يكثف الوسطاء من مصر وقطر جهودهم واتصالاتهم مع الفصائل الفلسطينية في محاولة لوقف تنفيذ خطة الحكومة الإسرائيلية الرامية إلى احتلال مدينة غزة، وسط تصعيد عسكري متسارع على الأرض.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور جهاد أبو لحية، المحلل السياسي الفلسطيني، إن المقترح الذي تقدمت به القاهرة والدوحة يقوم على هدنة إنسانية–سياسية مدتها ستون يوما، تتضمن إطلاق سراح عشرة أسرى إسرائيليين أحياء، وتسليم رفات ثمانية عشر آخرين، مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين، إلى جانب إدخال المساعدات الإنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة والهلال الأحمر، بما يضمن وصولها مباشرة إلى المدنيين بعيدا عن تدخل جيش الاحتلال او المؤسسة الامريكية التي تم تأسيسها لإذلال شعبنا والقضاء على الاونروا.
وأضاف أبو لحية- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن جهود كبيرة ومقدرة يبذلها الاشقاء في مصر وقطر منذ بدء حرب الابادة بهدف التوصل لإتفاق لايقاف هذه الحرب المدمرة كونهما يقومان بدور الوسيط، هذه المرة بذلا جهدا كبيرا نتج عنه المقترح المقدم والذي تم الموافقة عليه دون أي تحفظات من قبل الفصائل الفلسطينية.
وأشار أبو لحية، إلى أن هذه الخطوة تتجاوز كونها مجرد ترتيبات إنسانية، فهي تمثل محاولة واعية لوقف المخطط الإسرائيلي باجتياح مدينة غزة، بما يحمله من تهديد بتدمير ما تبقى من عمرانها وتهجير عشرات الآلاف من أهلها، في وقت يقطن فيها أكثر من مليون فلسطيني يرفضون الخروج من مدينتهم.
وتابع: "أي عدوان جديد في هذا السياق سيحول مدينة غزة إلى مسرح لمجازر جديدة غير مسبوقة، ويجعل هذه المرحلة من حرب الإبادة الأكثر دموية منذ بدءها في السابع من اكتوبر للعام 2023".
وأكمل: "قبول الفصائل الفلسطينية بالمبادرة من دون أي تحفظات يعكس وعيا سياسيا متقدما بأهمية التقاط هذه اللحظة التاريخية، وتحويلها إلى فرصة لحماية الشعب وفرض ضغط إضافي على إسرائيل التي تواصل المماطلة وتفتقر إلى أي رؤية سياسية واقعية لإنهاء الصراع".
وأردف: "أما القاهرة، فقد برهنت أنها تتحرك كفاعل إقليمي مسؤول، لا يكتفي بالوساطة، بل يقدم رؤية متكاملة تتجاوز حدود الهدنة، عبر التحضير إلى مؤتمر فوري لإعادة إعمار غزة على قاعدة واضحة: الإعمار يجب أن يكون لأهل غزة وهم على أرضهم، وليس عبر مشاريع تهجير قسري كما تريد إسرائيل والولايات المتحدة، وهذا التوجه الاستراتيجي يقطع الطريق على أي محاولة لتصفية القضية عبر اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، ويحول ملف الإعمار إلى رافعة سياسية لترسيخ بقاء الشعب الفلسطيني وصموده".
وأضاف: "إلى جانب ذلك، تولي القاهرة أولوية قصوى لتأمين تدفق المساعدات الإنسانية، حيث قامت بتجهيز قوافل الدعم وضمان دخولها عبر قنوات محمية، بما يمنع الاحتلال من استغلالها أو استخدامها كورقة ضغط، ويؤكد أن البعد الإنساني جزء لا يتجزأ من المعركة السياسية".
واستردف: "الآن، باتت مسؤولية المجتمع الدولي واضحة: الضغط المباشر على حكومة الاحتلال وعلى نتنياهو نفسه من أجل القبول بالصفقة، خاصة أن المقترح يقوم بالأساس على تصور طرحه المبعوث الأمريكي "ويكتوف"، ما يعني أن رفضه لا يشكل تحديا للفلسطينيين أو للوسطاء فحسب، بل هو تأكيد لكل المجتمع الدولي أن حكومة نتنياهو تمارس القتل والدمار لأجل القتل ولتصفية القضية الفلسطينية".
واختتم: "إن ما يجري اليوم ليس تمهيد لوقف مؤقت لإطلاق النار، بل معركة على مستقبل غزة نفسها: إما أن تتحول هذه المبادرة إلى نواة لمسار سياسي يقود إلى وقف دائم لإطلاق النار وإعادة إعمار حقيقية، أو أن تضيع الفرصة ويُترك القطاع لمخططات الاحتلال التي لن تجر إلا المزيد من الدمار وعدم الاستقرار، وفي هذه اللحظة المفصلية، يثبت الدور المصري أنه حجر الزاوية في منع الانزلاق نحو الكارثة، وحماية الحق الفلسطيني، وحفظ استقرار المنطقة برمتها".
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة، فضلت عدم الكشف عن هويتها لحساسية الملف، إن القاهرة عقدت اجتماعات مع عدد من الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة "حماس"، وشددت خلالها على أهمية التحرك الجاد والعاجل لمنع اجتياح المدينة.
وأوضحت المصادر أن القاهرة قدّمت خلال اللقاء اقتراحا محدثا لوقف إطلاق النار، بحضور ممثلين عن عدة فصائل، وطلبت من "حماس" الرد عليه بشكل سريع. ويستند هذا المقترح إلى صيغة معدلة من الخطة التي سبق أن طرحها المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
تفاصيل المقترح.. هدنة ومفاوضات مكثفة
ويقضي الاقتراح بوقف إطلاق نار لمدة 60 يوما، وتجرى خلالها مفاوضات مكثفة تهدف إلى التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب بشكل دائم. ويتضمّن المقترح:
- إطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين أحياء، وتسليم رفات عدد من القتلى الإسرائيليين.
- إفراج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين من سجونها.
- امتناع "حماس" مؤقتا عن المطالبة بالإفراج عن معتقلي "النخبة"، وهم عناصر شاركوا في عملية 7 أكتوبر.
كما تضمن المقترح تعديلا على خرائط خطوط انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، في إطار التفاهمات الأمنية.
الدوحة تدخل على خط الوساطة
وقد كان من المقرر أن يجري رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، محادثات في القاهرة أمس مع المسؤولين المصريين، في إطار التنسيق المستمر بشأن المبادرة، وسط ترقب لرد رسمي من حركة "حماس" على المقترح الجديد.
في المقابل، تستعد الحكومة الإسرائيلية للمصادقة على خطة لاجتياح مدينة غزة، بالتوازي مع استمرار العمليات العسكرية على الأرض. وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان له، أن قواته، ومن بينها الفريق التابع للواء "كفير"، تواصل تنفيذ عملياتها العسكرية في جنوب القطاع.
0 تعليق