الإفراط في استهلاك الكحول يمكن أن يساهم في تلف الأعصاب وحرقة القدمين

عبدالله المومني - تُعد حرارة القدمين أثناء النوم شعوراً مزعجاً يسرق راحة الليل من الكثيرين، ويجعلهم يتساءلون: هل هو مجرد تعب بعد يوم طويل، أم أنه علامة على مشكلة صحية أعمق؟ تشير التقييمات الطبية إلى أن هذه الظاهرة، المعروفة أحياناً بـ "متلازمة القدم الحارقة"، قد تتراوح أسبابها بين الظواهر الطبيعية إلى مؤشرات على حالات صحية تستدعي الانتباه.

---

أسباب متعددة: من البسيط إلى المعقد

غالباً ما تشتد حرارة القدمين والألم المرتبط بها في الليل.

ورغم أن الإرهاق اليومي أو التهابات الجلد البسيطة قد تكون سبباً مؤقتاً، إلا أن تكرار هذه الحالة واستمرارها لفترة طويلة قد يشير إلى تلف في الأعصاب أو مشكلات صحية أخرى:

1. المشكلات العصبية:

الاعتلال العصبي (خاصة الاعتلال العصبي السكري): يُعد تلف الأعصاب، الناتج غالباً عن مرض السكري (النوع الأول أو الثاني)، أحد أكثر أسباب حرقان القدمين شيوعاً. وقد يترافق معه شعور بالتنميل والخدر في الأطراف. الاعتلال العصبي الكحولي: الإفراط في استهلاك الكحول يمكن أن يساهم في تلف الأعصاب وحرقة القدمين. اعتلال الأعصاب الناجم عن العلاج الكيميائي: بعض علاجات السرطان قد تؤثر على الأعصاب الطرفية. انحباس العصب: مثل متلازمة نفق عظم الكعب (Tarsal tunnel syndrome) حيث يؤدي ضغط العصب الظنبوبي في الكاحل إلى إحساس بالحرقان. الفتق القطني: في بعض حالات فتق أسفل الظهر، يمكن أن يسبب ضغط الأعصاب الموصلة إلى القدم إحساساً بالحرقان.

2. نقص الفيتامينات وسوء التغذية:

تحتاج الأعصاب لعناصر غذائية محددة لتعمل بشكل صحيح. نقص فيتامينات معينة، خاصة فيتامينات ب (B12، B6، حمض الفوليك)، يمكن أن يؤدي إلى تلف الأعصاب وحرقة القدمين.

3. التغيرات الهرمونية والفسيولوجية:

الحمل: التغيرات الهرمونية، زيادة الوزن، وزيادة السوائل في الجسم أثناء الحمل يمكن أن تسبب حرارة القدمين. فترة انقطاع الطمث (سن اليأس): التغيرات الهرمونية الكبيرة خلال هذه الفترة (عادة بين 45-55 سنة) يمكن أن تؤدي إلى حرقان القدمين والتنميل، خاصة في الليل. الوقوف أو المشي لفترات طويلة: خاصة في الأجواء الحارة، يمكن أن يؤدي إلى سخونة القدمين.

4. حالات طبية أخرى:

أمراض الكلى المزمنة: وخاصة في حالات الفشل الكلوي، حيث تزداد اليوريا في الدم وتؤثر على الأعصاب. قصور الغدة الدرقية: انخفاض مستويات هرمون الغدة الدرقية يمكن أن يؤثر سلباً على الأعصاب الطرفية. التهابات القدم: مثل "قدم الرياضي" (Athlete's Foot) وهي عدوى فطرية تسبب الحكة والحرقان. أمراض المناعة الذاتية: مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة، التي يمكن أن تسبب التهاب الأعصاب. أمراض الدم: مثل زيادة الكريات الحمر أو احمرار الأطراف المؤلم (Erythromelalgia). التعرض لسموم: مثل الرصاص أو الزرنيخ أو الزئبق. بعض الأمراض المعدية: مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) أو الزهري أو الحزام الناري.

متى تستدعي حرارة القدمين زيارة الطبيب؟

إذا كانت حرارة القدمين:

مفاجئة ومصحوبة بألم شديد، خاصة إذا كان هناك احتمال للتعرض لمواد سامة. مصاحبة لجرح مفتوح في القدم يبدو ملتهباً، خاصة لمرضى السكري. تستمر لأكثر من بضعة أسابيع رغم تدابير الرعاية الذاتية. تزداد شدة وألماً. ليس لها سبب واضح أو ترافقت مع أعراض أخرى مقلقة (مثل الوخز، الخدر، الضعف). يجب استشارة الطبيب للتوصل إلى التشخيص الدقيق وتحديد خطة العلاج المناسبة، فالعلاج يعتمد بشكل كبير على معرفة السبب الكامن.

نصائح لتخفيف حرارة القدمين ليلاً:

في حالات الحرارة البسيطة أو كإجراء مساند للعلاج، يمكن تجربة الآتي:

تبريد القدمين:

وضع القدمين خارج الأغطية أثناء النوم. نقع القدمين في ماء بارد أو فاتر لمدة 15-20 دقيقة قبل النوم. وضع مروحة صغيرة عند نهاية السرير. حفظ زوج من الجوارب في الثلاجة أو الفريزر وارتدائهما قبل النوم.

تحسين الدورة الدموية:

ارتداء أحذية مريحة ومناسبة وجيدة التهوية. تدليك القدمين قبل النوم لتحسين تدفق الدم. رفع الساقين أثناء النوم. ممارسة الرياضة بانتظام لتحسين الدورة الدموية العامة. النظام الغذائي ونمط الحياة: تناول غذاء صحي ومتوازن، غني بالفيتامينات والمعادن، خاصة فيتامينات ب. الإقلاع عن التدخين وتجنب الإفراط في شرب الكحول. تجنب الوقوف أو المشي لفترات طويلة قدر الإمكان. الحفاظ على نظافة القدمين وتغيير الجوارب بانتظام.

مكملات غذائية وكريمات:

يمكن استشارة الطبيب بشأن المكملات الغذائية التي تحتوي على حمض الليبويك أو الكارنيتين، أو استخدام كريمات موضعية للتبريد. إذا حرارة القدمين أثناء النوم ليست دائماً مجرد إرهاق. الانتباه لأي أعراض مصاحبة، ومدى تكرارها، واستشارة الطبيب عند الضروروة، هي خطوات أساسية لضمان راحة ليلية هادئة وحماية صحتك.