية سيوفر فرص عمل مباشرة، ويرفع مستوى المعيشة، مما يساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والبيئية.  فالنظام النووي يمكن أن يكون جزءًا من منظومة طاقة عادلة تضمن الانتقال من الوقود الأحفوري إلى مصادر منخفضة الانبعاثات.وبمعنى آخر، فإن التوسع في استخدام الطاقة النووية سيقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية الملوِّثة. وحتى وإن لم تكن الطاقة النووية هي الحل الوحيد لأزمة الطاقة، فإن لها دورًا أسمى؛ إذ تُعد أداة اجتماعية واقتصادية إذا استُخدمت بشكل سليم.  ومن خلال التخطيط المتكامل، يمكن لمصر توظيف هذا النوع من الطاقة لتحقيق العدالة البيئية والوصول إلى مستوى معيشي أفضل للمجتمع ككل.


2-    ما هي أهداف التنمية المستدامة التي ترى أن الطاقة النووية يمكن أن تخدمها بشكل مباشر في مصر؟

هناك 17 هدفًا للتنمية المستدامة، ابرز هذه الاهداف التي تخدمها الطاقة النووية:

1.    الهدف السابع:  طاقة نظيفة وبأسعار معقولة - إذ يمكن للطاقة النووية أن توفر مصدرًا أساسيًا ومستدامًا للطاقة، مما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

2.    الهدف التاسع:  الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية - فبناء محطات مثل محطة الضبعة النووية يتطلب تطوير بنية تحتية حديثة ونقل تكنولوجيا، مما يعزز فرص الابتكار ويدعم الصناعات الوطنية.

3.    الهدف الثالث عشر:  العمل المناخي - إذ لا تطلق الطاقة النووية غازات دفيئة أثناء التشغيل، وهو ما يساهم في تقليل الانبعاثات ودعم التزامات مصر الدولية.

4.    الهدف الثامن:  العمل اللائق ونمو الاقتصاد -  فالمشروعات النووية تخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتدعم الاقتصاد الوطني من خلال طاقة مستدامة تشجع على الاستثمار.

5.    الهدف الرابع: جودة التعليم - وإن كانت الطاقة النووية تخدم هذا الهدف بشكل غير مباشر، إلا أنه يمكن إدخال برامج تعليمية جديدة في مجالات مثل الفيزياء النووية والهندسة النووية والأمن النووي، مما يفتح آفاقًا للبحث العلمي والتعليم المتخصص.

3-    ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه محطة الضبعة النووية، التي تُنشئها شركة روساتوم، في دعم التزامات مصر الدولية في إطار اتفاقية باريس واتفاقات المناخ الأخرى؟

في الحقيقة، وضعت مصر استراتيجية وطنية للتغير المناخي حتى عام 2050، تتضمن خمسة أهداف رئيسية، أولها هو التحول إلى اقتصاد منخفض الانبعاثات.  وبما أن الاقتصاد المعاصر يقوم على الطاقة، فإن استخدام الطاقة النووية بدلاً من الوقود الأحفوري سيؤدي بالضرورة إلى تحقيق هذا الهدف، كما تنص عليه الاستراتيجية.  أعتقد أن هذا يندرج تحت بندي التكيّف والتخفيف في العمل المناخي. 
أما الهدف الثاني من الاستراتيجية فهو الوسائل والآليات التي تُحقق ذلك، ومن بينها اعتماد مصادر جديدة ومتجددة للطاقة، وهو ما يتسق تمامًا مع اتفاقيات المناخ الدولية.
فعلى سبيل المثال، ينص اتفاق باريس للمناخ على ألا تتجاوز الزيادة في درجة حرارة الأرض 1.5  درجة مئوية.  ورغم أن مصر لا تُسهم سوى بنسبة ضئيلة من الانبعاثات) أقل من 0.7%  من الإجمالي العالمي(، فإن اعتماد الطاقة النووية سيساعد في تقليل هذه النسبة بشكل أكبر، ويُعزز التزام مصر بالاتفاقيات المناخية، خاصة اتفاق باريس.

 

كما انه من جزيل الشرف لنا ان نلتقي مع العالم الجليل الدكتور كريم الأدهم كواحد من أبرز القامات العلمية التي وضعت بصمتها بوضوح في مسيرة مصر النووية؛ فهو المتحدث الرسمي السابق باسم هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، والرئيس الأسبق لمركز الأمان النووي، وصاحب خبرة تمتد لعقود في مجال الأمان الإشعاعي والرقابي، محليًا ودوليًا.

في هذا الحوار الخاص نفتح مع الدكتور كريم الأدهم ملفات الأمان النووي، والرقابة على المشروعات العملاقة كمحطة الضبعة، ونقترب من الرؤية المصرية في هذا المجال الحيوي، في ضوء طموحات الدولة نحو مستقبل طاقي آمن ومستدام.
كيف نُطمئن المجتمع؟ وما الذي يجري خلف الكواليس لضمان السلامة؟ أسئلة كثيرة نطرحها على أحد حراس الأمان النووي في مصر، في هذا اللقاء الذي يجمع بين العلم والمسؤولية.

1-    كيف تقيم منظومة الأمان النووي في مصر والتزامها بالمعايير الدولية مقارنة بمثيلاتها في العالم ، خصوصًا في ظل استخدام التقنيات الروسية في مشروع الضبعة؟
-    منظومة الأمان النووي في مصر هي منظومة متكاملة جمعت بين المعايير الصارمة والخبرة المكتسبة من الدروس المستفادة من الأحداث النووية على مستوى العالم، وبذلك بدأت من حيث إنتهى الآخرون وراعت في إختيار معاييرها ، التطبيقات والمعايير التي أصدرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع تطويع ذلك لمنظومتنا المصرية فصارت أكثر صرامة لضمان سلامة الإنسان المصري والبيئة المصرية. وبالتأكيد ساهمت التكنولوجيا الروسية في تسهيل مهمة الأمان النووي في مصر حيث أن التكنولوجيا الروسية من أحدث التقنيات في العالم مستفيدة بخبرات متراكمة، كما أن الجيل الذي تنفذ به محطة الضبعة النووية هو الجيل الثالث المطور الذي يسبق التقنيات النووية في الكثير من الدول، ويتميز هذا الجيل بأن مفاعلاته لديها الكثير من عوامل الأمان الذاتي بحيث يتعامل المفاعل مع أي أحداث ويقوم بالأفعال الللازمة للتغلب على هذه الأحداث.

2-    هل يمكن اعتبار التكنولوجيا الروسية المستخدمة حديثة "من خلال شركة روساتوم" بما يكفي لضمان أمان طويل الأمد فى محطة الضبعة النووية في ظل التغيرات المناخية والجيولوجية؟
-    تعتبر التكنولوجيا الروسية "من خلال شركة روساتوم" أحدث التكنولوجيات في العالم، حيث أنها دائمة التحديث والتطوير من خلال البحوث المستمرة والدروس المستفادة والسير في طريق متناغم متكامل يمثل منظومة مترابطة متكاملة بكل أطرافها من حيث التصميم والتصنيع والإختبارات ومنظومة توكيد الجودة، وأخذ ظروف موقع المحطات النووية المناخية والجيولوجية والبيئية وغيرها في الاعتبار، وذلك لضمان أمان وسلامة الإنسان والبيئة وحفاظا على تاريخ هذه التكنولوجيا في روسيا والعالم.


يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق