ما قامت به الدولة هذا العام له أساس في دين الله، فهناك آية صريحة في كتاب الله بجواز متعة الحج، حتى كان زمن عمر بن الخطاب فنهى عنها بقصد التنظيم، لمّا رأى الناس مالوا إلى التمتع لسهولته، فخشي أن يضيع الإفراد والقِران، ولمصلحة أهالي مكة المكرمة أيضاً ولعمارة البيت الحرام طوال العام بالزوار والمعتمرين.
وهنا يبرز دور الحاكم في تقييد المباح من أجل المصلحة العامة، وقد فعلها سيدنا عمر في أكثر من موقف متوخياً المصلحة العامة ومقاصد الشريعة، لصالح الأمة رغم الآيات البينات والسنن الواضحة.
فلولي الأمر أن ينظم أمور رعيته وأن يتدخل فيها ويفرض القوانين ويسن التعليمات، ولعل من ضمنها حقه المطلق في تحديد عدد الحجاج لأداء الفريضة ويقرر (بألا حج دون تصريح)، ويمنع الناس من تكرار الحج في كل عام، وأن يحافظ على حياتهم بمنعهم في زمن معين على عدم إتيان المباحات، إذا رأى في ذلك مصلحة معتبرة.
فله حق الاجتهاد في التعرف على المصلحة، والمجتهد دائر بين الأجر والأجرين.
وقد رأينا في هذا العام تشدد الحاكم حفظه الله في مراعاة مصالح الحجيج والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم، فواءم بين الواقع والواجب، مستهدفاً المصلحة العامة لكل قادم ومقيم ومواطن دون الخروج عن النصوص أو الأحكام المُجمع عليها، في عملية تنظيمية محكمة للحج، مراعاة لظروف المكان الجغرافي، وحتى يتمتع الحجاج بما قامت به الدولة من جهود جبارة في عمارة المسجد الحرام ومشاريع المشاعر والتفويج للمدينة المنورة وتسهيل أمورهم في الطواف والسعى ورمي الجمرات وذبح الهدي وحتى عودتهم إلى أوطانهم سالمين. مجموعة مشاريع حديثة من قطارات ومسارات وأنفاق وخدمات صحية وتخصيصية، فالمصلحة لها ارتباط وثيق بحقوق الإنسان وحرّياته، وهي موجودة في كل تشريع وبالأخص في الدين الإسلامي الذي تقوم فيه المصلحة العامة أو المُرسلة وتغليبها، بجلب منفعة ودفع مضرة، والمحافظة على مقصود الشرع بالمحافظة على الدين والعرض والمال والعقل والنفس.
وهذا ما سعت إليه الدولة هذا العام لضبط أمور الحجاج وتسهيل الأمر عليهم ومنع الافتراش والفوضى والتزاحم والتدافع والتساقط الذي كان يحدث في السابق ويعرض الحجيج إلى الموت والهلاك.
أخبار ذات صلة
إن مقاصد الشريعة هي تحقيق مصالح الناس في الدنيا والآخرة وفي العاجل والآجل، وأن أحكام الله قائمة على رعاية المصالح، وأنه سبحانه شرع الأحكام لمقاصد،
فما فعله ولي الأمر في حج هذا العام هو لصالح المسلمين حفاظاً على أرواحهم
بعيداً عّن الغوغائيين وسفهاء المواقع وعديمي الأخلاق ومن في قلوبهم مرض.
شكراً بحجم الكون قيادتنا الحكيمة التي عملت كل شيء لراحة الحجاج وسلامتهم. وجزاهم عنا وعن المسلمين كل خير.
0 تعليق