"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المتصاعد على مدينة غزة - هرم مصر

جريدة الايام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتب محمد الجمل:

 

يتواصل العدوان الإسرائيلي على مدينة غزة، وتتصاعد حدة المجازر والجرائم الإسرائيلية، ويستمر تقدم قوات الاحتلال باتجاه خاصرتَي غزة، "جنوب وشمال المدينة"، بينما تشهد أحياؤها غارات ومجازر على مدار الساعة.
"الأيام" نقلت مشاهد جديدة من العدوان على مدينة غزة، منها مشهد يرصد تصاعد المجازر بشكل مُمنهج داخل المدينة، ومشهد آخر بعنوان "أهوال شمال مدينة غزة"، ومشهد ثالث يُسلط الضوء على حال النازحين في الشوارع.

 

مجازر مُمنهجة

شهدت الأيام القليلة الماضية تصاعداً كبيراً في المجازر الإسرائيلية بحق المواطنين في مدينة غزة، وباتت تلك المجازر تأخذ طابع التنوع والشمول، بحيث تُنفذ في كافة مناطق ومرافق المدينة.
ولم تعد تلك المجازر تقتصر على استهداف منازل وخيام، أو مارة، بل باتت تستهدف مراكز إيواء، ومقاهي، وأسواقاً، وطوابير مياه، وحتى نازحين وهم يحاولون إخلاء مناطق تتعرض للقصف والهجوم.
ولا تمر ساعة في مدينة غزة دون غارة هنا أو هناك، تنجم عنها مجازر وعمليات قتل لا تتوقف، خاصة في مناطق شمال وجنوب المدينة، ما رفع حصيلة الضحايا اليومية في مدينة غزة إلى نحو 45 شهيداً بصورة يومية، غالبيتهم من النساء والأطفال.
وأكد المواطن محمود عيسى، وما زال يُقيم في مدينة غزة، أنه لم يشعر بخطورة الأوضاع كما هو عليه الحال الآن، خاصة بعد إخراج المدينة من الهدنة اليومية، حيث بات يشعر الناس أنهم مستهدفون أينما وجدوا، ففي المنازل والشوارع معرضون للقصف، والأسواق لم تعد آمنة، وكذلك المقاهي، وحتى شاطئ البحر بات هدفاً لرصاص وقذائف بحرية الاحتلال.
وأوضح أنه سمع عن مجازر مروعة في الأيام الماضية، فلم يعد الأمر مقتصراً على قصف خيمة واحدة هنا أو هناك، بل أصبحت الطائرات تقصف مخيمات تضم عدداً من الخيام دفعة واحدة، كما حدث مؤخراً في شارع النصر شمال المدينة.
وأكد عيسى، وغيره من سكان المدينة، أن الجميع يتوقعون أن تزيد جرائم ومجازر الاحتلال حال صدرت أوامر نزوح شاملة لجميع سكان المدينة، وأن يلجأ الاحتلال لسياسة إبادة شاملة لكل من قرر البقاء في المدينة، وللأسف كل هذه الجرائم تحدث والعالم ما زال صامتاً لا يُحرك ساكناً.
بينما أكد أطباء، يعملون في مشافي المدينة، أن المستشفيات الميدانية والحكومية تستقبل الضحايا من شهداء وجرحى على مدار الساعة، غالبيتهم يصلون من مناطق شمال المدينة، إضافة إلى ضحايا قصف الطائرات للخيام والمنازل، ومعظم الإصابات التي تصل المشافي توصف بأنها خطيرة، وبحاجة لتدخلات طبية معمقة، وسط تردي الأوضاع الصحية، جراء شح الإمكانات، ونقص الأسرّة.

 

