إلى أي مدى سينخفض ​​مؤشر الدولار؟ - هرم مصر

سكاي نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يواجه الاقتصاد الأميركي في الوقت الراهن مجموعة من الضغوطات المعقدة التي تعكس تحديات داخلية وخارجية متشابكة، أدت إلى تراجع التوقعات الاقتصادية وتباطؤ النمو.

ويشكل التصاعد في التوترات التجارية وفرض التعريفات الجمركية أحد أبرز هذه العوامل، حيث أثر بشكل واضح على حركة التجارة العالمية والعلاقات الاقتصادية مع العديد من الشركاء التجاريين، وهي السياسات التي تقول الإدارة الأميركية إنها تهدف إلى حماية الصناعات المحلية، لكنها في الوقت نفسه تخلق بيئة من عدم اليقين تدفع المستثمرين إلى إعادة تقييم مراكزهم المالية.

تعكس هذه الضغوطات حالة من التردد في الأسواق المالية، إذ يتصاعد القلق حول إمكانية تعثر النمو الاقتصادي نتيجة تأثيرات الحرب التجارية، خاصة مع استمرار العجز المالي الضخم وارتفاع الدين العام.

وفي ظل هذا المناخ الاقتصادي المضطرب، يتعرض الدولار الأميركي لضغوط متزايدة انعكست في انخفاض مستوياته مقابل العملات الرئيسية الأخرى، لا سيما مع تقلص ثقة المستثمرين في أصول الدين الأميركية وسندات الخزانة مع تصاعد المخاوف من تأثيرات التعريفات الجمركية، وبما يضعف من قوة الدولار كعملة احتياطية عالمية.

ويبدو أن استمرارية هذا الاتجاه تتوقف على قدرة الاقتصاد الأميركي على تجاوز هذه التحديات وإعادة بناء الثقة، حيث تظل السياسات المالية والنقدية المفتاحية عوامل حاسمة في تحديد مدى تعافي الدولار واستقراره في الأسواق الدولية.

الدولار الأميركي

ويشير تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنه:

يتواصل تدهور توقعات الاقتصاد الأميركي؛ ففي يوم الثلاثاء الماضي، خفّضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها للنمو بسبب تصاعد المخاوف من حرب تجارية. المنظمة قالت إن تعريفات الرئيس ترامب الجمركية من المتوقع أن تضرب معظم الدول هذا العام والعام المقبل. لكن الضربة للولايات المتحدة تثير قلق الاقتصاديين ووول ستريت بشكل خاص، إذ يخشون من تعثر النمو الاقتصادي في ظل مشروع قانون إنفاق جمهوري يتضمن تخفيضات ضريبية كبيرة وعجزاً ضخماً. كل ذلك يضغط على الدولار، الذي تداول قرب مستويات متدنية تاريخياً في الفترة الأخيرة. مع تردد المستثمرين العالميين في إبقاء أموالهم مستثمرة في أميركا

ويوضح التقرير أن "الدولار قد يهبط أكثر"، مشيراً إلى أن محللي مورغان ستانلي يرون أنه سينخفض بنحو 9 بالمئة أخرى خلال الـ 12 شهراً القادمة، كما أن جي بي مورغان تشيس وغولدمان ساكس أطلقتا توقعات سلبية خلال الأسبوع الماضي.

وبينما قد لا يكون المستثمرون مستعدين للتخلي عن العملة الاحتياطية العالمية، لكنهم يزدادون حذراً ضد الأصول الأميركية، خاصة سندات الخزانة التي قد تضر بالدولار، حسب ما نقلته بلومبيرغ عن  ماثيو هورنباش مورغان ستانلي، يوم الاثنين.

عوامل ضاغطة

من جانبه، يقول كبير محللي الأسواق المالية في شركة FXPro، ميشال صليبي ، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

"في ظل كافة العوامل السلبية التي تضغط على الاقتصاد الأميركي، نلاحظ أن الدين العام قد بلغ نحو 36 تريليون دولار، في حين وصلت كلفة الفوائد وخدمة الدين إلى قرابة تريليون دولار سنوياً". "إلى جانب ذلك، هناك عجز كبير في الميزانين التجاري والمالي، ما يصعّب من إمكانية تنفيذ إصلاحات بنيوية وإدارية داخل الاقتصاد الأميركي". "أحد الأسباب التي دفعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى خوض حرب تجارية وفرض تعريفات جمركية كان بهدف خفض مستويات الإنفاق والعجز في مجالات عديدة داخل الاقتصاد". كما نشهد مخاوف متزايدة بشأن المرحلة المقبلة، سواء من ناحية عودة التضخم أو تباطؤ النمو، سواء في الناتج المحلي الإجمالي أو في بيانات سوق العمل. كل هذه العوامل مجتمعة تمارس ضغوطًا إضافية على أداء الدولار الأميركي.

ويضيف: "نلاحظ مزيداً من التذبذب في أداء مؤشر الدولار، بالتزامن مع الأداء الإيجابي للذهب والعملات التي تُعد ملاذاً آمنًا للمستثمرين، مثل الين الياباني والفرنك السويسري".

