كيف تتحكم البراكين في الأمطار والفيضانات حول العالم؟ - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

Published On 2/9/20252/9/2025

|

آخر تحديث: 09:30 (توقيت مكة)آخر تحديث: 09:30 (توقيت مكة)

تكشف دراسة جديدة أن البراكين لا تغيّر فقط شكل الجبال أو المناخ مؤقتا، بل يمكنها إعادة رسم خريطة الأمطار والفيضانات على كوكب الأرض بأكمله.

وأكدت دراسات سابقة أن الانفجارات البركانية الكبرى قادرة على تبريد الأرض عبر إطلاق غازات هائلة إلى طبقات الجو العليا، لكن الدراسة الجديدة أبرزت دورا آخر أكثر أهمية.

فهذه الانفجارات قادرة أيضا على تغيير أنماط هطول الأمطار عالميا، إذ تجعل مناطق كانت تفيض بالأنهار جافة عطشى، في حين تُغرق أخرى لم تعرف السيول من قبل.

وحسب الدراسة، يحدد الموقع الجغرافي للبركان، شمال أو جنوب خط الاستواء، اتجاه هذا التأثير، وكأنه مفتاح سحري يقلب موازين الطقس.

فعندما يثور بركان ضخم، يطلق كميات هائلة من ثاني أكسيد الكبريت إلى طبقة الستراتوسفير، حيث يتكثف ويتحول إلى جسيمات دقيقة تُسمى "الهباء الجوي".

تعكس هذه الجسيمات أشعة الشمس وتحجز الحرارة، مما يؤدي إلى تبريد سطح الأرض وتسخين الطبقات العليا من الغلاف الجوي. ويعيد هذا الاختلال الحراري ترتيب أنماط دوران الهواء عالميا.

واللاعب الرئيسي هنا هو منطقة التقاء الرياح المدارية، وهي حزام ضخم من السحب والعواصف يطوّق الأرض شمال خط الاستواء مباشرة، ويُعتبر المسؤول الأول عن هطول الأمطار الغزيرة في المناطق الاستوائية.

وعندما تدفع البراكين هذا الحزام بعيدا عن موقعه الطبيعي، تحدث الكارثة، إذ تتحول مناطق مطيرة إلى أراضٍ قاحلة، وتغرق أخرى جافة تحت سيل من الفيضانات.

لتوضيح حجم التأثير، حلّل باحثو جامعة برينستون الأميركية في الدراسة 3 ثورات بركانية كبرى في القرن الـ20، وهي:

• بركان سانتا ماريا في غواتيمالا عام 1902، وأدى إلى زيادة الفيضانات بنسبة 25% في نصف الكرة الجنوبي المداري، مقابل تراجع التدفقات بنسبة 35% في الشمالي.

• بركان أغونغ في إندونيسيا عام 1963، وقد أحدث النتيجة المعاكسة تقريبا، إذ تراجعت الفيضانات في النصف الجنوبي بنسبة 50%، في حين ارتفعت في النصف الشمالي بنسبة 40%.

إعلان

• بركان بيناتوبو في الفلبين عام 1991، والذي كان حالة استثنائية، إذ قذف غازاته في نصفي الكرة معا، مما أدى إلى تبريد أكثر توازنا.

وكانت النتيجة بشكل عام تقليل الفيضانات في المناطق المدارية، لكن الأمطار في بعض المناطق الصحراوية تزايدت بفضل ظاهرة "الاقتران بين الصحارى والرياح الموسمية"، حيث تجذب حركة الهواء الرطوبة إلى المناطق الجافة.

تنثر البراكين ما يعرف بالهباء الجوي في طبقات الجو العليا (أسوشيتد برس)

آثار مؤقتة لكن عميقة

بحسب الباحثة غابرييلي فيلاريني التي شاركت في الدراسة، فإن التأثيرات على أنماط الأمطار والفيضانات تكون أقوى خلال العام الذي يلي الانفجار مباشرة، ثم تتراجع تدريجيا مع مرور الوقت، ومع ذلك، فإن هذه السنوات القليلة قد تحمل كوارث طبيعية مدمرة في مناطق لم تكن مستعدة لمثل هذا السيناريو.

وتكمن خطورة هذه النتائج في أبعادها العملية، فالتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار تعني فيضانات مفاجئة في أماكن لا تتوفر بها البنية التحتية المناسبة، أو موجات جفاف في مناطق تعتمد على الزراعة المطرية.

ومع ازدياد الحديث عن مشاريع "الهندسة الجيولوجية"، التي تحاول تقليد آثار البراكين لتبريد الأرض صناعيا، تزداد الحاجة إلى فهم هذه التداعيات جيدا قبل الدخول في تجارب قد تغيّر حركة المياه على الكوكب بأكمله.

وتخلص الدراسة إلى أن البراكين ليست مجرد ظاهرة جيولوجية، تؤثر على المناخ بدرجات الحرارة فقط، بل هي لاعب رئيسي في حركة المياه العالمية، ويمكنها أن تغيّر من خلال غازاتها غير المرئية مواقع الأمطار والفيضانات، وتعيد رسم ملامح الأنهار والسهول.

ويشير كل ذلك إلى أن كوكب الأرض يعمل منظومةً بيئية ومناخية مترابطة، حيث يمكن لثوران بركاني في جزيرة نائية أن يحدد مصير أنهار ومزارع تقع على بُعد آلاف الكيلومترات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق