منير قبلان
Published On 1/9/20251/9/2025
|آخر تحديث: 13:05 (توقيت مكة)آخر تحديث: 13:05 (توقيت مكة)
النبطية- لم يرُق مشهد النفايات المنتشرة على جوانب الطرقات ولا الأحواض المهملة للمواطن علي محمد حسين، ابن بلدة كفر رمان قضاء النبطية في الجنوب اللبناني، فآثر أن يأخذ المبادرة بنفسه، ليحوّل ساحات البلدة إلى مساحات ملونة بالورود، ويعيد الأزهار إلى الأحواض، داخل أحياء البلدة وعلى طريقها العام، واضعا شغفه بزراعة الورود في خدمة بلدته، ليعطي صورة مثالية عن المبادرات الفردية في خدمة المجتمع.
هذه المبادرة لم تكن وليدة اللحظة، بل بدأت منذ 8 سنوات، إذ بدأ حسين بزراعة الورود وأشجار الزينة في بلدته، من دون تكليف من أحد، بل إيمانا منه بأهمية أن تكون بيئته وبلدته بأبهى صورة.
وعندما أُعلن وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استأنف حسين نشاطه من جديد، ليزرع الطريق العام بأنواع متعددة من الورود والأشجار المزهرة.

جهد شخصي
يقول حسين للجزيرة نت إنه من خلال سفره للخارج ورؤيته للحدائق المميزة، استغرب ندرتها في لبنان، ولذلك أخذ على عاتقه نقل ما شاهده إلى بلدته كفر رمان.
ويضيف "يستفزني مشهد حاويات النفايات العشوائية، وتستفزني النفايات المبعثرة والأحواض المهملة، ولهذا أخذت على عاتقي الأمر، ولم أنتظر دعما من أحد، وبدأت بترتيب المكان وزرعت الأحواض والدوار والساحات شيئا فشيئا بالورود والزهور المتنوعة، وأتابعها دائما، لنعطي صورة جميلة عن بلدتنا".
ويأمل حسين أن تعمّم تجربته في كل البلدات اللبنانية، وخاصة البلدات الجنوبية التي انتهكها الاحتلال الإسرائيلي ودمرها، مؤكدا أن الزراعة بكافة أشكالها رسالة بأن اللبناني متمسك بأرضه ولا يُفرِّط بها أبدا.
ويوجه رسالته للشباب والشابات في القرى الجنوبية قائلا: "اهتموا ببلداتكم ولا تنتظروا من أحد شيئا، فالشارع والبيئة المحيطة بمنازلكم هي مسؤوليتكم أيضا، تماما كما تهتمون ببيوتكم من الداخل، واشبكوا أيديكم معا من أجل تطوير بلداتكم ومدنكم".

ارتياح وإعجاب
رئيس بلدية كفر رمان عبد الله فرحات نوّه بالمبادرات الفردية التي تسهم في تجميل البلدة، وقال للجزيرة نت إن ما قام به حسين دليل رُقي، وينمّ عن حبه لبلدته وبيئته ومجتمعه، مؤكدا أن البلدية تمد يدها له ولمن يحذو حذوه لتنفيذ مشاريع كهذه تهم البلدة وأهلها.
إعلان
ويضيف فرحات أن "أبناء جبل عامل والجنوب معروفون بعشقهم للأرض وتضحياتهم في سبيلها، وكل ما نقوم به من جهد إنما هو وفاء لتراب أرضنا الغالية، وهي أرض مقدّسة تستحق أن نحافظ عليها بأجمل صورة".
كما أبدى ابن بلدة كفر رمان محمد زهري إعجابه بخطوة ابن بلدته علي حسين، وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن مشاهد الأزهار والورود في ساحة البلدة وعلى جوانب الطرقات أعطت جمالية للبلدة، لا سيما أن شوارع البلدة تعد مسلكا لبلدات جنوبية عدة.
ويؤكد زهري ضرورة أن تعمّم هذه المبادرات أكانت فردية أم عبر البلديات أو الجمعيات، لما فيها مصلحة للمجتمع، داعيا المواطنين للمحافظة على البيئة وجمالية أحواض الورود وعدم رمي النفايات إلا بالأماكن المخصصة لها.

رسمية وأهلية
إلى جانب مبادرات الأفراد، هناك مبادرات من مؤسسات وأندية وجمعيات، تسعى جاهدة لإزالة آثار الحرب الإسرائيلية عن بلدات الجنوب، وتولي اهتماما خاصا بالمشاريع التجميلية.
وقد أخذ النادي الثقافي والاجتماعي في بلدة بني حيّان قضاء مرجعيون في الجنوب اللبناني على عاتقه إعادة الحياة للحديقة العامة في البلدة، بعد أن توغلت فيها الجرافات الإسرائيلية خلال فترة الهدنة، وعاثت فيها تخريبا، إذ دمرت الأحواض الزراعية، وجرفت حديقة الأطفال والمقاعد، حيث تجري أعمال الترميم على قدم وساق من أجل إعادتها بأفضل صورة ممكنة.

ويشرف رئيس النادي ديب جابر على أعمال الترميم والبناء، وتحدث للجزيرة نت عن ضرورة عودة الحياة للحديقة العامة، لتكون متنفسا وملتقى للأهالي ولأبنائهم.
ويقول "ندرك جيدا أن إعادة إعمار الحجر لا بد أن يترافق مع إعادة الأمل للبشر، فهذه الحديقة هي متنفس لأهالي البلدة إذ يلتقون فيها، وهي رسالة على أن الاحتلال لن يستطيع أن يمنع الحياة على هذه الأرض".
لذلك -يواصل جابر- "نحن مستمرون حتى تبقى الحياة وتعود أفضل مما كانت، واليوم نعيد تأهيل أحواض الأزهار وزراعتها من جديد، كما سنعيد زراعة العشب في حديقة الأطفال وتجديد الألعاب فيها، وسنجهز الحديقة العامة بمقاعد وممرّات جديدة، في حين أنجزنا إصلاح ملعب كرة القدم، ونتوقع خلال 15 إلى 20 يوما أن ننتهي من الأعمال لتعود الحياة للمكان".

إعادة للحياة
أما رئيس بلدية بني حيّان يحيى جابر فأشار إلى دور البلديات في إعادة الحياة للقرى، وقال "إن من مهام البلدية اليوم ليس فقط تأمين البنى التحتية من طرق وكهرباء ومياه وترميم المراكز العامة والدينية، بل أيضا إعادة الجمال والرونق الأخضر للبلدة عبر الاهتمام بالحدائق، وخاصة هذه الحديقة التي تشكل ملتقى للأهالي ومتنفسا لهم ولأطفالهم".
وأضاف رئيس البلدية جابر للجزيرة نت "نولي اهتماما خاصا بالمساحات الخضراء، وقمنا بترميم الأحواض وزراعتها من جديد عند مدخل المجلس البلدي فور عودتنا بعد انتهاء الحرب".

وناشد جابر كل الجمعيات والمنظمات وأصحاب الأيادي البيضاء الاهتمام بهذا الجانب، "لأنه يعيد الحياة والتواصل والتفاعل بين الناس. وما قام به النادي مبادرة جميلة، فعوضا عن أن ترى الركام والخراب خلال مرورك في البلدة فإنك ترى الأزهار والورود، وهذا ما يجعل البلدة أجمل وأبهى، وكل بلدة قادرة بأهلها وبمجلسها البلدي على القيام بهذا الدور لتحسين واقعهم وليبقى الأمل موجودا".
إعلان
0 تعليق