في ظل التحولات السريعة الناتجة عن انفتاح الأسواق والتنافسية والتغير المناخي والتطورات التكنولوجية، تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة تحولاً اقتصادياً ملحوظاً في مسارها نحو التنوع في القطاعات والاستعداد للمستقبل وتسهم رائدات الأعمال، هذه الفئة الطموحة التي صعدت بسرعة في سوق المال والأعمال وشكَّلت قوة فاعلة، في ترسيخ هذا التحول، حيث ترسم مؤسِّسات الشركات ملامح مستقبل المنطقة، ويجمعن بين الخطط الطموحة والمشاريع الهادفة والمرونة والابتكار.
ويمثل هذا النمو في الشركات، التي تديرها سيدات، تحولاً جوهرياً في هيكل الاقتصاد الوطني وتجسد الإمارات هذا التوجه بشكل واضح، حيث تكشف دراسات حديثة أن 84% مِن النساء مَن يفكرن في دخول قطاع ريادة الأعمال وأن 47% من النساء في الدولة يعتبرن أنفسهن رائدات أعمال، حيث تدير النساء حالياً نحو نصف قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة المزدهر في دولة الإمارات، كما تتوقع 98% منهن نمواً في الإيرادات، خلال السنوات الخمس المقبلة، في إشارة واضحة إلى ثقتهن اللافتة، مما يشكل تغيراً جذرياً في المشهد الاقتصادي.
كما تحقق النساء تقدماً ملحوظاً في قطاعات متنوعة، فعلى الرغم من تصدر الصناعات الموجهة للمستهلك، مثل الأغذية والمشروبات بنسبة 26% وتجارة التجزئة عبر الإنترنت ب22% ومستحضرات التجميل ب19%، إلا أن الحضور النسائي يزداد في مجالات عالية النمو، تشكِّل قطاعات أساسية لمستقبل اقتصاد المنطقة، مثل التكنولوجيا المالية والرعاية الصحية والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، مما يعكس مرونة كبيرة ورؤية استراتيجية واضحة.
لكن الطموح يحتاج إلى دعم مناسب وسد الفجوة بين الرؤية والواقع، كما يتطلب أكثر من رأس المال ويحتاج إلى مجتمع قوي وإرشاد وتوجيه مهني وبيئة تنظيمية ملائمة وهنا، تلعب منصات الدعم والتي تشمل جهودنا في مجلس سيدات أعمال الشارقة، دوراً محورياً في بناء منظومات لتقديم الإرشاد والتوجيه وتنمية المهارات وتعزيز العلاقات والتواصل، مما يسرِّع الوصول إلى الأسواق والتوسع فيها.
ورغم الأداء القوي لرائدات الأعمال، لا تزال هناك فجوة كبيرة في التمويل، إذ تحصل الشركات الناشئة المملوكة لنساء على استثمارات أقل نسبياً وغالباً ما تعيقها تصورات لا تواكب التطورات والمستجدات، حول المخاطر ومحدودية شبكات المستثمرين، لكن المبادرات المدعومة من الحكومة ومنها مبادراتنا، تحرص على التغلب على هذه التحديات، من خلال توفير أدوات أساسية مثل المنح والقروض الميسرة والخدمات الاستشارية وتبسيط إجراءات الترخيص، بهدف دعم النمو الشامل.
ومن الجدير بالملاحظة هنا، أن التأثير الذي تُحدثه رائدات الأعمال يتجاوز طموحاتهن الشخصية، فمع إطلاق وتوسيع الشركات الصغيرة والمتوسطة، يلعبن دوراً جوهرياً في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز المشاركة الاقتصادية، كما تعيد رائدات الأعمال تعريف القيادة، إذ يؤكدن أهمية التعاون والاستدامة طويلة المدى والتأثير الاجتماعي القابل للقياس وهي قيم تزداد أهمية في عالم الأعمال اليوم، كما تلهم هذه النجاحات رائدات الأعمال الأخريات ويشكلن نموذجاً يُحتذى لمجموعة كبيرة من النساء والفتيات ويعززن الابتكارات التي تُفيد المجتمع بأسره.
نحن اليوم أمام مشهد يستحق التأمل، حيث تدفع مؤسسات وصاحبات الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة عجلة التجديد الاقتصادي وتقدم مشاريعهن نماذج عملية لاقتصاد إقليمي أكثر شمولاً وتنوعاً واستدامة ويتطلب ترسيخ هذا الدور التزاماً مستمراً وتمويلاً موجهاً وشبكات دعم قوية لسد الفجوة بين الطموح والتطلعات والفرص وهذا ما يلتزم به مجلس سيدات أعمال الشارقة، فمع تقدم المنطقة نحو مستقبل يتميز بالتكنولوجيا والاستدامة، تقف النساء في الصفوف الأولى بثبات ويتحولن من رائدات أعمال ذوات رؤى مبتكرة، إلى قائدات ومؤثرات في اقتصاد الغد.
رائدات الأعمال يقدن مسيرة الابتكار - هرم مصر

رائدات الأعمال يقدن مسيرة الابتكار - هرم مصر
0 تعليق