وضع الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خططا عسكرية قال، إنها تهدف للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإعادة الأسرى الإسرائيليين في غزة، وتندرج هذه الخطط أساسا في عملية "السيوف الحديدية"، وهو الاسم الرسمي الذي أطلقته إسرائيل على حربها العسكرية الشاملة على غزة.
وتعكس هذه الخطط مقاربة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- القائمة على احتلال قطاع غزة كله وإلحاق الهزيمة بحماس وتجريدها من سلاحها، ما يمثل بحسب ادعاءاته أفضل ضمانة للحفاظ على أمن إسرائيل من جهة غزة.
ولاقت جميع هذه الخطط معارضة محلية ودولية واسعة، وسط انتقادات لإصرار نتنياهو على استخدام النهج العسكري لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة.
عمليات فاشلة
أعلن الاحتلال الإسرائيلي حرب السيوف الحديدية على قطاع غزة ردا على عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ومنذ اليوم الأول للحرب أطلقت إسرائيل خططا عسكرية، قال نتنياهو، إنها تهدف للقضاء على حركة حماس وإنهاء حكمها في غزة واستعادة الأسرى الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية.
وخلف ذلك عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين الفلسطينيين، ودمارا واسعا في البنية التحتية في غزة، وكارثة إنسانية غير مسبوقة، فضلا عن انتشار المجاعة.
في المقابل، فقد جيش الاحتلال مئات القتلى من جنوده، وأصيب آلاف منهم بجراح وإعاقات دائمة وأزمات نفسية بفعل كمائن المقاومة الفلسطينية.
وحاول الاحتلال الإسرائيلي استعادة أسراه من غزة بعمليات "كوماندوز خاصة"، لكنه فشل في ذلك، إما بسبب معلومات استخبارية خاطئة، أو بسبب انكشاف خططه وإفشالها من المقاومة الفلسطينية.
كما تعمدت إسرائيل قصف أماكن احتجاز بعض أسراها في غزة، ضمن تطبيقها بروتوكول هانيبال، مما أدى إلى مقتل العديد منهم وإصابة آخرين.
وفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أي من أهداف خططه العسكرية التي أعلن عنها نتنياهو، الذي حمّله سياسيون وعسكريون إسرائيليون مسؤولية استمرار الحرب "دون تحديد ما الذي يريده في نهايتها".
إعلان
أبرز العمليات
إليكم أبرز الخطط العسكرية التي أعلنت عنها إسرائيل منذ بدء الحرب على قطاع غزة:
إغراق أنفاق غزة
تعتبر خطة إغراق الأنفاق العسكرية لحركة حماس بمياه البحر في محاولة لإخراج مقاتليها، من أشهر خطط إسرائيل في قطاع غزة.
فقد أكمل الجيش الإسرائيلي في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وضع ما لا يقل عن 5 مضخات على بعد كيلومتر تقريبا إلى الشمال من مخيم الشاطئ للاجئين، لنقل آلاف الأمتار المكعبة من المياه في الساعة وإغراق هذه الأنفاق.
ويومها قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية، إن إسرائيل وضعت خطة لاستخدام القنابل الإسفنجية، محاولة إغلاق الأنفاق، لكن خبراء عسكريين قالوا، إن الاحتلال فشل في ذلك بسبب عدم قدرته على تحديد مواقع الأنفاق.
في 5 ديسمبر/كانون الثاني 2023، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مسؤولين أميركيين مطلعين، أن الجيش الإسرائيلي بدأ ضخ مياه البحر إلى شبكة الأنفاق التابعة لحركة حماس في غزة، وقالوا إن عملية الضخ ستستمر أسابيع عدة.
وفي الأول من فبراير/شباط 2024، نشر موقع "والا" الإسرائيلي خبرا تحدث فيه عن فشل خطة إغراق أنفاق غزة بمياه البحر، وذلك لوجود جدران وحوائط فولاذية سميكة لم تكن متوقعة حالت دون تدفق المياه إلى داخل الأنفاق.
خطة الجنرالات
وضعت إسرائيل هذه الخطة في مطلع سبتمبر/أيلول 2024، واقترحها الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي "غيورا آيلاند" على نتنياهو، وتبناها عدد كبير من جنرالات الجيش، وبذلك سميت خطة الجنرالات.
وتألفت الخطة من مرحلتين، قضت المرحلة الأولى بتهجير السكان المتبقين حينها في شمال القطاع، الذي كان من المفترض إعلانه منطقة عسكرية في المرحلة الثانية، على أن تعمم التجربة لاحقا على كامل أنحاء غزة.
وقضت الخطة أيضا بتحويل المنطقة الواقعة شمال محور نتساريم إلى منطقة عسكرية مغلقة وإرغام نحو 300 ألف فلسطيني في شمال القطاع على النزوح في غضون أسبوع.
وهدفت الخطة إلى القضاء كاملا على أي وجود لحماس في شمال القطاع، وذلك بإفراغ المنطقة من سكانها وتحويلها إلى منطقة عسكرية مغلقة ومنع دخول المساعدات.
وفي يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أصدر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إشعار إخلاء لسكان جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا ومناطق أخرى في مدينة غزة، وبعد يومين شن الجيش هجوما واسعا على مخيم جباليا شمال القطاع، إضافة لإصدار أوامر بإخلاء 3 مستشفيات في المنطقة، ولاحقا وسع الجيش الإسرائيلي عملياته وشملت بيت لاهيا وبيت حانون.
لم تمض إلا أيام على بدء الهجوم، حتى تسارعت البيانات العسكرية الإسرائيلية للإعلان عن قتلى ومصابين في صفوف الجيش الإسرائيلي، جراء عمليات المقاومة الفلسطينية النوعية ردا على الخطة.
