نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
النفط الروسي شريان حياة لدمشق وإفساد إضافي لبيروت - هرم مصر, اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 06:00 مساءً
هرم مصر - بعد الضجة التي اثيرت في ما يتعلق بمحاولة هروب الباخرة HAWK III، أكدت وزارة الطاقة ان توقيف الباخرة ومراقبتها وحجز جوازات سفر طاقمها او توقيفهم ليس من مهامها، وطلبت من الأجهزة المختصة التحقيق بكيفية حصول الطاقم على جوازاتهم ومن المسؤول عن ذلك، والسفينة ما زالت قيد الحجز. محاولة هروب الباخرة تتعلق بمصدر النفط الذي تنقله وافرغته في بيروت، وعما اذا كانت هناك عملية تزوير لإخفاء المنشأ الروسي لهذا النفط.
في ظل أزمات اقتصادية خانقة وحاجات متزايدة للطاقة، تعود روسيا إلى واجهة المشهدين السوري واللبناني عبر بوابة النفط والوقود. لكن خلف تدفق الشحنات تكمن معادلات سياسية معقدة، ومخاطر الفساد التي تهدّد أي أفق إصلاحي.
رغم التغيرات السياسية التي شهدتها دمشق، ما زالت سوريا تعتمد على النفط الروسي وبقيت موسكو المورد الأساسي للنفط الخام والمنتجات المكررة. وفق بيانات TankerTrackers وKpler، استوردت سوريا هذا العام نحو 12 مليون برميل من الخام الروسي، إضافة إلى وقود وزيت ديزل. ورغم محاولات بعض الدول، مثل أذربيجان وقطر وتركيا، دعم سوريا بإمدادات طارئة، يبقى العرض الروسي الأرخص والأكثر استقراراً.
لكن هذا الاعتماد لا يعكس تعافياً حقيقياً. فالإنتاج المحلي لا يتجاوز ٣٥ ألف برميل يومياً مقارنة بـ٣٥٠ ألف برميل عام ٢٠١١ فيما تبدو مصفاتا بانياس وحمص عاجزتين عن معالجة النفط السوري الثقيل. لذلك، تتجه دمشق لتصدير جزء من إنتاجها إلى مصافٍ إقليمية أكثر تطوراً، فيما تستورد الخام الروسي لتغطية احتياجاتها اليومية.
وتشير مصادر إلى أن الوقود الروسي هو في قلب أزمة الكهرباء التي يتخبط بها لبنان منذ عقود. فعلى الضفة الأخرى، يبدو المشهد اللبناني مختلفاً جذرياً. الأزمة هنا ليست في الإنتاج، بل في سوء الإدارة والفساد الموروث. الشهر الماضي، وصلت ثلاث شحنات من الغاز أويل وزيت الوقود من الموانئ الروسية عبر ناقلات مختلفة، لتغذية محطات الكهرباء في الزهراني ودير عمار والزوق والجية. ورغم نجاح شحنتين في التفريغ، أثارت الناقلة الثالثة “هوك-3” جدلاً سياسياً واسعاً قبل السماح لها بالتفريغ.
لبنان كان قد اعتاد استيراد المنتجات الروسية حتى عام ٢٠٢١، لكن غزو أوكرانيا والعقوبات على روسيا أوقفت ذلك.

صورة تعبيرية (مواقع).
بعد حجز الباخرة "هوك-3" يُشتبه في أن ثلاث شحنات من الفيول مصدرها روسيا كانت وصلت إلى لبنان بعد تزوير المصدر في الموانئ التركية. ويبدو أن النفط الروسي يغزو الأسواق السورية واللبنانية عبر عمليات تزوير غامضة، في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها البلدان. في عام ٢٠٢٣ عاقبت الخزانة الأميركية شخصين لبنانيين لاستخدامهما شركات خاصة لضمان عقود حكومية عبر "عمليات مناقصة عامة غامضة للغاية". الأسوأ أن الوقود المستورد ضمن هذا المخطط كان ملوّثاً، ما ألحق أضراراً بمحطات الكهرباء.
النفط الروسي يهدّد الاستقرار في البلدين في سوريا، والخوف الأكبر أن تتحول تجارة النفط إلى وسيلة نفوذ روسية طويلة الأمد، في ظل قواعد موسكو العسكرية في طرطوس وحميميم. أما في لبنان، الفساد أفرز فضائح عديدة، من بينها عقود وقود ملوّث، ما استدعى عقوبات أميركية على شخصيات لبنانية متورّطة، وشكّل أداة لتمويل أحزاب سياسية. وقد يتعرّض الموردون لعقوبات أميركية.
وزير الطاقة الحالي، جو صدّي، تعهّد بإحياء قانون تنظيم الكهرباء المعطّل منذ عقدين وبدأ يحقق خطوات، لكن مساعيه تواجه عقبات سياسية ونفوذ قوى مستفيدة من الفوضى.
الفارق الأساسي بين البلدين أن سوريا تحتاج إلى النفط الروسي كضرورة وجودية لإعادة بناء اقتصاد مدمّر، بينما يستخدم لبنان هذه الواردات "كمسكّن" قصير الأمد لأزمة كهرباء متجذرة في الفساد. لكن في الحالتين، تظل روسيا حاضرة بقوة، إما كمصدر طاقة أساسي أو كمورد براغماتي يستفيد من هشاشة الآخرين. والطاقة، في نهاية المطاف، ليست مجرد سلعة اقتصادية، بل ساحة صراع سياسي لا تقلّ أهمية عن ميادين الحرب.
0 تعليق