اليمين الإسرائيلي المتطرف يتغلغل.. هل خدمته حماس؟ - هرم مصر

سكاي نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في الوقت الذي تتصاعد فيه المعارك في غزة، يبرز نفوذ اليمين الإسرائيلي المتطرف كعامل رئيسي يؤثر على مسار الحرب وقرارات الحكومة، ويثير تساؤلات عمن يدفع ثمن السياسات المتطرفة، وكيف استفادت حركة حماس من هذا الواقع المعقد.

تتزايد تأثيرات وزراء اليمين المتطرف، كإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، داخل الحكومة الإسرائيلية، ليصبحوا حجر عثرة أمام أي مسعى لوقف الحرب أو فتح أفق سياسي للحل.

وفقًا لأستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة، حسام الدجني، خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية، فإن هؤلاء الوزراء فرضوا فيتو عمليا على أي توجه نحو التهدئة، مجبرين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على مراعاة الرأي الصلب للجمهور اليميني للحفاظ على شعبيته، رغم وجود ضغوط داخلية وخارجية للعودة إلى مسار السلام.

ويضيف الدجني خلال حديثه إلى غرفة الأخبار: "نتنياهو يدرك أن قاعدة التصويت الأساسية له هي جمهور اليمين، لذلك يتجاهل أحيانًا الاستطلاعات التي تشير إلى رغبة غالبية الإسرائيليين في وقف الحرب أو إطلاق سراح الرهائن، مفضلا الحفاظ على الدعم الصلب للتيار المتطرف".

ويشير الدجني إلى أن هذا التحالف بين نتنياهو واليمين المتطرف أدى إلى تحويل الصراع في غزة من إدارة الصراع إلى "حسم الصراع"، بما في ذلك زيادة وتيرة الاستيطان وانتهاكات المقدسات، وهو ما يعكس توجهًا أيديولوجيًا متطرفًا أكثر من كونه رد فعل على الهجمات الفلسطينية.

حماس: خسائر كبيرة وفرصة استثمار الصراع الداخلي

وعلى الرغم من أن اليمين الإسرائيلي حاول توظيف الصراع لتعزيز سلطته، إلا أن حركة حماس واجهت تداعيات كارثية بعد هجوم 7 أكتوبر.

يوضح الدجني: "إذا قارنا وضع حماس قبل 7 أكتوبر وما بعده، نجد أن الحركة خسرت كثيرا على مستوى القوة العسكرية والمؤسساتية والكادر البشري، سواء داخل الحركة أو في المجتمع الفلسطيني".

قبل الهجوم، كانت حماس تدير قطاع غزة بشكل متدرج، مع جهود قطرية لدعم الاقتصاد وزيادة عدد العمال، وكان الوضع يشهد تحسنًا نسبيًا. لكن الهجوم انعكس سلبا على الحركة، وجعلها أمام تحديات غير مسبوقة، سواء على صعيد البنية التنظيمية أو الدعم الشعبي.

مع ذلك، يستفيد اليمين الإسرائيلي المتطرف سياسيا من وجود حماس، حسب الدجني، لأنه يوفر ذريعة لتوحيد المجتمع الإسرائيلي، لا سيما مع نظرة دينية عقدية لدى التيار المتطرف تجاه الفلسطينيين والعرب، ما يتيح له استخدام الحرب لتعزيز سلطته الداخلية.

حماس والضغط الداخلي الإسرائيلي

إلا أن حركة حماس استطاعت استغلال حالة الانقسام داخل إسرائيل.
يقول الدجني: "المقاومة عززت الصراع الداخلي الإسرائيلي من خلال الرسائل الإعلامية والفيديوهات التي تقدم في إطار الحرب النفسية، حيث أصبح الخروج الجماهيري في إسرائيل مؤشراً مهمًا يمكن حماس من قراءته إيجابيًا فيما يتعلق بموقفها".

