الصدقُ خلُقُ المتقين وصفة الصالحين، من لزمه نجا ومن سلك طريقه فاز؛ فقد قال سيدنا رسول الله:«عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا». [أخرجه مسلم].
مراتب الصدق
وكشفت الدكتورة دينا أبو الخير، الداعية الإسلامية، أن الأثر المترتب على عدم تطبيق الصدق؛ كارثي، خاصة من داخل البيت، والممتد للعالم كله.
وأضافت، خلال تقديم برنامج وللنساء نصيب، المذاع على قناة "صدى البلد": "تخيلوا مجتمع مش قادرة أصدق فيه الناس، أو أسمع خبر وما أقدرش أقول صح ولا خطأ".
وأكدت أن النبي- صلى الله عليه وسلم-، قال في حديث شريف: "سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتحدث في أمر العامة".
ولفتت إلى أننا نعيش هذا الزمن؛ لأننا نرى الصادق وأهل العلم يكذبون، ومن ليس لهم في أي مجال بالحياة يُصدقوا، ويسلط عليهم الضوء، ويتحدثون في أي شيء بخلاف الأصل وفيهم من الجور والخداع والكذب.
وأردفت أن هناك 5 مراتب للصدق، تحدث عنها ابن القيم في كتابه الماتع مدارك السالكين، موضحة أن الله أرشد النبي أن يكون مدخله صدقه ومخرجه صدق، وهناك لسان صدق، وفي مقعد صدق وقدم صدق.
الصدق نجاة
وقال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك: إن ربنا أمرنا في كتابه الكريم بالصدق؛ فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، ومدح الصادقين، ووعدهم بالخير في الدنيا والآخرة، فقال سبحانه في جزائهم: {قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
وتابع: فالصدق نجاة وقوة، لأن الصادق لا يخشى من الإفصاح عما حدث بالفعل؛ لأنه متوكل على الله، أما الكذّاب فيخشى الناس، ويخشى نقص صورته أمامهم، فهو بعيد عن الله. وقد قيل في منثور الحكم: «الكذّاب لصّ؛ لأن اللص يسرق مالك، والكذّاب يسرق عقلك». وقيل أيضًا: «لا سيفَ كالحق، ولا عونَ كالصدق».
وأشار إلى إنما يكذب الكذاب لاجتلاب النفع واستدفاع الضر، فيرى أن الكذب أسلم وأغنم، فيرخص لنفسه فيه اغترارًا بالخدع، واستشفافًا للطمع، وربما كان الكذب أبعد لما يؤمل، وأقرب لما يخاف؛ لأن القبيح لا يكون حسنًا، والشر لا يصير خيرًا. وليس يُجْنَى من الشوك عنب، ولا من الكَرْم حنظل.
0 تعليق