ويتوقع صليبي  أن تعطي المؤشرات الاقتصادية القادمةرؤية أوضح بشأن المسار الاقتصادي والدورة الاقتصادية في الولايات المتحدة، وهو ما سينعكس بدوره على ثقة المستثمرين"، كما يشدد على ضرورة عدم إغفال أهمية مراقبة عوائد سندات الخزانة الأميركية، والتي ستلعب دوراً محورياً في تحديد اتجاه الأسواق وأداء الأسهم في المرحلة المقبلة.

ويتابع:

في الوقت ذاته، لا تزال الأسواق تعاني من ضبابية المشهد فيما يتعلق بشكل البيانات الاقتصادية المستقبلية، وهو ما يدفع بالاحتياطي الفيدرالي إلى التريث في اتخاذ القرارات وعدم إعطاء إشارات واضحة بشأن سياسته النقدية المقبلة. هذه الحالة عززت من التكهنات حول إمكانية خفض أسعار الفائدة في النصف الثاني من العام 2025، والسؤال المطروح الآن: هل سيكون هناك خفض واحد أم أكثر؟ الإجابة ستعتمد على طبيعة المؤشرات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة. ومع مرور الوقت، ستتضح آثار الحرب التجارية والتعريفات الجمركية على الاقتصاد الأميركي، وهذا سينعكس بشكل مباشر على أداء السندات والأسهم، وخصوصًا في قطاع التكنولوجيا، وهو ما سيؤثر كذلك على رؤية الاحتياطي الفيدرالي وتوجهاته. حتى الآن، تبقى الضغوط السلبية مسيطرة على مؤشر الدولار الأميركي ما دامت هذه العوامل مستمرة دون تغيّر جوهري.

توقعات مورغان ستانلي

ويعتقد محللو مورغان ستانلي بأن الدولار لا يزال أمامه مزيد من التراجع، إلى مستويات لم تُسجّل إلا خلال جائحة كورونا، مدفوعًا بخفض أسعار الفائدة وقوة العملات المنافسة، بحسب مذكرة نقلها "بيزنس انسايدر".

كتب استراتيجيو البنك في تقرير نُشر خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي أنهم يتوقعون هبوطًا بنسبة 9 بالمئة خلال الـ 12 شهرًا القادمة ليصل مؤشر الدولار إلى قيمة 91.

يقيس هذا المؤشر قيمة الدولار مقابل سلة من ست عملات: اليورو، الين، الجنيه الإسترليني، الفرنك السويسري، الدولار الكندي، والكرونا السويدية.

وأشاروا إلى أن الدولار قد انخفض أسرع من المتوقع، حيث هبط بالفعل إلى هدفه السعري لنهاية العام عند 101 الشهر الماضي.

وتُتوقع شدة ضعف الدولار أن تكون الأكبر مقابل العملات الآمنة مثل اليورو، الين، والفرنك، وفقًا لمورغان ستانلي.

قال الاستراتيجيون: "نعتقد بأن أسواق الفائدة والعملات دخلت في اتجاهات كبيرة ستستمر - مما سيدفع الدولار الأميركي للانخفاض بشكل كبير ومنحنيات العوائد لتصبح أكثر انحداراً-  بعد عامين من تقلبات التداول ضمن نطاقات واسعة". ويتوقعون ارتفاع قيمة اليورو مقابل الدولار إلى 1.25 دولار والجنيه إلى 1.45 دولار بحلول منتصف عام 2026.

انخفض مؤشر الدولار الأميركي بأكثر من 10 بالمئة منذ ذروته في منتصف يناير عند نحو 110، والتي وصلت قبل وقت قصير من تنصيب الرئيس دونالد ترامب وبناءً على توقعات بخفض أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي.

ارتفع المؤشر مرة أخرى في فبراير، لكنه عكس اتجاهه منذ ذلك الحين بسبب تعريفات ترامب الجمركية وحرب التجارة التي تلتها.

ملاذات آمنة

تقول خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن الدولار الأميركي مرشح للاستمرار في التراجع خلال الفترة المقبلة، خاصة إذا أقدمت الولايات المتحدة على خفض أسعار الفائدة أو واصلت سياسة التثبيت الحالية، في ظل منافسة قوية من جانب اليورو والين الياباني.

وتضيف:

الإجراءات التي اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ما يتعلق بالتعريفات الجمركية أثرت سلبًا على استثمارات كل من الصين وأوروبا في أذون وسندات الخزانة الأميركية، ما دفع المستثمرين للاتجاه نحو أدوات استثمارية أخرى أكثر أمانًا مثل الذهب، وهو ما زاد من الضغوط على الدولار. السياسات الأميركية المتذبذبة بشأن الرسوم الجمركية تخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق، ما ينعكس سلباً على مؤشرات الأداء الاقتصادي، ويؤدي إلى تراجع ثقة المستثمرين، الأمر الذي يُسهم في إضعاف الدولار بشكل أكبر. الاهتمام المتزايد من جانب الولايات المتحدة بالعملات المشفرة يُعد عاملاً إضافياً يضغط على الدولار، في ظل غياب سياسات واضحة تدعم استقراره على المدى الطويل.

وتختتم حديثها قائلة:  "لا يمكن تحديد نسبة دقيقة لانخفاض الدولار، لكنه سيظل تحت الضغط طالما استمرت هذه العوامل دون حلول جذرية أو سياسات داعمة تعيد الثقة للاستثمارات المرتبطة به".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق