انتقد الكاتب الإسرائيلي إيهود بيليج ما وصفه بـ"المرض المزمن" في إدارة المؤسسات والمجتمع داخل إسرائيل، والمتمثل في غياب التفكير بعيد المدى لصالح حسابات آنية قصيرة الأجل، وهو ما اعتبره سببا مباشرا لتآكل القوة الداخلية لإسرائيل وتفكك جبهتها الداخلية في مواجهة التحديات.
وأضاف بيليج في مقال نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية أن الساسة الإسرائيليين كرّسوا نمطا من إدارة الأزمات يقوم على إرضاء الرأي العام لحظيا، بدلا من الاستثمار في حلول إستراتيجية طويلة المدى، وهو ما جعل المجتمع أكثر هشاشة وأقل استعدادا لمواجهة التحديات الكبرى، سواء الأمنية أو الاجتماعية.
ويقول الكاتب إن مظاهر التفكير قصير الأمد تتجلى في قضايا عديدة، مثل ضعف منظومة الدعاية الرسمية، والإخفاق المزمن في تحصين مئات آلاف المنازل من الصواريخ، والتراخي لعقود في قضية تجنيد الحريديم، فضلا عن سياسة حكومية تعتمد على حروب طويلة تستنزف الدماء والموارد.
ويشبّه الكاتب هذا النهج بقِصر النظر الفكري، معتبرا أن كثيرين في إسرائيل يتجاهلون حقائق أساسية مثل أن "الحياة لا تُختزل في لحظة واحدة"، ويضيف أن هذه الانقسامات المجتمعية، التي تغذيها الخلافات السياسية والتحريض المتبادل، تشكل تهديدا لا يقل خطورة على الأمن القومي من التحديات العسكرية المباشرة.
إستراتيجية الحرب، عبر "اقتصاد الذخيرة البشرية"، أدت إلى إنهاك الجنود والاحتياطيات العسكرية والأسر والاقتصاد معا.
ويقول الكاتب إن المشكلة تكمن في أن كثيرا من الإسرائيليين لا يدركون العلاقة بين سلوكهم الفردي وبين صورة المجتمع ومستوى مناعته الوطنية، في وقت يوظف فيه الساسة الانقسامات لتعزيز نفوذهم، إذ يفكّرون بالانتخابات القادمة لا بمصير الأجيال المقبلة.
ويستحضر الكاتب مقولة الفيلسوف إيمانويل كانط: "تصرّف كما لو أن سلوكك سيصبح قانونا عاما"، ليدلل على غياب الحكمة الجماعية في إسرائيل، حيث تحكم اللحظة العاطفة والاندفاع، بدلا من التعقل والتخطيط بعيد المدى.
إعلان
ويلفت الكاتب إلى أن إستراتيجية الحرب، عبر ما يصفه بـ"اقتصاد الذخيرة البشرية"، أدت إلى إنهاك الجنود والاحتياطيات العسكرية والأسر والاقتصاد معا، الأمر الذي يقوّض ثقة الجمهور بقيادته السياسية، ويضعف استعداده للمشاركة في المهام الوطنية.
وحذر الكاتب من أن إسرائيل لن تستطيع الاستمرار في رهن مستقبلها لصالح مكاسب مؤقتة، لأن التفكير قصير الأمد يلوّن حاضرها ومستقبلها بلون حالك.
0 تعليق