علي جمعة: من الأدب مع الله أن تدعوه عبادة لا تشوقا إلى الدنيا - هرم مصر

صدي البلد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك: كُنْ مؤدَّبًا مع الله، ومن أفضل الأدب مع الله: الرضا بما قسمه الله، والتسليم بما أجراه سبحانه وتعالى عليك في الكون. ولذلك إذا أردتَ الدعاء والالتجاء، فافعل ذلك عبادةً لا تشوُّفًا إلى الدنيا، واسأل الله تعالى من خيري الدنيا والآخرة، فهو مالك السماوات والأرض، ومالك الدنيا ومالك الآخرة، ومالك يوم الدين سبحانه وتعالى.

ولفت إلى أن  يجب أن يكون الالتجاء إلى الله وحده، ولا يكون مقصودك إلا الله.

وأشار إلى أن الدعاء: إمَّا أن يستجيب الله لك به فورًا، وإمَّا أن يؤخِّره فيستجيب بعد مدة، وإمَّا أن يدَّخره لك عبادةً وثوابًا يوم القيامة. إذن فالدعاء خيرٌ كلُّه، استُجيب أو لم يُستجب، لأنك لا تدري أين الخير، ولا تدري الغيب، ولا تعلم ما هو أصلح لك. والذي يعلم ذلك كلَّه هو الله سبحانه وتعالى، لا إله إلا هو، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

إذن عليك إذا دعوتَ الله أن تدعوه عبادةً، لا أن تدعوه تشوُّفًا وطلبًا للدنيا، بل ادعُه عبادةً، وقد قال سيدنا النبي ﷺ: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ» (حديث صحيح أخرجه الأربعة عن أبي هريرة رضي الله عنه). وفي حديث آخر صحيح، لكنه أقل درجة: «الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ». والفرق بينهما أن قول: *الدعاء مخّ العبادة* يعني أنه أعلى شيء في العبادة، أما قوله ﷺ: *الدعاء هو العبادة* فمعناه أن كل عبادة هي في حقيقتها دعاء: فالصلاة دعاء، والزكاة دعاء، والحج دعاء، والصيام دعاء. فالدعاء هو العبادة، أي هو حقيقة الصلة بين العبد وربه.

وعلينا أن نفهم أن الأدب مع الله تعالى يقتضي أن يكون الدعاء عبادةً، فلا تجعل قلبك متعلقًا بالمطلوب، بل اجعل المطلوب هو الله نفسه، وقل: يا رب افعل لي كذا وكذا بإرادتك وقوتك وحولك، متى شئت، وأنّى شئت، وكيف شئت. وقل كما قال سيد المرسلين ﷺ: «اللهم إن لم يكن بك عليَّ غضب فلا أبالي». فهذا هو الأدب؛ فأول ما ينبغي أن نعلمه أن الدعاء عبادة.

الأمر الثاني: بعد أن صرفتَ قلبك عن التعلق بالمطلوب، وجعلتَ المطلوب هو الله، لا الغرض الذي تدعو به – سواء دنيويًا أو أخرويًا – فلا تيأس مع الإلحاح في الدعاء من تأخُّر المَدَد، فإن المَدَد من الله، وهو قد ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك، لا فيما تختاره لنفسك. فأنت لا تعرف شيئًا، ولا يكون في الكون إلا ما أراده الله. فهذا براءة من الحول والقوة، وخروجٌ من حولك وقوتك إلى حول الله وقوته، وثقةٌ بالله، وإيمانٌ بأن ما في يد الله أعظم مما في يدك، وأن تدبير الله أعظم من تدبيرك.

ولذلك لا يجوز أن يتطرق إلينا اليأس، لأن اليأس من صفات الكافرين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق