خصومات كبيرة تطال الغذاء والأجهزة والسيارات تصل إلى 50%.. موجة انخفاض تعيد التوازن للأسواق وتنعش السوق المصري - هرم مصر

صدي البلد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في وقتٍ عانى فيه المواطن المصري لسنوات من موجات متلاحقة من التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية والأجهزة المنزلية، جاءت مبادرة خفض الأسعار التي أعلنتها الحكومة بالتعاون مع اتحاد الغرف التجارية، لتفتح نافذة أمل في حياة المصريين. هذه المبادرة التي شملت تخفيضات كبيرة وصلت إلى 50% على سلع غذائية وأجهزة كهربائية، بدت وكأنها رسالة تطمين للمستهلك من جهة، وإشارة إلى بداية مرحلة جديدة من الاستقرار الاقتصادي من جهة أخرى.

وبينما استعرض رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي تفاصيل الخطة عبر تقرير الاتحاد العام للغرف التجارية، كان الشارع المصري يتابع بترقب انعكاس هذه الخطوة على قوته الشرائية، وعلى معيشته اليومية.

تفاصيل المبادرة.. خطة متكاملة لخفض الأسعار

لم تكن المبادرة وليدة لحظة عابرة، بل جاءت نتيجة اجتماعات مكثفة جمعت رئيس الوزراء باتحاد الغرف التجارية والغرفة الصناعية، إضافة إلى لقاءات موسعة بين وزير التموين وقيادات الشركات والمنتجين ورؤساء الغرف التجارية والصناعية. الهدف كان واضحًا وهو تقديم أكبر خفض ممكن في أسعار السلع بالأسواق المصرية.

أوكازيون صيفي مبكر

أحد أبرز الإجراءات كان تبكير موعد "الأوكازيون الصيفي"، الذي انطلق في الرابع من أغسطس الجاري، بمشاركة أكثر من 2134 محلاً تجارياً، بزيادة 33% عن العام الماضي. الخصومات تنوعت بين 10% و50%، لتلبي احتياجات المواطنين في فترة حساسة ترتبط بالعودة إلى المدارس.

خصومات على الغذاء عبر المنافذ الحكومية

وزارة التموين بدورها لعبت دورًا محوريًا من خلال الشركة القابضة للصناعات الغذائية، حيث طرحت تخفيضات بين 5% إلى 18% على نحو 640 سلعة غذائية، موزعة عبر شبكة ضخمة من المجمعات الاستهلاكية التي تتجاوز ألف منفذ في مختلف المحافظات.

مساهمة المنتجين والسلاسل التجارية

أما المنتجون والمستوردون، فقد انخرطوا بقوة في المبادرة بالتعاون مع السلاسل التجارية الكبرى، مقدمين خصومات تتراوح بين 5% و24% على كثير من السلع الغذائية والاستهلاكية. الأهم أن هذه التخفيضات لم تعد حكرًا على السلاسل، بل بدأت تظهر أيضًا في الأسواق الحرة والمحال المستقلة.

انخفاض أسعار الخضر والفواكه والأجهزة المنزلية

التقرير أشار بوضوح إلى أن أسعار الخضروات والفاكهة انخفضت بمتوسط 10%، وهو ما انعكس على ميزانية الأسرة اليومية. في الوقت ذاته، دخل منتجو ومستوردي الأجهزة الكهربائية والمنزلية على خط المبادرة، مقدمين خصومات تتراوح بين 5% و35%، مع إتاحة خيارات تمويل طويل الأجل بدون مقدم، ما جعل اقتناء الأجهزة أكثر سهولة.

مستلزمات المدارس والحواسيب والسيارات

مع اقتراب موسم المدارس، تم الإعلان عن خفض أسعار الأدوات المدرسية بنسبة 10% مقارنة بالعام الماضي، في حين يجري العمل على مبادرة مماثلة لتخفيض أسعار الحواسيب ومستلزماتها، وهو ما يفتح الباب أمام دعم التعليم والتحول الرقمي.

المفاجأة الأبرز كانت في قطاع السيارات، حيث جرى تخفيض أسعار السيارات المستوردة والمحلية سواء الجديدة أو المستعملة  بنسب تراوحت بين 10% و20%، مع إتاحة برامج تمويل طويل الأجل بدون مقدم.

