انطلقت فعاليات ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمحافظة جنوب سيناء، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، بالتعاون مع العلاقات الثقافية الدولية، في إطار برامج وزارة الثقافة الهادفة إلى تعزيز العلاقات الثقافية وتبادل الخبرات بين الفنانين العرب، وتفعيل المراسم الفنية في المحافظات الحدودية.
تضمن اليوم الأول للملتقى جولة ميدانية بدير سانت كاترين بحضور فيفيان البتانوني، مدير عام الإدارة العامة للفنون التشكيلية، والدكتور إسلام الهواري، القوميسير العام للملتقى، والفنانون المشاركون وهم: علا بنت أسعد بن نمر "السعودية"، عمار فاروق النحاس "سوريا"، شارل صوما الخوري "لبنان"، مريم بنت محمد بن عبد الكريم "عمان"، كمال الدين خالد محمود أبو حلاوة "الأردن"، ويصال بنت محرز بن سيلمان "تونس"، مراد عبد اللاوي "الجزائر"، جابر فرحان "العراق"، إلهام صالح المهدي "ليبيا"، نجاة حسن مكي صالح "الإمارات"، ريمة عبد الرحمن المزين "فلسطين".
ومن مصر: د. فخري العزازي، د. أمل أحمد نصر، د. رضا عبد السلام، د. محمد غالب حسان، ود. عماد أبو زيد.
ورافق حسام صبحي، مدير آثار سانت كاترين وفيران، الفنانين للتعريف بتاريخ الدير، وقدم لهم شرحا وافيا حول كنيسة التجلي، متحف مذخر الكنوز المقدسة، الشجرة المعلقة، وجبل التجلي الأعظم، موضحا القيمة التاريخية والروحانية التي جعلت الدير أحد أهم مواقع التراث العالمي المسجلة باليونسكو.
وقال الدكتور إسلام الهواري، القوميسير العام للملتقى، إن الفكرة جاءت انطلاقا من اهتمام الهيئة العامة لقصور الثقافة بتوثيق مدينة دهب والعديد من المناطق بجنوب سيناء، لإنتاج أعمال تكون نواة لإنشاء متحف للفنون التشكيلية يوثق لمناطق مصر المختلفة برؤى معاصرة.
وعن الجولة الأولى للملتقى أشار إلى أنه تم اختيار دير سانت كاترين، الذي يعتبر واحدا من أهم المعالم الدينية والثقافية في العالم، وتابع قائلا: كان من الضروري أن تكون أولى جولاتنا الميدانية في هذا المكان المقدس، مؤكدا أن هذه الجولة جاءت لتلهم الفنانين من خلال المزج بين الطبيعة الجغرافية الفريدة والثراء الروحاني والحضاري للمكان.
من ناحيتها، أشارت فيفيان البتانوني، مدير عام الإدارة العامة للفنون التشكيلية، أن اختيار مدينة دهب لإقامة الملتقى جاء لما تتميز به من موقع فريد في سيناء باعتبارها البوابة الشرقية لمصر، مما يمنحها خصوصية في التواصل مع العالم العربي سواء في إفريقيا أو آسيا.
وأوضحت أن دهب بيئة ثرية وملهمة لإقامة الفعاليات الفنية، حيث ما زالت تحتفظ بطابعها الطبيعي الأصيل، سواء في الجبال أو طبيعة المكان البسيطة.
وأضافت البتانوني إلى أن المشروع بدأ محليا ثم انطلق في نسخته العربية الأولى من مدينة دهب بجنوب سيناء، باعتبارها نقطة التقاء قارتي آسيا وإفريقيا. وأوضحت أن اختيار الفنانين المشاركين تم بناء على تاريخهم الفني وبصمتهم التشكيلية المميزة، وذلك بهدف تعزيز التبادل الثقافي بين الدول العربية في إطار البروتوكولات الموقعة بين وزارة الثقافة المصرية ونظيراتها في الوطن العربي.
وأعرب الفنانون المشاركون عن سعادتهم بالمشاركة في الملتقى، وأبدوا انبهارهم بما شاهدوه بمنطقة دير سانت كاترين، مؤكدين أن هذه الزيارة ستنعكس في أعمالهم الفنية.
قالت الفنانة الإماراتية نجاة مكي إنها فخورة بالمشاركة وممتنة لحفاوة الاستقبال والتنظيم، مؤكدة اعتزازها بمصر التي درست فيها الفنون الجميلة حتى حصولها على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة حلوان.
