توماس فرانك مدرب توتنهام.. عبقرية تكتيكية أسقطت غوارديولا - هرم مصر

الكورة السعودية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

"إذا لم تُخاطر، فإنك تُخاطر أيضا"، بهذه الكلمات التي تحمل في طياتها فلسفة عميقة يرسم توماس فرانك، المايسترو الدانماركي، لوحة فنية على أرض الملعب، حين يمزج بين الجرأة والذكاء التكتيكي ليصنع من توتنهام قوة لا يُستهان بها.

الفريق اللندني أسقط مانشستر سيتي على ملعب الاتحاد (2-صفر) في عرض تكتيكي باهر، وأثبت أن هذه المباراة لم تكن مجرد انتصار عابر، بل كانت إعلانا صريحا بأن توتنهام تحت قيادة فرانك يسير على الطريق الصحيح.

هذا الانتصار جعل فرانك ثالث مدرب في التاريخ يهزم بيب غوارديولا مع فريقين مختلفين، لينضم إلى القائمة التي تضم جوزيه مورينيو وأنطونيو كونتي.

وقبل ذلك، كاد فرانك أن يُحرج لويس إنريكي في نهائي السوبر الأوروبي، حيث أقرّ المدرب الإسباني بتفوق توتنهام تكتيكيا، في دلالة واضحة على أن الدانماركي ليس مجرد مدرب، بل قائدٌ يُشكّل فريقه ببراعة.

لويس إنريكي (يسار) اعترف بتفوق توتنهام تكتيكيا بكأس السوبر الأوروبي (الأناضول)

نبوءة غوارديولا

قبل عام من الآن، وفي أعقاب هزيمة مانشستر سيتي أمام برينتفورد ذهابا وإيابا في موسم 2022-2023 الموسم الذي حقق فيه السيتي ثلاثيته التاريخية، تنبأ بيب غوارديولا بمستقبل مشرق لتوماس فرانك.

وقال "إنها مسألة وقت قبل أن يصبح توماس مدربا لناد أوروبي كبير، أنا جيد في ملاحظة المدربين الممتازين".

كلمات غوارديولا لم تكن مجرد إطراء عابر، بل شهادة من أحد أعظم المدربين في العصر الحديث، تؤكد أن فرانك يمتلك رؤية استثنائية.

لقد كانت المباراتان أمام السيتي مع برينتفورد بمنزلة إعلان وصول فرانك إلى الصفوة. واليوم، مع توتنهام، يواصل كتابة فصول نجاحه.

 

تحديات تصقل الإبداع

لم تكن بداية المشوار مع توتنهام مفروشة بالورود. فرحيل النجم الكوري هيونغ-مين سون، وإصابة جيمس ماديسون المؤلمة بتمزق الرباط الصليبي، وفشل التعاقد مع نجم كريستال بالاس إيبيريتشي إيزي الذي اختار الانضمام إلى أرسنال، كلها ضربات كادت أن تهز استقرار الفريق.

إعلان

لكن فرانك حوّل هذه التحديات إلى فرصة لصناعة فريق يعتمد على المنظومة لا على الأفراد. لقد أعاد تشكيل توتنهام ليصبح آلة تكتيكية مرعبة، تجمع بين الانضباط الدفاعي والجرأة الهجومية.

الضغط العالي كلمة السر

يؤمن فرانك بأن الكرة ليست مجرد لعبة أهداف، بل معركة ذكاء وطاقة. فعندما سُئل عن مقولة المدرب السابق لليفربول يورغن كلوب التي وصف فيها الضغط الفعال بأنه "أفضل صانع ألعاب في كرة القدم"، أجاب فرانك بابتسامة ذكية "كلوب رجلٌ عبقري، وسأرسل له رسالة لأقول إنه محق تماما، وأنا أؤمن بالضغط العالي واللعب من الأمام، هذه عقليتي".

هذا الإيمان بالضغط العالي واللعب الاستباقي يظهر جليا في أداء توتنهام هذا الموسم.

هدف الفريق الثاني أمام مانشستر سيتي كان مثالا حيا على فعالية هذه الفلسفة، حيث استغل الفريق استرداد الكرة في منطقة متقدمة ليسجل الهدف الثاني في مرمى السيتي.

حدة الضغط العالي التي يفرضها توتنهام جعلت الفريق يبدو كوحش لا يهدأ يستطيع إفشال عملية البناء من الخلف للخصوم حتى لو كان هذا الخصم هو غوارديولا نفسه الذي يعتبر عراب البناء من الخلف والخروج من الضغط.

المرونة التكتيكية

ما يميز فرانك هو قدرته على الجمع بين المرونة التكتيكية والصلابة التنظيمية. فأمام مانشستر سيتي، أظهر توتنهام شخصية قوية في الدفاع المنخفض، حيث استطاع تحييد تنوع كتيبة غوارديولا الهجومية.

في الشوط الثاني، حول الدانماركي المباراة إلى ساحة صراعات ثنائية، تفوق فيها ثلاثي خط وسط توتنهام الذين يغلب عليهم الطابع البدني (باب سار، بالينيا، وبينتانكور) ليفرضوا سيطرتهم على وسط الملعب.

لكن فرانك لم يكتف ببناء حصن دفاعي، بل أضاف لمسة هجومية باهرة. فمن خلال استغلال ومهاجمة المساحة على أطراف الملعب عبر تحركات محمد قدوس وبرينان جونسون، جعل دفاع السيتي في حالة ارتباك دائم.

يبدو أن توماس فرانك لم يأت إلى توتنهام كمدرب عابر، بل كرجل يحمل رؤية واضحة وطموحا كبيرا. فتجربته الناجحة مع برينتفورد كانت البذرة التي ازدهرت اليوم مع عناصر توتنهام العالية الجودة.

لقد أعاد تشكيل هوية الفريق، وحوّله من فريق يعاني من تقلبات الأداء إلى قوة تكتيكية تُنذر بموسم استثنائي. الأيام المقبلة ستكون شاهدة إلى أي مدى سيصل إبداع المايسترو الدانماركي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق