هرم مصر - على الرغم من اصطفاف المنتخب التشيكي الأول لكرة القدم في ظل فرق النخبة الأوروبية خلال الأعوام الأخيرة، إلا أنه نافس على أبرز المسابقات في عقود ماضية، وقدَّم مخترع ركلة «بانينكا» الشهيرة، ونجمين بصما على الكرة الذهبية، وهدافًا بصفات مختلفة، نظير بنية جسدية أشبه بلاعبي كرة السلة وكرة اليد، وطول فارع تجاوز المتريْن.
بالعودة إلى كتاب التاريخ، قبل مواجهة المنتخب السعودي الأول لكرة القدم، الإثنين، في ثاني مباريات نافذة سبتمبر الدولية، كانت التشيك جزءًا مما كان يُسمّى بـ «بوهيميا»، وهي مملكة قديمة في الإمبراطورية النمساوية المجرية حتى عام 1918، ولعب منتخبها الكروي أول مباراة رسمية عام 1903 ضد المجر، تحت اسم بوهيميا، وصولًا إلى المباراة الأخيرة بهذا الاسم عام 1908 أمام إنجلترا.
وأصبحت التشيك جزءًا من جمهورية تشيكوسلوفاكيا، بعد نيل الأخيرة استقلالها عام 1918 عقب نهاية الحرب العالمية الأولى، والحضور الأول لمنتخبها كان عام 1919، في دورة ألعاب نظَّمتها الدول المنتصرة في الحرب، وتُوّجت تشيكوسلوفاكيا بذهبية مسابقة كرة القدم، بعد الفوز على فرنسا في باريس بنتيجة 3ـ2 في النهائي، ولو أن الشوط الأول شهد تفوق الفرنسيين بهدفيْن، إلا أنّ هذا اللقب لم يُعترف به رسميًّا من قبل الاتحاد الدولي.
وشارك منتخب تشيكوسلوفاكيا في نهائيات كأس العالم للمرة الأولى عام 1934، وعاد من إيطاليا مع ميدالية فضية، ثم حقق برونزية النسخة الأولى من اليورو عام 1960، ووصافة مونديال 1962، بحضور جوزيف ماسوبوست، الفائز بالكرة الذهبية ذاك العام، بتفوقه على البرتغالي أوزيبيو، أحد أبرز أساطير اللعبة.
وعرف هذا المنتخب جيلًا ذهبيًّا في السبعينيات، إذ تُوّج عام 1976 بلقب اليورو، بعد إقصاء كرويف ونيسكنز وكرول وزملائهم الهولنديين في نصف النهائي، والتغلب على ألمانيا الغربية بركلات الترجيح في المباراة النهائية، علمًا أنَّ قائمة الألمان ضمّت مجموعة أخرى من الأساطير، وعلى رأسهم بيكنباور وماير وهونيس وشفارزنبيك.
وكانت المباراة النهائية مسرحًا لحدث كروي تاريخي، إذ اختار أنتونين بانينكا، لاعب تشيكوسلوفاكيا، أن يحسم المباراة بركلة ترجيح أسطورية، حيث خدع سيب ماير، الحارس الألماني العملاق، بتسديدة حملت اسمه بعد ذلك، إذ ابتكر تقنية تسديد الكرة بلمسة خفيفة من أسفلها، ما يؤدي لارتفاعها وسقوطها وسط المرمى، في وقت يقوم فيه الحارس بالاتجاه يمينًا أو يسارًا.
ولجأ نجوم كبار إلى استخدام هذه التقنية بعد ذلك، مثل توتي وزيدان وبيرلو وغيرهم.
وفي عام 1980، حقق منتخب تشيكوسلوفاكيا لقبه الثاني والأخير، إلا أنّه جاء على المستوى الأولمبي، عقب الفوز على ألمانيا الشرقية في نهائي دورة موسكو، بعد تصدر دور المجموعات أمام الكويت وكولومبيا ونيجيريا، وتجاوز كوبا ويوغوسلافيا في الأدوار الإقصائية.
وفي آخر أيام عام 1992، تفككت تشيكوسلوفاكيا بطريقة سلمية، فخلفها دولتان هما سلوفاكيا والتشيك.
والمنتخب الأول للتشيك، باسمه هذا، لعب مباراته الدولية الأولى في فبراير 1994، ثم وصل عام 1996 إلى نهائي اليورو، مكتفيًا بالفضية عقب الخسارة أمام ألمانيا في نهائي ويمبلي.
ولم يعرف منتخب التشيك إنجازات بارزة بعد ذلك، باستثناء وصوله إلى المربع الذهبي لليورو عام 2004، كما أنّه لم يحجز أي بطاقة تأهل إلى كأس العالم منذ عام 2006، لكنه استمر بتقديم نجوم بارزين على المستوى الفردي، على الرغم من الترنح الجماعي للمنتخب الأول.
في عام 2003، تُوّج بافل نيدفيد بالكرة الذهبية، متفوقًا على الفرنسي تييري هنري، مهاجم أرسنال الإنجليزي، وعلى الإيطالي باولو مالديني، قائد ميلان، قبل أن يسطع نجم بيتر تشيك، الحارس الذي أمضى 11 موسمًا مع تشيلسي الإنجليزي، فتوّج بدوري أبطال أوروبا عام 2012، وبـ 13 لقبًا محليًّا في إنجلترا، علمًا أنّه اختير لاعب العام في بلاده 9 مرات، في جائزة رسمية يقدمها الاتحاد التشيكي.
وعلى الرغم من اعتزاله الدولي عام 2009، يحافظ يان كولر على صدارته لقائمة أفضل الهدافين في تاريخ التشيك، برصيد 55 هدفًا سجلها في 91 مباراة، وهذا المهاجم عُرف بطوله الفارع الذي وصل إلى 202 سنتيمترًا، وكان لمسيرته لحظة خاصة لفتت الأنظار، إذ تولى مركز حراسة المرمى في الكلاسيكو الألماني بين دورتموند وبايرن ميونيخ في موسم 2002ـ2003، بعد طرد ينز ليمان، حارس دورتموند، في الدقيقة 67.
وكان كولر قد افتتح التسجيل في تلك المباراة، لكن دورتموند خسر لاعبيْن بالبطاقة الحمراء، وكانت البطاقة الثانية لليمان عقب اعتراضه على الحكم بعد هدف ثانٍ لبايرن، فارتدى كولر قميص حارس المرمى بعد نفاذ تبديلات دورتموند، ومنع بايرن ميونيخ من تسجيل أي هدف طوال 23 دقيقة، على الرغم من النقص العددي وغياب حارس «أساسي» عن مرمى دورتموند، فكانت النتيجة تسمية كولر أفضل حارس مرمى في تلك الجولة من الدوري الألماني، وفقًا لمجلة «كيكر».