وأشارت إلى أن أسلوبها الفني يميل إلى التجريد ودمج رموز مستوحاة من التراث والبيئة، وأن وجود الملتقى في دهب يفتح المجال لاقتباس عناصر بصرية من الطبيعة والبحر والبيئة المحيطة.
وأشار الفنان اللبناني شارل خوري أن هذه هي مشاركته الفنية الأولى في مصر، رغم زيارته السابقة للقاهرة وشرم الشيخ ودهب، وأشاد بقيمة الملتقيات الفنية التي تتيح للفنان الخروج من الروتين والانغماس في بيئة جديدة تنعكس على العمل الفني، موضحا أن أعماله أقرب إلى المدرسة التصويرية الجديدة، حيث يتعامل مع المنظور والصورة وفق رؤيته الخاصة، وعلى الفنان المعاصر أن يسعى لاكتشاف مزيد من الأساليب والتجارب.
وأوضحت الفنانة التونسية ويصال سيلمان، رئيس الرابطة التونسية للفنون التشكيلية، وأستاذ بالمعهد العالي للفنون الجميلة، أن مدينة دهب تبعث على الإلهام وتفتح أمام الفنان آفاقا جديدة، وأضافت إلى أن أسلوبها الفني يميل إلى المعاصرة والحداثة مع ترك مساحة للصدفة والحوادث العفوية لتكون جزءا من تكوين اللوحة، مؤكدة أن الالتقاء مع الفنانين في هذا الملتقى، سيترك بلا شك بصمة واضحة على أعمالها.
كما أشار الفنان الأردني كمال أبو حلاوة، الرئيس السابق لرابطة الفنانين الأردنيين، إلى أن مشاركته في الملتقيات في مصر أصبحت تقليدا سنويا، لما تضيفه له من خبرات وتجارب متنوعة.
وأوضح أن له مشاركات عديدة في مصر مع مؤسسات حكومية وخاصة، أبرزها ملتقى الأقصر وملتقى البرلس.
وعن أسلوبه الفني، قال: أقدم أعمالا مستوحاة من المدرسة الطبيعية التعبيرية، وأحرص على الارتباط بالواقع الإنساني، وتمنى أن يخرج الملتقى بإبداعات تعكس ثراء هذه التجربة.
وأكد الفنان السوري عمار النحاس، أن هذه هي زيارته الأولى إلى مصر، وأوضح أن أهمية الملتقى تكمن في كونه مساحة للتفاعل الثقافي والفني بين الفنانين من دول مختلفة، ما يتيح له التعرف على مدارس وأساليب متنوعة، وبالتالي إيجاد موضوعات فنية جديدة.
كما أعربت الفنانة الليبية د. إلهام الفرجاني، أستاذ بكلية الفنون والتصميم بجامعة طرابلس والمتخصصة في الجداريات، عن سعادتها بالمشاركة، واعتبرت الملتقى فرصة ثمينة للعودة إلى الساحة الفنية المصرية بعد غياب منذ عام 2010، مشيرة إلى أن الملتقى يمثل حالة خاصة كونه أول ملتقى أكاديمي مخصص للرسم والتصوير ويضم فنانين أصحاب تجارب راسخة وبصمات واضحة في بلدانهم.
وأوضح الفنان الدكتور عماد أبو زيد، أستاذ النقد والتذوق الفني بجامعة حلوان، أن الملتقى يعزز الهوية والانتماء الثقافي، مؤكدا أن الفن وسيلة بصرية قادرة على توحيد الشعوب العربية وإبراز حضارتها المشتركة، لافتا إلى أن أسلوبه الفني يمزج بين التجريد والتشخيص معتمدا على الرموز والعلامات البصرية المستوحاة من التراث الشعبي والآثار القديمة.
كما أشار الفنان الدكتور محمد غالب، أستاذ ورئيس قسم البرنامج الخاص بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، إلى أن الملتقى يمثل تجربة جديدة في مكان غني بالثقافات.
وأعرب عن سعادته بالمشاركة، موضحا أنه يعمل بأسلوب واقعي يستلهم المناظر الطبيعية في دهب باستخدام ألوان الأكريليك، وجاء ترشيحه، استنادا إلى مشاركته السابقة في ملتقى "مراسم رشيد للرسم والتصوير"، الذي قدم خلاله أعمالا ذات طابع خاص.