أسواق اليوم الواحد.. وصول مباشر من المنتج للمستهلك

التوسع في أسواق "اليوم الواحد"، التي تجاوزت 120 سوقًا في مختلف المحافظات، مثّل إحدى النقاط المضيئة في الخطة. هذه الأسواق التي تُنظم بالتعاون بين وزارتي التموين والتنمية المحلية والغرف التجارية، أتاحت للمواطن شراء السلع مباشرة من المنتج، وهو ما ساعد على خفض أسعار التداول والنقل التي كانت تضيف أعباءً إضافية تصل إلى 15% على الأسعار النهائية.

استقرار أسعار السلع الاستراتيجية

التقرير رصد كذلك استقرار أسعار الجملة للقمح والدقيق والسكر، فيما استمرت أسعار اللحوم والدواجن في الانخفاض. أما أسعار الألبان والبيض فقد استقرت بعد موجة من الانخفاض السابق، باستثناء زيت الأولين الذي شهد ارتفاعًا طفيفًا.

بداية مرحلة التعافي الاقتصادي
يرى الدكتور عبد الهادي مقبل، رئيس قسم الاقتصاد بكلية حقوق جامعة طنطا، أن هذه المبادرة إشارة واضحة على بداية مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي بعد سنوات من الضغوط التضخمية وارتفاع الأسعار.

هذه المبادرة، وفق رؤية الخبير، لم تأت من فراغ؛ بل تقف وراءها تحولات جوهرية في الاقتصاد الكلي، منها استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وتحسن احتياطيات النقد الأجنبي، وزيادة تدفق السلع في الأسواق بعد انحسار حدة الأزمات العالمية. وهو ما يعني ببساطة أن الاقتصاد المصري بدأ يخرج تدريجيًا من "عنق الزجاجة".

أثر مباشر على حياة المواطن

يشدد مقبل على أن المواطن البسيط هو المستفيد الأكبر من هذه الخطوة. فالغذاء والأجهزة المنزلية تمثلان الجزء الأكبر من ميزانية الأسرة الشهرية. لذلك، فإن أي خفض ملحوظ في أسعار هذه السلع يترجم إلى زيادة في القوة الشرائية وتخفيف الضغط عن المستهلكين. هذه الانعكاسات لا تقتصر فقط على أرقام الحسابات، بل تمتد إلى شعور عام بالارتياح والقدرة على مواجهة متطلبات الحياة اليومية.

تعزيز الثقة في السوق

ويضيف الخبير الاقتصادي أن هذه الخطوة سيكون لها أثر إيجابي مزدوج، فهي تعزز ثقة المواطنين في السوق المحلي من جهة، وتمنح المستثمرين مؤشرًا على جدية الدولة في المضي بسياسات اقتصادية متوازنة من جهة أخرى. انخفاض الأسعار لا يعني فقط وفرة في المعروض، بل يعكس أيضًا وجود رؤية اقتصادية تدرك أهمية الموازنة بين مصلحة المنتج والمستهلك.

دورة اقتصادية نشطة وازدهار مرتقب

بحسب مقبل، فإن ما يحدث اليوم يمثل نواة لمرحلة ازدهار تدريجي، حيث بدأ السوق في استعادة توازنه، وشارك القطاع الخاص بفاعلية في المبادرة عبر تقليص هوامش أرباحه مقابل زيادة حجم المبيعات. هذه الديناميكية تفتح الباب أمام دورة اقتصادية نشطة تدعم معدلات النمو وتخلق فرص عمل جديدة، بما يعزز مناعة الاقتصاد في مواجهة التحديات.

نحو تعافٍ مستدام

يختتم الخبير الاقتصادي رؤيته بالتأكيد على أن هذه المبادرة ليست مجرد خفض مؤقت للأسعار، بل إشارة قوية على مسار تعافٍ مستدام. وإذا ما استمرت هذه السياسات بالتوازي مع دعم الإنتاج المحلي وزيادة الاستثمارات، فإن مصر مقبلة على انفراجة أوسع تشمل مختلف القطاعات، لتتحول المبادرة من مجرد قرار اقتصادي إلى بداية حقبة جديدة من الاستقرار والازدهار.

لا شك أن مبادرة خفض الأسعار جاءت كجرس إنذار للمحتكرين، وكسريان نسمة أمل في بيوت المصريين. هي أكثر من مجرد حملة تخفيضات، بل تمثل بداية تحول اقتصادي يعيد التوازن بين دخل المواطن وتكاليف معيشته. وإذا استمرت هذه الجهود، فإن المستقبل يحمل وعودًا بمزيد من الانفراجات، ليتحول القلق الذي عاشه المصريون لسنوات إلى شعور بالثقة والقدرة على مواجهة الغد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق