نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جينارو غاتوزو: روح المحارب تعود إلى إيطاليا - هرم مصر, اليوم الخميس 11 سبتمبر 2025 11:06 مساءً
هرم مصر - مقاتل لا يعرف التراجع، قلب حديدي، وضغط مستمر على كلّ كرة. هذه الصفات تميّز اللاعب السابق لنادي إي سي ميلان، جينارو غاتوزو، الذي ترك بصمة لا تُنسى في عالم كرة القدم الإيطالية.
في وسط "روسونيري" وصفوف المنتخب الأزرق، جسّد غاتوزو روح "غرينتا" الإيطالية بكل أبعادها: شجاعة، اندفاع، وتضحية كاملة من أجل القميص. ومع انتقاله إلى التدريب، لم تتلاشَ هذه الروح، بل أعاد غرسها في المنتخب الإيطالي؛ هذه المرّة من على دكة البدلاء، حيث يسعى إلى إعادة الـ"أتزوري" إلى مجده المفقود بعد إخفاقات متتالية وغيابه عن النسختين الأخيرتين من كأس العالم في روسيا وقطر.
تسلّم غاتوزو المسؤوليّة خلفاً للوتشيانو سباليتي في حزيران/يونيو الماضي، ولم يضيّع وقتاً في وضع بصمته. فلسفته المبنية على الضغط العالي، الانتقال السريع إلى الهجوم، والاستفادة القصوى من الأطراف، بدأت تعطي ثمارها على الفور. البداية كانت مثالية أمام إستونيا، بخماسية نظيفة، في مباراة أكدت فاعلية الهجوم الإيطالي ورغبة اللاعبين في فرض سيطرتهم منذ الدقيقة الأولى. أداء هجوميّ منظم، أهداف متنوّعة، واندفاع مستمر أعاد للجماهير شعور الإثارة الذي افتقدته منذ سنوات.
المدرب جينارو غاتوزو. (أ ف ب)
كابوس حقيقي
لكن المواجهة التالية ضد إسرائيل كانت اختباراً مختلفاً. مباراة مثيرة انتهت 5–4 بعد سيناريو دراميّ شمل أهدافاً عكسية، تقدّم وتراجع، وانفجار هجوميّ من الطرفين، قبل أن يحسم ساندرو تونالي النتيجة في الدقيقة الـ 91.
بعد صفّارة النهاية، وصف غاتوزو اللقاء بأنه "كابوس حقيقي". وأضاف: "استقبلنا أهدافًا عبثيّة. نحن مجانين، وعلينا أن نتعلّم الدفاع كوحدة واحدة". رغم الانتقاد الذاتي، لم يخف الإعجاب بروح اللاعبين وقدرتهم على التعافي بعد كلّ كبوة، مؤكّداً أنّ الشجاعة والتصميم موجودان، لكنّ الخبرة والدهاء التكتيكيّ يجب أن يُضافا إلى تقليل الأخطاء.
فلسفة نفسية
هذا التوازن بين الحماس والواقعية يمثّل جوهر تجربة غاتوزو كمدرب. روح المقاتل التي يعرفها كلاعب تحتاج الآن لأن تتحوّل إلى نظام واضح وفعّال في داخل الملعب. تصريحات اللاعبين مثل مانويل لوكاتيللي، الذي سجل هدفاً عكسياً، وقال: "ارتكبنا أخطاء كثيرة، لكننا أظهرنا ردة فعل رائعة. علينا أن نعطي حياتنا من أجل هذا القميص"، تؤكد أنّ فلسفة غاتوزو النفسية بدأت تُترجم إلى التزام جماعي وروح قتالية متجدّدة.
مزيج غريب!
ركّزت الصحافة الإيطالية على هذا المزيج الغريب بين الإثارة والهشاشة. أشارت "توتو سبورت" إلى أنّ الفريق جذاب ومليء بالطاقة، لكنه معرّض للانهيار إذا لم تُعالج الثغرات الدفاعية. ولفتت "لا غازيتا ديلو سبورت" إلى الأهمية الاستراتيجية للأهداف والفارق الهجومي، حيث صارت الأهداف المسجّلة والحفاظ على الشباك عناصر حاسمة في سباق المجموعة.
الحسابات تجعل مهمة غاتوزو شائكة: الـ"أتزوري" الآن في المركز الثاني في مجموعته برصيد 9 نقاط، متساوياً مع "إسرائيل"، ومتأخراً عن النروج بثلاث نقاط، فيما تتفوّق بفارق أهداف +11. مع أربع مباريات متبقّية، بدءاً بمواجهة إستونيا في 11 تشرين الأول/أكتوبر، ثمّ استضافة "إسرائيل" في 14 منه، وزيارة مولدوفا في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، قبل المباراة الحاسمة ضد النروج بقيادة الهداف إرلينغ هالاند في سان سيرو في 16 منه. والأمور واضحة: أي خطوة خاطئة قد تحرم المنتخب من التأهل المباشر أو تدفعه إلى الملحق.
تحدٍّ مزدوج
إيطاليا مع غاتوزو تقدّم مباريات ممتعة، مليئة بالإثارة والدراما، لكنها تواجه تحدّياً مزدوجاً: تحويل الروح القتالية إلى صلابة تكتيكية وتنظيم دفاعي متماسك. المحارب السابق يملك القدرة على إعادة قلب الفريق إلى "عائلة" متّحدة وملتزمة، لكنه يعرف أنّ النجاح لا يُقاس بالحماس وحده، بل بالنتائج على أرض الملعب، حيث كل مباراة متبقية قد تكون الفارق بين العودة إلى كأس العالم أو الاستمرار في الغياب.
في نهاية المطاف، الـ"أتزوري" في عهد غاتوزو ليس مجرّد فريق؛ إنه انعكاس حيّ لشخصية مدرّبه: شجاعة، حماس، وعداء بلا توقف، مع تحدٍّ مستمر لتحويل الطاقة والمشاعر إلى انتصارات ملموسة.
0 تعليق