أهوال شمال مدينة غزة

لا يزال الاحتلال يصعّد عدوانه على مدينة غزة وشمالها على وجه التحديد، ويرتكب فظائع يومية بحق المواطنين، ويفرض حصاراً متواصلاً على تلك المناطق.
وللأسبوع الثالث على التوالي، تواصل دبابات الاحتلال تقدمها البطيء باتجاه مناطق شمال المدينة، خاصة الشيخ رضوان، ومنطقة "أبو إسكندر"، وجباليا النزلة وغيرها من المناطق، حيث حوّل الاحتلال جميع الأحياء والبلدات المذكورة لساحة حرب لا تهدأ على مدار الساعة، وزرع الموت والرعب في كل شارع وزقاق.
ووصف مواطنون نزحوا عن بيوتهم ما يحدث شمال القطاع بالأهوال التي لا يمكن لأحد احتمالها.
وأكد المواطن إبراهيم جبريل، وكان يقيم في نهاية شارع الجلاء "مفترق الصاروخ"، وقد نزح وعائلته إلى جنوب القطاع، أن ما يحدث هناك محرقة وإبادة حقيقية، والاحتلال وضع المواطنين أمام خيارين لا ثالث لهما، إما النزوح أو الموت، وحتى النزوح المتأخر يُكلف الناس حياتهم، فالكثيرون قتلهم الاحتلال وهم يحاولون الخروج من بيوتهم.
وأكد أن المسيّرات، والقناصة، والمدفعية تستهدف كل شبر في مناطق شمال القطاع، والناس تفر من الموت، وهو وعائلته نزحوا إلى غرب مدينة غزة ليومين، ثم أكملوا طريقهم نحو الجنوب، لأنهم يدركون أن الاحتلال سيكمل طريقه نحو باقي المدينة.
وأكد أن الناس ممن كانوا لا ينوون النزوح عن منازلهم اضطروا لمغادرتها، فلا أحد يمكنه البقاء في هذا الجحيم.
وأوضح جبريل أن غالبية الناس نزحت باتجاه غرب ووسط المدينة، على أمل أن تقتصر العمليات العسكرية على شمالها، أو أن تتوقف كلياً، والجميع يعيشون حالة ترقب وقلق، وينتظرون ما قد تحمله الأيام المقبلة من تطورات.
وأشار إلى أنه عايش أكثر من عملية عسكرية وتوغل منذ بدء العدوان على القطاع قبل نحو عامين، لكنه لم يشاهد أو يسمع أهوال كتلك التي عاشها مؤخراً.
وأكدت مصادر محلية أن جيش الاحتلال يُواصل سياسة التدمير الممنهج لما تبقّى من الأحياء في المناطق الشمالية للمدينة، حيث تتعرّض مناطق "جباليا البلد والنزلة والزرقا وأبو إسكندر" ومحيطها لقصف عنيف بالطائرات الحربية بالتزامن مع تفجيرات لروبوتات وقصف مدفعي متواصل، إلى جانب إطلاق الطائرات المسيّرة "كواد كابتر" النار وإلقاء الأجسام المتفجرة تجاه المدنيين.

 

نازحون في العراء

شهدت الأيام القليلة الماضية نزوح عدد كبير من المواطنين من مناطق جنوب وشمال المدينة باتجاه وسط وغرب المدينة، أو باتجاه جنوب القطاع.
لكن غالبية النازحين لم يجدوا مأوى يقيمون فيه، فلا أماكن خالية يمكن أن يستقروا فيها، ولا توجد خيام أو شوادر في الأسواق يمكن شراؤها لإقامة مأوى مؤقت.
وبدت مناطق غرب المدينة، خاصة "الميناء، حي الرمال، مفترق الجامعات، ومحيط مربع أنصار"، ممتلئة بالنازحين، غالبيتهم يتواجدون في الشوارع، وآخرون يفترشون الساحات العامة، والبعض يقيمون إلى جانب جدران، وسط مناشدات بمساعدتهم في توفير مأوى.
وقال المواطن أيمن المصري: إنه نزح من شمال المدينة إلى غربها، ولم يجد هناك أي مأوى، وعاش في خوف ورعب خشية أن يمتد العدوان إلى غرب المدينة، حتى قرر أخيراً التوجه نحو جنوب قطاع غزة، وهناك لم يجد مأوى.
وأكد أن أحد الأشخاص منحه خيمة لقريب له ما زال يعيش في شقته بالمدينة، لكنه أقامها إلى جواره ليلجأ إليها حال حدوث نزوح من المدينة، واشترط عليه الإقامة في الخيمة لمدة أسبوع، على أن يجد مكاناً آخر، وهو يبحث في كل مكان ولم يجد متسعاً، سوى في منطقة "الإقليمي"، جنوب مواصي خان يونس، وهي منطقة قريبة من مركز المساعدات الأميركية "الشاكوش"، والتي تتعرض لإطلاق نار على مدار اليوم، ويسقط فيها شهداء وجرحى، وجعلها آخر الخيارات، حال لم يجد أي مكان آخر سيضطر للجوء إليها.
في حين أكد المواطن عبد الله عاشور أن الاحتلال يُمارس كل أنواع الضغط على سكان المدينة لدفعهم للنزوح، وفي نفس الوقت يُصر على البقاء في مساحة تزيد على 93% من إجمالي مساحة جنوب القطاع، ولا يترك للناس سوى 7% وربما أقل من مساحة محافظتَي رفح وخان يونس، ويرفض الانسحاب من أي منطقة، وتوسيع المناطق الإنسانية، قائلاً: "هذا يذكرني بالمقولة الشهيرة: خبز صحيح لا تقطع، وخبز مُقطع لا تأكل، وكُل حتى تشبع"، في إشارة إلى وضع الناس أمام المستحيل، فإما الموت في مدينة غزة، أو التوجه لمكان لا يوجد فيه موطئ قدم لشخص واحد.
من جهتها، أكدت وكالة الغوث الدولية "الأونروا" أن تكثيف العملية العسكرية في مدينة غزة سيُعرّض حوالى مليون شخص لخطر النزوح القسري مجدداً، مع تأكيد وجود مجاعة في المنطقة، وأن أي تصعيد إضافي سيفاقم المعاناة ويدفع المزيد من الناس نحو الكارثة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق