إعداد: أحمد البشير
على مدى العام الماضي، تحوّلت العلاقة بين رائدي التكنولوجيا إيلون ماسك وسام ألتمان من صداقة وتعاون مشترك، إلى صراع شخصي وقانوني علني، يشمل تبادل السباب على وسائل التواصل الاجتماعي، واتهامات متبادلة بالخداع، وصولاً إلى معارك قضائية تهدد مستقبل شركاتهما.
بدأ الخلاف بين الرجلين بشكل تدريجي بعد سنوات من التعاون. ففي عام 2015، أسس ماسك وألتمان معاً شركة «أوبن أيه آي» كمؤسسة غير ربحية تهدف إلى تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول يخدم البشرية. وكان ماسك أكبر داعم مالي للشركة، إذ قدّم أكثر من 44 مليون دولار خلال عامي 2016 و2017، قبل أن يغادر مجلس إدارتها في 2018 بعد فشل محاولة دمجها في شركته «تسلا». ورغم ذلك، ظل الاثنان على علاقة جيدة، بل إن ألتمان في عام 2019 دافع عن ماسك مؤكداً أن «المراهنة ضد إيلون كانت تاريخياً خطأً كبيراً».
لكن الانعطافة الحقيقية جاءت مع إطلاق «تشات جي بي تي» في أواخر عام 2022، والذي حقق نجاحاً عالمياً غير مسبوق، ما دفع ماسك إلى تأسيس شركته المنافسة “xAI” في مارس/آذار من 2023، وطرحها باعتبارها البديل «المضاد للتيار الليبرالي» في مجال الذكاء الاصطناعي. ومنذ ذلك الحين، اشتعلت المنافسة بين الرجلين، لتتحول إلى حرب مفتوحة تشمل عدة جبهات.
من تبادل المجاملات إلى تبادل الشتائم
ومع بدايات 2023، بدأ التوتر يظهر للعلن، حيث نشر ماسك رسائل مشفرة تتهم «تشات جي بي تي» بالتحيّز ونشر «دعاية»، فيما عبّر عن قلقه من استحواذ مايكروسوفت على حصة ضخمة في «أوبن أيه آي». في المقابل، حاول ألتمان التخفيف من حدة الخلاف، لكن سرعان ما تبدل الموقف. وبحلول نهاية 2023، كان ماسك يصف «تشات جي بي تي» بأنه «غير محتمل».
ولم يقف ألتمان مكتوف اليدين، فردّ في مقابلات عدة، قائلاً إن ماسك «لا يمكن أن يكون شخصاً سعيداً»، وإن «حياته كلها تقوم على انعدام الأمان».
المعارك القضائية: من الدعاوى إلى الهجوم المضاد
في مطلع 2024، رفع ماسك دعوى قضائية ضد «أوبن أيه آي» وألتمان وزميله غريغ بروكمان، مدعياً أن تحويل الشركة إلى كيان ربحي يتعارض مع ميثاقها الأصلي. ولاحقاً، قدّم عرضاً ضخماً بقيمة 97.4 مليار دولار للاستحواذ على أصول الشركة، وُصف بأنه «عرض وهمي» يهدف للإضرار بالمنافس.
وردت «أوبن أيه آي» بالمثل، ورفعت دعوى مضادة تتهم ماسك ب«حملة مضايقات استمرت لسنوات» على المنصات وفي المحاكم. ورغم أن بعض ادعاءات ماسك تم رفضها، فإن المحكمة سمحت بمضي الدعوى المضادة قدماً، مع تحديد جلسة محاكمة أمام هيئة محلفين العام المقبل.
منافسة في كل الجبهات: من السيارات إلى الفضاء
إن الخلاف لم يقتصر على الذكاء الاصطناعي. وبدأ ألتمان، من خلال «أوبن أيه آي» واستثماراته المتعددة، بدأ يستهدف شركات ماسك مباشرة:
* في مجال واجهات الدماغ-الكمبيوتر، أسس ألتمان شركة «ميرج لابس» التي تطور تقنيات منافسة ل«نيورالينك» المملوكة لماسك، والتي تبلغ قيمتها 9 مليارات دولار. واللافت أن ألتمان كان مستثمراً صغيراً في «نيورالينك» قبل أن يطلق شركته المنافسة.
* في وسائل التواصل الاجتماعي، يعمل ألتمان على تطوير شبكة اجتماعية بديلة مشابهة ل«إكس» (تويتر سابقاً)، ما يهدد مكانة منصة ماسك التي تضم 600 مليون مستخدم شهرياً، مقابل 700 مليون مستخدم أسبوعياً لتشات جي بي تي.
0 تعليق