ما بين تحذير أمريكي ونفي عراقي.. عودة «داعش».. حقيقة أم سراب؟ - هرم مصر

عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مشهد سياسي وأمني متداخل تغلب عليه الضبابية، يبرز تضارب واضح في الرؤى بين الولايات المتحدة والعراق حول خطر تنظيم «داعش»، ما يثير تساؤلات حول حقيقة هذا التهديد وما إذا كان وشيكاً أم انه مجرد توظيف لخطر يُستخدم في سياقات سياسية أوسع.

من جهتها، أعلنت السفارة الأمريكية في بغداد «قلقها العميق» إزاء ما وصفته بالعمليات المستمرة والتوسعات الإقليمية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة» في كل من العراق وسورية. هذا التحذير، الذي يحمل في طياته دلالات استخباراتية وسياسية، لم يمر دون رد من بغداد. فبعد ساعات قليلة، قلّل المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية من شأن هذا التهديد، مؤكداً أن «عصابات داعش لا تشكل خطراً على البلاد»، في تصريح يهدف إلى طمأنة الداخل وإبراز سيطرة الدولة على الوضع الأمني.

ويزداد المشهد تعقيداً مع تواتر معلومات، نقلتها مصادر سياسية، عن تحركات عسكرية أمريكية متسارعة وغير متوقعة، وتؤكد المصادر أن القوات الأمريكية قد بدأت بالفعل في إعادة تموضعها، وشرعت في نقل عناصر من قواعد حيوية كـ«عين الأسد» في الأنبار ومعسكر «فيكتوري» قرب بغداد، باتجاه قواعد في إقليم كردستان (أربيل) ودولة مجاورة (الكويت). والأخطر من ذلك، هو حديث لمصدر سياسي عن إبلاغ واشنطن للجانب العراقي بنيتها تسريع وتيرة الانسحاب، متجاوزة بذلك الجدول الزمني المتفق عليه ضمن اتفاقية الإطار الاستراتيجي، الذي كان يحدد سبتمبر 2025 وأواخر 2026 كمواعيد للانسحاب من العراق وإقليم كردستان على التوالي.

هذه التطورات المتلاحقة لا يمكن فصلها عن سياق إقليمي ملتهب، خصوصاً في الساحة السورية، حيث لوحظت تحركات لافتة للتنظيم. فقد عاد «داعش» لاستخدام تكتيك «الانتحاريين» لأول مرة منذ سقوط نظام الأسد، مستهدفاً نقاطاً أمنية، فضلاً عن خوضه اشتباكات متفرقة على الحدود العراقية السورية مع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد). وتكمن الخطورة في أن «قسد» تسيطر على سجون تضم الآلاف من مقاتلي التنظيم، بما في ذلك قيادات من الصف الأول، ما يجعل فكرة اقتحام هذه السجون لتحريرهم احتمالاً وارداً، إذ يعطي التنظيم ذلك الأولوية وهو ما تدركه الأجهزة الأمنية في العراق وسورية، وكذلك التحالف الدولي.

داخلياً، يقف العراق على أرض سياسية رخوة، مشبعة بالخلافات والانقسامات العميقة حتى داخل التحالف الحاكم المتمثل في «الإطار التنسيقي». وتتفاقم هذه الخلافات مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في 11 نوفمبر القادم، إذ أدت «حرب الملفات والفضائح» إلى صدمة في الشارع السياسي العراقي بعد استبعاد أكثر من 150 مرشحاً من الإطار نفسه بموجب قانون «المساءلة والعدالة» لارتباطات سابقة بحزب البعث قبل شهرين فقط من موعد الانتخابات التشريعية المُنتظرة، في أجواء من التوترات في عموم المشهد السياسي المشحون.

ويلقي الصراع الأمريكي الإيراني بظلاله على الساحة العراقية، وتتجسد أبرز تجلياته في الجدل الدائر حول إقرار «قانون الحشد الشعبي» أو عدم اقراره. فبينما تهدد واشنطن بفرض عقوبات اقتصادية على العراق في حال تمرير القانون، وتصر على ضرورة حل الحشد ودمجه في الأجهزة الأمنية الرسمية تحت طائلة العقوبات الاقتصادية، تدفع طهران بقوة في الاتجاه المعاكس. وقد حملت زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني الأخيرة إلى بغداد رسائل واضحة بضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، وتمرير قانون الحشد، وتجنب تشكيل حكومة طوارئ أو حكومة إنقاذ.

أمام هذا المشهد المعقد، وتصريحات بعض السياسيين العراقيين التي تحذر من احتمالية اندلاع مظاهرات مدعومة خارجياً بهدف إسقاط النظام السياسي، وفق المصدر السياسي، يبدو أن الأيام القادمة قد تشهد تطورات كبرى تتجاوز كل التوقعات. ففي ظل هذا الاحتقان الإقليمي، الذي ينذر بإمكانية تجدد المواجهة بين إيران وإسرائيل، أو قيام طهران باستهداف إسرائيل أو القواعد الأمريكية في المنطقة في حال تيقنت من نية إسرائيل المباشرة بشن هجمات على طهران، يبقى العراق ساحة محتملة لتصفية الحسابات عبر وكلاء محليين من الفصائل الحليفة لها، ما يفتح الباب واسعاً على كل الاحتمالات.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق