واحدة من أكبر التحولات في انطباع وقيمة العلامات التجارية يحصل الآن وأمام العالم بأسره، والتحول المقصود هنا هو القيمة الجديدة المكتسبة للعلامة التجارية «صنع في الصين». كانت قديماً ومنذ زمن قريب تعني هذه العبارة جودة سيئة ومنتجاً لا يمكن الوثوق به ولا الاعتماد عليه وبشاعة التصاميم. باختصار كانت عبارة صنع في الصين تعني الأرخص والأسوأ والأردأ. ولكن هذا الحال تغيّر تماماً. أصبحت هذه العبارة تعني أفضل قيمة بأقل سعر ممكن، اعتمادية يمكن الوثوق بها، تقنية متقدمة وسباقة، إبداع وتصاميم جذابة، فعالية مهمة ومؤثرة جداً. بل إن هناك شركات صينية أصبحت رائدة على المستوى العالمي في مجالها. ها هي شركة السيارات الكهربائية بي واي دي تزيح شركة تسلا الأمريكية عن المركز الأول لتصبح ثاني أكبر شركات السيارات قيمة على مستوى العالم وأكبر شركات السيارات الكهربائية. وهناك قصة نجاح عملاق الاتصالات العالمية شركة هواوي التي أزعجت شركات الغرب بتقنياتها المتقدمة وحوربت بأقسى الوسائل الممكنة. وهناك شركة علي بابا عملاق التسوق الإلكتروني أو متجر العالم كما يطلق عليه. وفي ذات السياق لا يمكن إغفال قصة نجاح تطبيق تيك توك الأهم على وسائل التواصل الاجتماعي والذي صدم منافسيه بدقة وتطور خوارزمياته. وطبعاً هناك تطبيق ديب سيك المتقدم الذي أصاب منافسيه في الغرب بالذهول الهائل نتاج تقدمه الكبير وانخفاض تكلفته غير العادي.
قصص هذه الشركات ونجاحها الملهم والمبهر هو نتاج حقيقي للعمل الدؤوب والرغبة الجامحة في إثبات الذات والتغلب على صورة نمطية مؤلمة وهي أيضاً تحصيل لمنحنى تعلم لا يمكن إغفاله ولا الاستهانة به يعتمد على الاستفادة من التجارب السابقة والتعلم من تجارب الآخرين.
الصين اليوم باتت رقماً مهماً وعنصراً أساسياً في مختلف الصناعات وجودة تجربتها دلالتها هي ثقة المستهلكين الذين يقدمون على المنتجات الصينية بثقة متزايدة، وهذا منح الصين ثقة في النفس وجرأة أكبر وطموحاً أعظم جعلها تقدم عن طريق شركة كوماك للطيران على صناعة طائرات ركاب مدنية نفاثة لمنافسة عملاقي تلك الصناعة بوينج وإيرباص. طموح الصين لا حدود له مما يؤكد أن صنع في الصين باتت لها معنى مختلف تماماً.
كانت صنع في الصين تعني كل ما هو رديء ولكن اليوم عندما يجتمع جدية العمل ووضوح الهدف والتعلم المستمر فهو تحقيق عملي لحكمة المفكر الحربي التاريخي الصيني صن تزوي الذي قال ذات يوم في كتابه الأشهر «فن الحرب» الجاهزية تضمن لك الانتصار.
0 تعليق