نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ذاكرة التعليم بين إعادة الهيكلة وضرورة صون الأرشيف - هرم مصر, اليوم الاثنين 8 سبتمبر 2025 08:51 صباحاً
هرم مصر -
مع بدء وزارة التعليم تنفيذ أولى مراحل خطة التحول الشاملة، التي تستهدف إعادة هيكلة إدارات ومكاتب التعليم في مختلف مناطق المملكة، وإلغاء 31 إدارة تعليمية و138 مكتباً تعليمياً، وتقليص الإدارات العامة من 47 إلى 16 إدارة فقط، تطرح هذه الخطوة المهمة في مسيرة التطوير التربوي تساؤلاً جوهرياً حول مصير الأرشيف التاريخي الذي تزخر به تلك الإدارات والمكاتب.
فليست هذه الجهات مجرد مقار إدارية، بل هي خزائن لذاكرة وطنية حافلة بالوثائق والمخطوطات والسجلات التي تؤرخ لمسيرة التعليم في المحافظات، منذ بدايات تأسيسها وحتى اليوم، ففي داخل كل إدارة تعليمية تراكمت عبر العقود محاضر وكتب وتقارير وصور فوتوغرافية وأفلام وثائقية ومقاطع فيديو نادرة توثق لحظات فارقة من تاريخ التعليم والمناسبات المرتبطة به، فضلاً عن مقتنيات ومتاحف مصغرة أنشأها بعض المهتمين داخل هذه الإدارات، لتبقى شاهدة على مسيرة تعليمية عريقة.
إن ضياع هذه الوثائق أو تهميشها تحت ضغط التغيير الإداري سيكون خسارة وطنية فادحة، فهي ليست أوراقاً مهملة، بل مرجعاً أصيلاً للباحثين والمؤرخين وصناع القرار.
الأرشيف التعليمي يعكس تطور المجتمع المحلي، ويبرز مساهمات أبنائه في النهضة التعليمية، وهو ما يجعله جزءاً لا يتجزأ من الهوية الوطنية.
ولذلك، يصبح لزاماً أن تتزامن عملية إعادة الهيكلة مع مشروع وطني متكامل لحماية هذا الإرث، من خلال فرز الأرشيف وتوثيقه وحفظه إلكترونياً بوسائل رقمية حديثة، تضمن سلامته وسهولة الوصول إليه؛ كما أن إتاحته عبر منصات رقمية متخصصة للباحثين والمهتمين سيحول هذا الأرشيف من ملفات جامدة إلى مصدر حي وفاعل للمعرفة والدراسة والتطوير.
إنها مسؤولية مشتركة بين وزارة التعليم والجهات الثقافية والتاريخية في المملكة، لتبقى ذاكرة التعليم محفوظة للأجيال القادمة، شاهدة على رحلة طويلة من العطاء والبناء، ولتتحول من عبء ورقي معرض للتلف إلى كنز معرفي رقمي متاح يعكس هوية الوطن ويثري مسيرته المستقبلية.
مبارك بن عوض الدوسري
@mawdd3
0 تعليق