وبعد شهرين من القتال في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، انسحب لواء كفير التابع لجيش الاحتلال من المنطقة بعدما تكبد في هذه الفترة 13 قتيلا.
وفي التاسع من فبراير/شباط 2025، انسحب الجيش الإسرائيلي من محور "نتساريم" (مفرق الشهداء) في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، وذلك بعد احتلاله أكثر من عام و3 أشهر، حينها تمكن عشرات الآلاف من سكان الشمال الذين أجبروا إلى النزوح جنوبا، من العودة إلى مدنهم، وهو ما عد وقتها فشلا ذريعا لخطة الجنرالات.
إعلان
وبعد أسبوع نقلت صحيفة معاريف عن واضع الخطة الجنرال المتقاعد غيورا آيلاند قوله إن "إسرائيل فشلت فشلا ذريعا في حرب غزة".
عربات جدعون
أقر المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر "الكابينت" مطلع مايو/أيار 2025، خطة عربات جدعون بهدف تحقيق حسم عسكري وسياسي في غزة، بعملية منظمة من 3 مراحل، في محاولة لإرغام حركة حماس على القبول باتفاق تبادل الأسرى، وتفكيك بنيتها العسكرية.
وشملت الخطة، الإعلان عن إقامة مدينة إنسانية بين محور فيلادلفيا ومحور موراغ جنوب قطاع غزة، بزعم الفصل بين المدنيين وعناصر الفصائل الفلسطينية المسلحة.
كما أنشأت إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة الأميركية "مؤسسة غزة الإنسانية"، بهدف "تخفيف الجوع في قطاع غزة" عبر إيصال المساعدات للغزيين مع "ضمان عدم وقوعها بأيدي حركة حماس".
ومنذ اليوم الأول لعملها شهدت هذه المراكز مجازر ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المجوعين، حتى باتت تلقب بـ "مصايد الموت".
وفي هذه العملية أعلنت إسرائيل بسط سيطرتها على 75% من مساحة القطاع، وأنشأت محوري "ماجين عوز" و"موراغ" جنوب القطاع، بهدف الإعداد لوجود عسكري طويل الأمد في القطاع من أجل "القضاء على حماس وهدم الأنفاق كلها".
وفي السادس من يوليو/تموز 2025، نقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية، عن اللواء احتياط بالجيش الإسرائيلي إسحاق بريك "إن عملية عربات جدعون فشلت في تحقيق أهدافها، مضيفا أن "النجاحات التي يتحدث عنها جيشنا في غزة لا تتطابق مع الواقع".
وفي السابع من أغسطس/آب 2025، أعلن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير انتهاء عملية عربات جدعون في غزة، بعدما أسفرت عن مقتل 34 ضابطا وجنديا دون تحقيق أي إنجاز يذكر.
السيطرة على مدينة غزة
أقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) خطة احتلال مدينة غزة (عربات جدعون 2) في 8 أغسطس/آب 2025.
ودافع نتنياهو عن الخطة باستماته، في حين لاقت تحفظات من المؤسسة العسكرية، إذ وصفها رئيس الأركان إيال زامير بأنها "فخ إستراتيجي" يعرض حياة الجنود والأسرى للخطر، ويستنزف الجيش والاحتياط.
بدوره وصفها زعيم المعارضة يائير لبيد بـ"الكارثة"، وقال إنها تخدم أهداف حركة حماس، في حين قال رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان إن "قرارات مصيرية تتخذ دون اعتبار حقيقي لأهداف الحرب أو الأمن القومي".
أما خارجيا، فقد قوبلت الخطة بموجة انتقادات دولية واسعة، وسط تحذيرات من تداعياتها السياسية والإنسانية، كان أبرزها تحذيرات الأمم المتحدة من التداعيات الكارثية التي تتركها العملية على السكان.
وتضمنت الخطة 5 أهداف رئيسية:
القضاء على حركة حماس. ضمان تحرير جميع الأسرى بغزة. نزع السلاح من القطاع. فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية. إنشاء إدارة مدنية بديلة لا تخضع لحماس ولا للسلطة الفلسطينية.وفي يوم 18 أغسطس/آب 2025، أقر زامير الخطة في اجتماع خاص بقادة المنطقة الجنوبية وكبار ضباط هيئة الأركان.
وبعدها بيومين، استدعى جيش الاحتلال نحو 60 ألفا من جنود الاحتياط لبدء المرحلة الأولى من هذه الخطة.
وقسم الجيش الإسرائيلي الخطة إلى أربع مراحل رئيسية:
المرحلة الأولىإقامة مراكز تجميع، تشمل إنشاء مجمعات سكنية مؤقتة جنوب القطاع مزودة بالخيام والمياه والعيادات والمساعدات الغذائية.
المرحلة الثانيةالإخلاء الواسع لمدينة غزة التي يقدر عدد سكانها في وقت إقرار الخطة بأكثر من 800 ألف مدني، على أن يبدأ الإخلاء في غضون أسبوعين تقريبا.
المرحلة الثالثةتطويق المدينة بالكامل وعزلها عن المناطق المحيطة بما فيها المخيمات المركزية ومنطقة المواصي، بإعادة فتح محور نتساريم وبدء مناورات برية لعزل المدينة عن بقية القطاع، توازيا مع استمرار عمليات الإخلاء.
المرحلة الرابعةالاقتحام والاحتلال التدريجي، بدخول القوات الإسرائيلية إلى المدينة بشكل متدرج مدعوم بغارات جوية مكثفة تهدف إلى السيطرة الكاملة على غزة، مع التركيز على فرض ضغوط إنسانية على النازحين وتنظيم عمليات التهجير القسري.
إعلان
0 تعليق