أما الفنانة الدكتورة أمل أحمد نصر، أستاذ بكلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية، فأوضحت أن أسلوبها يميل إلى التجريدية التعبيرية ذات الجذور المستمدة من الطبيعة.
وأكدت أن التعرف على تجارب الفنانين من مختلف الدول هو المكسب الحقيقي، ومن الجميل اكتشاف المكان من خلال عين الفنان أو المصور.
وفي كلمته، وجه الفنان الدكتور فخري العزازي، أستاذ بكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، الشكر للقائمين على الملتقى، مشيدا بالتنظيم ووجود نخبة كبيرة من الفنانين، ما يثري التجربة ويعزز من تنوع الأفكار والتقنيات الفنية، وهو ما سينعكس على الناتج الفني المتوقع، ليكون أكثر تميزا وتنوعا.
وأوضح أن أعماله تمزج بين الواقعية والتعبير الشعوري لإيصال رسالة واضحة للمتلقي.
وأكدت الفنانة السعودية علا حجازي أن المشاركة في الملتقى تمثل عودة قوية بعد فترة توقف طويلة عقب جائحة كورونا، مشيرة إلى أن زيارات الأماكن التراثية مثل سانت كاترين تثري التجربة الفنية، فالسفر إلى أماكن جديدة يعيد عنصر المفاجأة ويجدد روح الفنان، ويكسر الروتين اليومي.
وأوضحت أن مصر بالنسبة لها هي اللبنة الأساسية في مسيرتها الفنية منذ أن زارت القاهرة في طفولتها، وتأثرت بأعمال كبار الفنانين، وشاركت لاحقا في عدد من الملتقيات منها ملتقى الأقصر الدولي وملتقى القاهرة، إلى جانب المعارض الفنية بدار الأوبرا المصرية.
وأشارت الفنانة الفلسطينية ريمة المزين، حاصلة على درجة الماجستير في التربية الفنية من كلية التربية الفنية جامعة حلوان، أن هذه ليست المرة الأولى التي تشارك فيها في مصر، إنما سبق أن قدمت مشاركات عديدة من خلال معارض جماعية وورش عمل، بالإضافة إلى المعارض الشخصية.
وأوضحت أن أجواء الملتقى مميزة إذ يتيح التعرف على ثقافة سيناء، من خلال الزيارات السياحية للمناطق الأثرية، ما يمد الفنانين بمخزون بصري ملهم يساعدهم على إنتاج أعمال فنية مستوحاة من البيئة المحيطة.
فيما أكدت الفنانة العمانية مريم عبد الكريم، إحدى رائدات الحركة التشكيلية في سلطنة عمان، أن جمع هذا العدد من الفنانين العرب في مكان واحد يعد إنجازا كبيرا، مشيدة بجهود التنظيم في تهيئة الأجواء المناسبة للإبداع من خامات وأدوات وأجواء مريحة تساعد الفنان على إنتاج أعماله بما يليق بمستوى الحركة التشكيلية في الوطن العربي.
وأشار الفنان الدكتور رضا عبد السلام، أستاذ بكلية الفنون الجميلة، أن انعقاد الملتقى العربي الأول للرسم والتصوير بمدينة دهب، يمثل تجربة فنية وإنسانية مميزة، أتاحت للفنانين فرصة التعارف المباشر، من خلال الحوارات الإنسانية التي تخلق حالة من الألفة، معتبرا ذلك من أجمل ما يميز هذه اللقاءات.
ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير ينفذ بإشراف الإدارة المركزية للشئون الفنية برئاسة الفنان أحمد الشافعي، ويشمل برنامجا متكاملا يتضمن زيارات ميدانية للمواقع الأثرية والطبيعية بالمحافظة.
وتنفذ الفعاليات من خلال الإدارة العامة للفنون التشكيلية والحرف البيئية وذلك حتى 2 سبتمبر المقبل، بالتعاون مع إقليم القناة وسيناء الثقافي، وفرع ثقافة جنوب سيناء، وتختتم بإقامة معرض فني نتاج أعمال الفنانين المشاركين، خلال الفترة من 3 حتى 7 سبتمبر، وذلك بمركز الهناجر بدار الأوبرا المصرية.





0 تعليق