بين رغبة المراهقين في الاستقلال والاندماج الاجتماعي، وحرص الأهل على سلامة أبنائهم وصحتهم، يظهر موعد عودة الأبناء إلى البيت كواحد من أكثر القضايا إثارة للنقاش داخل الأسرة.
ورغم سعي الآباء إلى وضع قواعد وأوقات محددة للعودة إلى البيت، لا ينفَّذ ذلك بسهولة، حيث يواجه تمردا ورفضا من المراهقين ويمكن أن يسبب توترا أسريا. فهل تحديد وقت صارم للعودة إلى المنزل يحمي المراهق فعلا أم يهدد العلاقة بينه وبين والديه؟ وكيف يمكن التوصل إلى حل توافقي بين الأهل والمراهق؟
لماذا يميل المراهقون للسهر؟
يختلف الطفل في تصرفاته وسلوكياته عن المراهق. يحاول المراهق كسر الحدود والانخراط في تجارب جديدة وأحيانا غير محسوبة العواقب.
ومن المهم فهم دوافع المراهق للسهر حتى يمكن التعامل معها، وتعدد "أكاديمية نيوبورت" المختصة بالرعاية النفسية للمراهقين، دوافع ذلك:
الرغبة في الاستقلالية: يسعى المراهق لإثبات ذاته واتخاذ قراراته بنفسه بعيدا عن سلطة الأهل.
تأثير الأصدقاء: ضغط الأقران قد يدفعه إلى تقليد الآخرين أو مجاراتهم في البقاء خارج المنزل.
العلاقات العاطفية: الدخول في علاقة جديدة يجعل بعض المراهقين يقضون وقتا أطول بعيدا عن البيت، لسوء تنظيم الوقت.
الانشغال بالأنشطة أو الدراسة أو مجرد اللامبالاة قد يؤدي إلى تأخر العودة.
التجربة والمغامرة: أحيانا يكون السهر مجرد تحد للأهل أو رفضا للقوانين الأسرية.

أهمية تحديد "وقت العودة إلى البيت"
يسعى العديد من الآباء إلى وضع ضوابط وتحديد وقت معين لعودة المراهق إلى المنزل، خصوصا في ساعات المساء والليل. وأكدت العديد من المنظمات المعنية بالمراهقين ومن بينها "هيلب يور تينز" على أهمية وضع موعد محدد للعودة إلى البيت بالنسبة للمراهق، وهو ما يضمن:
السلامة: العودة في الموعد المحدد يضمن بقاء المراهق في أمان ويقيه من المواقف الخطرة، مثل القيادة المتأخرة ليلا أو التعامل مع أشخاص غير مسؤولين.
إعلان
تعليم المسؤولية: يساعد المراهق على احترام القواعد وتحمل المسؤولية عن وقته وأماكن تردده.
النظام: يعزز من التنظيم ويشجع على عادات إيجابية وسط التزامات الدراسة والأنشطة والهوايات.
تعليم إدارة الوقت: يعلم المراهق كيفية إدارة وقته والالتزام بالمواعيد المحددة، مع المرونة عند الضرورة.
راحة البال للأسرة: يمنح الأهل الطمأنينة عند معرفة أن أبناءهم يعودون في وقت مناسب، مما يعزز جوا منزليا أكثر استقرارا وراحة.
تعزيز الصحة النفسية وتحسين جودة النوم. تنظيم ساعات النوم والحصول على قسط كاف منه، كما يعزز الصحة النفسية من خلال متابعة الوالدين لأنشطة المراهق وعلاقاته ودراسته، مما يقلل من القلق والاكتئاب ويعزز الثقة بينهم.

سلبيات "وقت العودة للمنزل"
رغم أن تحديد وقت لعودة المراهق إلى المنزل يُعد خطوة مهمة وضرورية، فإن تقرير "أكاديمية نيوبورت" لفت إلى مجموعة من السلبيات المحتملة لهذا الإجراء، أبرزها:
إعاقة الاستقلالية: قد يشعر المراهق بالإحباط أو التقييد، ما ينعكس سلبا على نمو شخصيته وقدرته على اتخاذ قرارات مستقلة.
تقييد التواصل الاجتماعي: يقلل من فرص قضاء الوقت مع الأصدقاء والتفاعل مع الأقران، وهو ما قد يقوده إلى العزلة أو الشعور بالوحدة.
إضعاف الثقة: قد يظن المراهق أن والديه لا يثقان بقدراته على التصرف السليم.
زيادة التوتر الأسري: يفاقم الخلافات بين المراهق ووالديه.
صعوبة التطبيق: في حال لم يتم الالتزام بفرض العقوبات عند تجاوز الوقت المحدد، فلن يأخذ المراهق القاعدة بجدية.

نصائح لتحديد "وقت العودة" والتعامل مع المراهق
من الطبيعي أن يرفض المراهق "وقت العودة المحدد" أو يحاول التحايل عليه، لذلك ينصح تقرير لموقع مام جنكشن الآباء باتباع خطوات تساعد على ترسيخ هذه القاعدة دون مواجهة مقاومة كبيرة، منها:
تحديد وقت منطقي ومرن: يختلف بين أيام الأسبوع والعطلات، مع مراعاة جدول المراهق واحتياجاته وسلامة المكان. إشراكه في النقاش: التوصل إلى اتفاق مشترك يعزز التزامه بالقواعد. التأكيد على أهمية النوم: تذكيره بأن النوم الجيد أساس صحته وأدائه الدراسي، مع متابعة مواعيده لتجنب الإرهاق. توضيح التوقعات: مثل الإبلاغ بمكان وجوده باستمرار، والاتصال عند التأخر مع ذكر السبب. تعديل المواعيد مع العمر: منحه مرونة أكبر كلما نضج، شرط أن يكون ملتزما في السابق. فرض عواقب مناسبة: كإلزامه بالعودة أبكر في المرة التالية، ليدرك أن لكل تصرف نتيجة.
0 تعليق