نستكمل مقالتنا :
Elden Ring
عالم يحتضر مطلي بالخراب والذكريات

Elden Ring لا تكتفي بتخيل عالم منهار بل تجعل المعجبين يشعرون أنهم يسيرون وسط بقايا شيء إلهي واندثر منذ زمن بعيد. The Lands Between هو عالم مزقته الحروب والانحلال والآلهة وقد احتضن التوجه الفني لهذا العالم حالة الخيبة هذه بكل قوة. المباني والشخصيات وحتى السماء نفسها تبدو وكأنها تتشبث بخيوط ضعيفة من عصر ذهبي مضى.
شجرة Erdtree تبعث الضوء على منطقة البداية Limgrave حيث يرفرف سلام غير مستقر في الهواء. الأطلال القديمة والحصون المتداعية والمجموعات الصغيرة من الجنود توحي بوضوح أن قوة أعظم كانت موجودة هنا في الماضي. لكن بعد ذلك مباشرة تتغير الأجواء كليًا في Liurnia of the Lakes. إنه مكان بارد ومبلل ومسكون بالهواجس القرى نصفها مغمور بمياه الفيضانات والأعداء الغارقون حتى خصورهم يجرون أنفسهم في المياه الضحلة وأكاديمية Raya Lucaria الشاهقة تقف في الأفق كأنها قلعة للمعرفة المنسية. ثم هناك Caelid. انحدار كامل إلى الرعب. السماء حمراء والأرض موبوءة ونتنة وكل شيء حي يبدو وكأنه خرج من كابوس. كلاب متحولة ضخمة تترنح في الحقول العفنة. طيور تصرخ وسط الأشجار الملتوية. الأموات الأحياء يراقبون الطرق.
المنطقة كلها موبوءة بمرض Scarlet Rot الذي يشوه ألوان اللعبة ألوان حمراء مقززة وسواد حارق واختناق بصري من نوع خاص. إنه ليس مجرد مكان غير ودود بل هو رؤية لانهيار شامل. عالم Elden Ring هو عالم تتعايش فيه الجماليات مع الرعب. التصميم الفني والتوجيه البصري فيه يوضحان شيئًا واحدًا أن حتى الآلهة تتعفن والممالك تنهار.
Sunset Overdrive
فوضى موسيقى البانك مرسومة على ملعب حي
بينما تختار أغلب ألعاب ما بعد نهاية العالم أسلوبًا قاتمًا وخشنًا، تنحرف Sunset Overdrive عن هذا الاتجاه تمامًا، وتدفع كل عنصر فيها إلى أقصى درجات الحيوية من حيث الألوان والفوضى والابتكار. التوجه البصري فيها يشبه انفجارًا بصريًا، حيث السماء زاهية بالألوان، والمادة اللزجة المتوهجة، وانفجارات المتحولين، والمباني المكسوة بالغرافيتي، كلها تبدو وكأنها مستوحاة من صفحات قصص مصورة أكثر من كونها بقايا مدينة منهارة.
الأعداء يظهرون بمظهر مشوه لكنه يحمل طابعًا كرتونيًا، أما الأسلحة، والشخصيات، وواجهة المستخدم، فكلها مصممة بأسلوب مبالغ فيه ومقصود تمامًا. التنقل في المدينة ليس مجرد وسيلة للحركة، بل جزء من العرض البصري المتكامل، إذ تم تصميم القضبان، والوسائد المطاطية، والركض على الجدران بشكل فني قبل أي اعتبار وظيفي، مما يمنح المدينة طابعًا أشبه بحديقة تزلج حضرية من وحي فنان غرافيتي من حركة البانك، لتصبح المدينة نفسها شخصية مستقلة. Sunset Overdrive تميزت بأسلوب بصري خاص، صاخب، فوضوي، ولا تخجل من استعراضه.
Far Cry 3 Blood Dragon
محاكاة ساخرة تغذيها الأضواء النيون تعيد تعريف عالم مألوف
فرع مشتق من لعبة Far Cry 3 الشهيرة، Blood Dragon، يعيد تشكيل عناصر السلسلة المعروفة من خلال رؤية خيالية مستوحاة من أجواء الثمانينيات المحمومة. النتيجة هي أسلوب بصري فريد يشبه تحية حماسية لأفلام الأكشن، حيث يبدو كل شيء مغطى بطبقة من ألوان النيون المتوهجة على شريط سينمائي، وكل مشهد مشبع بإضاءة زاهية. تعتمد اللعبة على جمالية مستوحاة من الخيال العلمي القديم، بتأثير واضح من أفلام مثل The Terminator وRoboCop، اللذين يُستخدمان كمصدر إلهام مباشر يظهر جليًا في تصميم الأسلحة والشخصيات.
العالم الافتراضي مكسوّ بضباب يشبه تشويش أشرطة الفيديو VHS، وواجهة المستخدم تتبع نفس النمط البصري المرتبط بأسلوب synth-wave. الحيوانات تمتلك عيونًا متوهجة وجلودًا لامعة، في حين تنبض الأسلحة بطاقة تشبه أضواء LED، أما الأعداء فينفجرون بزخات ساطعة من النيون عند هزيمتهم. القصة تُروى من خلال مشاهد مقطعية تشبه القصص المصورة الكلاسيكية. وتبرز في اللعبة كائنات Blood Dragons، وهي مخلوقات ضخمة مغطاة بالنيون، لها عيون تطلق الليزر، وتظهر ألوانها المتغيرة بحسب حالتها.
التوجه الفني المعتمد على النيون لا يخدم المظهر فحسب، بل يحمل وظيفة عملية أيضًا، حيث تميز الأعداء والحيوانات بألوان واضحة، وتُظهر Blood Dragons حالتها المزاجية من خلال تغيرات الإضاءة، ما يلغي الحاجة إلى واجهة مستخدم مليئة بالمؤشرات. هذا الأسلوب لا يواكب فقط طبيعة اللعب الحماسية والمبالغ فيها، بل يعززها ويدفع اللاعب للاندماج فيها.

لاعب متمرس، أعشق ألعاب القصة، ولا أجد حرجًا في قول أنني أحب ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول أيضًا.
0 تعليق