بعبارة أخرى، الاستقطاب الداخلي الإسرائيلي بسبب سيطرة اليمين المتطرف على الحكومة أعطى حماس هامشًا للتأثير النفسي والسياسي، ما ساهم في تعزيز موقفها على الرغم من الخسائر الميدانية.

جدلية الديمقراطية الإسرائيلية

من جانب آخر، يرى المحاضر في أكاديمية الجليل الغربي، موشيه العاد، أن الحديث عن سيطرة اليمين المتطرف على كل ما يحدث في غزة ليس دقيقًا بالكامل: "الحكومة تمثل أحيانًا إرادة الشعب وأحيانًا لا. معظم الإسرائيليين يريدون إنهاء الحرب وإعادة الرهائن، لكنهم أيضًا يريدون نزع سلاح حماس وتغيير السلطة المحلية في غزة".

ويضيف العاد أن المفتاح ليس بيد نتنياهو أو وزراء اليمين وحدهم، بل لدى الإدارة الأميركية، حيث يمكن للرئيس ترامب وفقًا له أن يفرض ضغوطًا حقيقية لوقف الحرب أو تعديل السياسات، وهو ما يظهر ضعف قدرة إسرائيل الداخلية على اتخاذ قرارات أحادية دون النظر إلى القوى الخارجية.

كما يشير إلى أن الديمقراطية الإسرائيلية هي "ديمقراطية اليهود"، مع محدودية تمثيل الأقليات، وأن الرأي العام غالبًا ما يعكس سياسات الحكومة لكنها ليست انعكاسًا كاملًا لإرادة الشعب، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي.

معادلة الردع.. إسرائيل الكبرى وحماس

يشدد الدجني على أن إسرائيل تتبع استراتيجية "إسرائيل الكبرى" بشكل تدريجي، تحت ذرائع مختلفة، تشمل الضفة الغربية وجنوب سوريا وحتى جنوب الليطاني، بهدف توسيع النفوذ والسيطرة، مع مراعاة التغطية الإعلامية والدبلوماسية.

هذا التوجه يفسر جزئيًا التشدد الحالي للتيار اليميني، والذي يرفض أي اتفاقات سلام أو تسويات مع الفلسطينيين دون إخضاعهم لشروط صارمة.
في المقابل، حماس نجحت في استخدام هذه السياسة لتقوية موقعها الداخلي، عبر إبراز قدرتها على الصمود في مواجهة محاولات القضاء عليها، وتعزيز صورتها بين الفلسطينيين بأن المقاومة مستمرة، وأن الهجمات الإسرائيلية لم تنتصر عليها بشكل كامل.

التحديات المستقبلية.. من يدفع الثمن؟

يوضح الدجني خلال حديثه أن الثمن الأكبر لهذا الصراع يدفعه الشعب الفلسطيني: "أيا كانت نتائج الحرب، سيبقى النضال الفلسطيني قائمًا ضد الاحتلال، وإذا أرادت إسرائيل العيش كدولة طبيعية في المنطقة، عليها قبول مسار سياسي يحقق السلام، وإلا سيستمر الفلسطينيون في المقاومة".

بينما يرى العاد أن الانتخابات القادمة في إسرائيل ستكون حاسمة لتحديد ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستتجه نحو التهدئة والبراغماتية، أو استمرار التوجه المتطرف، وهو ما يضعف فرص التوصل إلى اتفاقات مستدامة ويجعل الشعب الفلسطيني دائمًا في موقع الخطر.

يمكن القول إن تصاعد نفوذ اليمين المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية أعطى صمود حماس وحركتها السياسية هامشًا استراتيجيًا، رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الحركة على الأرض.

الصراع في غزة اليوم ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل هو لعبة سياسية معقدة، تتقاطع فيها المصالح الداخلية للإسرائيليين مع الاستراتيجيات الخارجية، ويظل الشعب الفلسطيني هو الطرف الذي يتحمل الكلفة الأكبر، بينما تتأرجح السياسات بين التطرف والبراغماتية، وبين الرهانات الداخلية والدولية على مسار الحرب والسلام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق