تصدر حديث الضمانات الأمنية لأوكرانيا التصريحات الصادرة عن الإدارة الأميركية وروسيا والدول الأوروبية الحليفة لكييف، التي أكدت واشنطن أن عليها تحمل العبء الأكبر بهذا الشأن، لكن موسكو حكمت بالفشل على أية ضمانات لا تراعي مصالحها، مؤكدة أنها لن تقبل بقوات حفظ سلام تابعة للناتو في الأراضي الأوكرانية.
وفي واشنطن قال جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي إن على الدول الأوروبية أن تتحمل "الجزء الأكبر" من عبء الضمانات الأمنية لأوكرانيا.
وفي تصريحاته لشبكة "فوكس نيوز" قال فانس أمس "أعتقد أننا يجب ألا نتحمل العبء هنا. أعتقد أننا يجب أن نساعد إذا كان ذلك ضروريا لوقف الحرب وإراقة الدماء. لكنني أعتقد أننا يتعين أن نتوقع، والرئيس بالتأكيد يتوقع، أن تضطلع أوروبا بالدور القيادي".
وتابع قائلا "بغض النظر عن الشكل الذي سيتخذه هذا الأمر، سيتعين على الأوروبيين تحمل الجزء الأكبر من العبء".
وجاءت تصريحات نائب الرئيس الأميركي في وقت عقد رؤساء أركان دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) اجتماعا عبر الفيديو، لبحث الحرب في أوكرانيا كجزء من النقاشات الجارية بين حلفاء كييف بشأن الضمانات الأمنية التي سيتمّ تقديمها في حال التوصل إلى اتفاق سلام مع موسكو.
وكتب الأميرال جوزيبي كافو دراغوني الذي يترأس اللجنة العسكرية للناتو على منصة إكس يقول "في شأن اوكرانيا، أكدنا دعمنا. لا تزال الأولوية تتمثل في سلام عادل ومستدام وذي صدقية".
وأضاف دراغوني بعد الاجتماع "تبقى أفكارنا متجهة الى المقاتلين الأوكرانيين الشجعان".
وعقب الاجتماع الذي عقد أمس قال أندريه يرماك مدير مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن العمل جار على المكون العسكري للضمانات الأمنية لأوكرانيا في إطار تسوية للحرب مع روسيا.
وكتب يرماك باللغة الإنجليزية على منصة إكس: "بدأت فرقنا، والجيش قبل الجميع، العمل الفعال على المكون العسكري للضمانات الأمنية".
إعلان
وذكر يرماك أن أوكرانيا تعمل أيضا على وضع خطة مع حلفائها بشأن كيفية المضي قدما "في حال استمر الجانب الروسي في إطالة أمد الحرب وتعطيل الاتفاقات بشأن الصيغ الثنائية والثلاثية لاجتماعات القادة".
الموقف الروسي
من جانبه استبق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف انطلاق اجتماع رؤساء أركان الناتو، بالتحذير من أن "بحث الضمانات الأمنية بشكل جدي من دون روسيا الاتحادية طريق إلى المجهول".
وأضاف "لا يمكن أن نوافق الآن على اقتراح حل مسائل أمنية جماعية من دون إشراك روسيا الاتحادية".
واتّهم لافروف القادة الأوروبيين الذين زار بعضهم البيت الأبيض الاثنين الماضي بالقيام بـ"محاولات خرقاء" لتغيير موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيال أوكرانيا. وقال "لم نسمع أي أفكار بنّاءة من الأوروبيين هنا".
واعتبر وزير الخارجية الروسي موقف الغرب "القائم على المواجهة، موقف مواصلة الحرب، لا يجد من يتفهمه في الإدارة الأميركية الحالية التي تسعى للمساعدة في اجتثاث الأسباب الأساسية للنزاع".
الديك والغول
أما نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف فأكد أن بلاده لن تقبل بجنود من حلف شمال الأطلسي باعتبارهم قوات حفظ سلام في أوكرانيا، ولا بمثل هذا الضمان الأمني.
وأضاف ميدفيديف في منشور على منصة "إكس"، أمس، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يتخلَّ عن فكرة إرسال قوات إلى أوكرانيا.
وأكد أن موسكو أبدت معارضتها بوضوح لإرسال قوات من الناتو إلى أوكرانيا كقوات حفظ سلام، وأن روسيا لن تقبل بمثل هذا الضمان الأمني، وفق تعبيره.
وسخر ميدفيديف من ماكرون حيث وصفه بـ "ديك الغال" قائلاً: "لكنه ديك ضعيف الصوت وبائس، يواصل الصياح لإثبات أنه ملك قن الدجاج".
وكان ماكرون قد اتهم فلاديمير بوتين بأنه "مفترس، غول على أبوابنا" و"يحتاج إلى مواصلة الأكل من أجل بقائه"، متحدثا عن "تهديد للأوروبيين".
من جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لنظيره الروسي في اتصال هاتفي الأربعاء إنه يتابع مجريات عملية السلام، وإن "تركيا… تدعم التوجهات الرامية إلى إرساء سلام دائم بمشاركة جميع الأطراف" قاصدا أوكرانيا.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعرب أول أمس الثلاثاء عن استعداد بلاده لقديم دعم عسكري جوي كضمانة أمنية لأوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق سلام مع موسكو، مستبعدا في الوقت ذاته إرسال قوات برية، وهي المهمة التي تقع على عاتق الحلفاء الأوروبيين.
ومن المتوقع أن تتواصل فرق تخطيط أوروبية وأميركية "في الأيام المقبلة للتحضير لإرسال قوات لضمان تنفيذ أي تسوية يتم التوصل إليها"، بحسب متحدث باسم الحكومة البريطانية.
ولا تزال مسألة التنازلات التي تطالب بها موسكو عالقة إلى حد كبير، في حين تحتل القوات الروسية حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية.
وكانت روسيا حذرت من أن أي تسوية سلمية يجب أن تضمن "أمنها" وأمن الناطقين بالروسية في أوكرانيا، وهي الذريعة التي استخدمتها لشنّ الحرب في فبراير/شباط 2022.
أما أوكرانيا تعرب عن اعتقادها بأنه حتى لو تم التوصل إلى اتفاق سلام، فإن ذلك لن يثني موسكو عن محاولة غزوها مرة أخرى.
0 تعليق