04 يونيو 2025, 12:39 مساءً
يوافق هذا العام 1446هـ، أول أيام عيد الأضحى المبارك مع يوم الجمعة، ما أثار تساؤلات حول حكم إقامة صلاة الجمعة في هذه الحالة، خاصة في ظل انشغال اليوم بخطبة العيد، ذبح الأضاحي، ومظاهر الفرح والاحتفاء.
"سبق" تسلط الضوء على الحكم الشرعي لهذه الحالة، مستعرضة أقوال العلماء من المذاهب الأربعة وآراء كبار أهل العلم، مع توضيح الأحوال الثلاث التي وردت في المسألة.
الجمهور: لا يُغني العيد عن الجمعة
اتفقت المذاهب الأربعة – الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة – في الجملة على أن صلاة العيد لا تُغني عن صلاة الجمعة، وأن الجمعة تظل واجبة في وقتها. إلا أن الشافعية استثنوا أهل القرى النائية الذين شهدوا العيد، فرخّصوا لهم في ترك الجمعة.
وفي "المغني" لابن قدامة جاء: "وإن اتفق عيد في يوم جمعة، سقط حضور الجمعة عمّن صلى العيد، إلا الإمام، فإنها لا تسقط عنه، إلا أن لا يجتمع له من يصلي بهم الجمعة."
الأحوال الثلاثة كما رجّحها شيخ الإسلام:
سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – عن هذه المسألة، فذكر أن العلماء اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال:
1. وجوب الجمعة على من صلى العيد، كما هو ظاهر عموم النصوص في فرضية الجمعة.
2. سقوط الجمعة عن أهل البوادي والقرى البعيدة، مستندين إلى فعل عثمان بن عفان رضي الله عنه.
3. الرأي الراجح بحسب شيخ الإسلام: أن من صلى العيد سقطت عنه الجمعة، لكنه يصلي الظهر، إلا الإمام فلا تسقط عنه الجمعة ويقيمها لمن حضر، مستشهدًا بما ورد عن النبي ﷺ أنه قال: "اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أن يشهد الجمعة فليشهد، فإنا مجمّعون."
وأشار إلى أن إلزام الناس بالجمعة في هذا اليوم قد يُضيّق عليهم مقاصد العيد من الانبساط والفرح، وبيّن أن الشارع إذا اجتمعت عبادتان من جنس واحد، أدخل إحداهما في الأخرى.
فتوى الشيخ ابن باز: الرخصة لمن حضر العيد.. والجمعة واجبة على الإمام.
من جهته، قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله –: "إذا وافق العيد يوم الجمعة، جاز لمن حضر العيد أن يصلي جمعة، أو يكتفي بصلاة الظهر، لكن لا يجوز ترك الصلاة تمامًا. أما الإمام، فعليه أن يقيم الجمعة إذا حضر معه ثلاثة فأكثر، فإن لم يحضر إلا واحد صليا ظهراً."
الخلاصة:
- الأصل والأحوط: أداء صلاة الجمعة وعدم تركها.
- الرخصة: جائزة لمن صلى العيد، بشرط أداء صلاة الظهر.
- الواجب على الإمام: إقامة صلاة الجمعة بمن حضر.
ويجب الالتزام بالرأي الأرجح والفتاوى المعتمدة، والحرص على أداء العبادات في أوقاتها، مع مراعاة الرخص المقررة شرعًا والتيسير على الناس ضمن ضوابط الشريعة.
0 تعليق