خبيرة صحفية: هكذا يجرّد الإعلام الأميركي الضحايا الفلسطينيين من إنسانيتهم - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تحوّل الإعلام الغربي من مراقب للسلطة إلى خادم لها، خاصة في السياسة الخارجية والحروب، واصطفت وسائل الإعلام مع النخب الحاكمة والمؤسسة العسكرية الأميركية متخلية عن دورها في مساءلة المسؤولين.

وفي السياق أكدت أستاذة دراسات الاتصال في جامعة فوردهام، البروفيسورة روبين أندرسون، -والتي توصف بالصوت الرائد في أخلاقيات الإعلام- خلال مقابلة مع برنامج "المنطقة الرمادية" على موقع الجزيرة نت، أن هذا الانحياز يظهر بوضوح في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وكشفت تغطية الإبادة الجماعية في غزة مدى انحياز الإعلام الغربي وافتقاره للمعايير المهنية، إذ اعتمدت وسائل الإعلام الأميركية على تقديم النسخة الإسرائيلية مقابل نسخة وزارة الصحة الفلسطينية دون تقديم الحقائق أو الخلفيات التاريخية للصراع.

وتفاقم هذا الوضع بوصول الرقابة التحريرية إلى منع الصحفيين من استخدام مصطلحات دقيقة، حيث أصدرت صحيفة "نيويورك تايمز" ووكالة "سي إن إن" تعليمات صريحة بتجنب استخدام تعابير "التطهير العرقي" و"الاحتلال" و"مخيمات اللاجئين"، بحسب أندرسون.

وتحولت "اللغة المعقمة" إلى أداة رئيسية لتبرير الفظائع وإخفاء حقيقتها، فأصبحت مصطلحات "الأضرار الجانبية" و"الضربات الجراحية" تبرر قتل المدنيين، بينما قدم الإعلام الأميركي القنابل الإسرائيلية المدمرة كـ"ضرورة إستراتيجية".

وانعكس هذا التضليل في بناء السردية الإعلامية على أساس أن العنف الإسرائيلي انتقامي ومبرر، متجاهلا السياق التاريخي والقمع المستمر.

بينما كررت وسائل الإعلام الادعاءات الإسرائيلية دون تدقيق، فصورت الضحايا الفلسطينيين كأرقام مجردة دون أسماء أو حزن، بينما قدمت الإسرائيليين كأشخاص حقيقيين لهم مهن وعائلات.

أسباب عنصرية

وتوضح أندرسون أن العنصرية تقف وراء هذا التفاوت، معتبرة أن السبب البسيط في تجريد ضحايا الجنوب العالمي من إنسانيتهم -لأنهم ليسوا بيض البشرة- من الثقافة الغربية المألوفة.

وتشكل المصادر المجهولة من القطاعات العسكرية والاستخباراتية الأخبار وفقا لمصالحها، في ظل اقتراب الإعلام الأميركي من الدولة العسكرية واعتماده على منفذي العمليات العسكرية كمصادر أخبار.

إعلان

كما كشفت التجربة الأفغانية خطورة هذا الاعتماد، حيث أكدت المصادر العسكرية لمدة 20 عاما السيطرة والانتصار القريب على طالبان، لكن النهاية أثبتت عكس ذلك تماما، كما تشير أندرسون.

ويمثل هوس وسائل الإعلام الغربية بالتضليل الخارجي تحويلا للانتباه عن قصورها الذاتي، إذ تتجاهل هذه الوسائل توظيف شركات التقنية الأميركية لعملاء استخباراتيين وعسكريين إسرائيليين لمراقبة المحتوى الفلسطيني وحذفه.

ووصلت الرقابة الرقمية مستويات غير مسبوقة، فأزالت منصات التواصل الاجتماعي عشرات المواقع والصفحات الفلسطينية والداعمة لها، بدءا من قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول واستمرارا بعده.

في المقابل، قدمت شبكة الجزيرة نموذجا مختلفا بالتزامها التحريري بالمنظور الإنساني، حيث خاطر صحفيوها بحياتهم للبقاء في الميدان، وفق أندرسون، التي أشارت لمقتل 223 صحفيا في غزة على يد قوات الاحتلال وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الصحافة.

وتكشف هذه المقارنة الصارخة بين الصحفيين الميدانيين الذين خاطروا بحياتهم وزملائهم الغربيين الذين اكتفوا بالجلوس في مكاتبهم والاستماع للمتحدثين الإسرائيليين، الفجوة العميقة بين الصحافة الملتزمة بالحقيقة والإعلام المنحاز للسلطة.

Published On 27/8/202527/8/2025

|

آخر تحديث: 21:42 (توقيت مكة)آخر تحديث: 21:42 (توقيت مكة)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق