المساحات المهجورة في مصر.. كيف تتحول إلى ثروة زراعية؟ - هرم مصر

ميديا 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المساحات المهجورة في مصر.. كيف تتحول إلى ثروة زراعية؟ - هرم مصر, اليوم الاثنين 8 سبتمبر 2025 07:30 مساءً

هرم مصر - في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها المواطن المصري، تظل المساحات المهجورة في المدن والأحياء كنزًا مهدورًا ينتظر مَنْ يستثمره. أراضٍ غير مستغلة، ومبانٍ لم تُستكمل، وأسطح ومخازن قديمة، جميعها يمكن أن تتحول إلى مزارع حضرية منتجة تعزز الأمن الغذائي وتفتح آفاقًا جديدة لفرص العمل. إنها فكرة بسيطة لكنها قادرة على الجمع بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.

تبدأ عملية التحول بحصر دقيق للمواقع المتاحة والمساحات المهجورة في القرى والمدن، بعد ذلك تأتي مرحلة التفاوض مع أصحاب هذه الأراضي لتأجيرها بمبالغ رمزية أو المشاركة في الأرباح. التجارب الناجحة أثبتت أن تحويل الموقع المهجور إلى مزرعة حضرية لا يتطلب استثمارات ضخمة، حيث يمكن البدء بالزراعة بما هو متاح، ثم التطور نحو أنظمة الزراعة العمودية التي تزيد الإنتاجية بأضعاف.

الزراعة المائية تقدم حلًا مثاليًا لهذه المشروعات، حيث لا تحتاج إلى تربة خصبة وتستهلك مياهاً أقل بنسبة 90% مقارنة بالزراعة التقليدية. كما أن استخدام تقنيات الري بالتنقيط يمكن أن يوفر كميات المياه المطلوبة.

لقد أثبتت التجارب نجاح العديد من مشروعات زراعة أسطح المنازل في مصر، واستطاع الشباب تحويلها إلى مزارع مبتكرة. باستخدام نظام الزراعة المائية، نجحوا في إنتاج أنواع نادرة من الأعشاب الطبية التي كانت تستورد من الخارج بأسعار باهظة. هذه المبادرات وفرت فرص عمل للمئات من الشباب، وحققت أرباحًا شهرية كبيرة.

لقد شهدت دول أخرى نجاحات ملهمة في تحويل المساحات المهجورة إلى مزارع حضرية منتجة. ففي سنغافورة، ورغم محدودية الأراضي الزراعية، استطاعت الحكومة بالتعاون مع شركات ناشئة تطوير مشروعات للزراعة العمودية فوق أسطح المباني ومواقف السيارات القديمة. هذه المبادرات وفرت كميات كبيرة من الخضراوات الطازجة للسكان المحليين، وقللت الاعتماد على الاستيراد الخارجي، حتى أصبحت الزراعة الحضرية جزءًا من استراتيجية الأمن الغذائي الوطني.

أما هولندا، التي تُعد رائدة في الابتكار الزراعي، فقد حولت العديد من المستودعات والمصانع المهجورة إلى مزارع داخلية تعتمد على الزراعة المائية والإنارة الصناعية. هذه المزارع تنتج محاصيل عالية الجودة على مدار العام، مع استهلاك أقل للمياه والطاقة، مما جعل هولندا من أكبر مصدري المنتجات الزراعية في العالم رغم مساحتها المحدودة.

مشروعات سكنية لم تكتمل، ومخازن قديمة، ومساحات غير مستغلة، ومئات الأفدنة بين المحافظات وعلى جانبي الطرق السريعة. هذه المساحات يمكن تحويلها إلى رافعة حقيقية للأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية المحلية، بإرادة مجتمعية ورؤية واضحة لاستغلال كل شبر يمكن أن ينبت خيرًا.

الأراضي الفضاء بين المباني السكنية يمكن أن تصبح مصدر رزق لعشرات الأسر. من خلال زراعة المحاصيل سريعة النمو والنباتات العطرية، تستطيع الأسر تحقيق دخل ثابت من بيع منتجاتها في الأسواق المحلية.

المناطق المهجورة التي تحولت إلى مقالب للقمامة يمكن تحويلها إلى حدائق خضراء منتجة تمد الأحياء بالخضراوات الطازجة. مثل هذه المبادرات المجتمعية تساهم في تحسين البيئة، وتوفير الغذاء الصحي بأسعار مناسبة لأبناء الوطن.

محيط المصانع ومخازن الشركات الكبرى يمكن أن يتحول إلى مساحات خضراء بمبادرات من رجال الأعمال، ولن تشكل هذه المزارع أعباء مالية كبيرة عليهم.

تواجه هذه المشروعات تحديات متعددة، يأتي في مقدمتها نقص الخبرة التقنية. هنا يأتي دور مراكز البحوث الزراعية وكليات الزراعة في تقديم الدعم الفني والتدريب العملي بإنشاء وحدات متخصصة لدعم المزارعين الحضريين.

مشكلة توفير المياه يمكن حلها من خلال اعتماد أنظمة الري الموفر ومعالجة المياه. أما عن الطاقة اللازمة للإضاءة في الزراعات الداخلية، فيمكن تأمينها عبر الألواح الشمسية.

مثل هذه المبادرة تطلب تشجيع التعاون بين القطاع الخاص وأصحاب الأراضي المهجورة، كما أن البنوك مدعوة لتقديم قروض ميسرة لهذه المشروعات الصغيرة ذات العائد السريع.

يمكن لهذه المشروعات أن تكون نواة لاقتصاد دائري يحول النفايات العضوية إلى أسمدة، ويحول المساحات الميتة إلى رئات خضراء تنقي الهواء وتخفف من الاحتباس الحراري. والدراسات تشير إلى أن المساحات الخضراء في المدن يمكن أن تخفض درجات الحرارة بمقدار 3 – 5 درجات مئوية في الصيف.

الأهم من ذلك أن هذه الزراعات الحضرية تقرب المسافة بين المنتج والمستهلك، فتقلل من فاقد الغذاء، وتضمن جودة المنتج، وتخفض الأسعار. كما تساهم في توفير فرص عمل للشباب والمرأة المعيلة، وتعزز التماسك الاجتماعي من خلال المشروعات المجتمعية المشتركة.

الزراعة في المساحات المهجورة ليست ترفاً، بل ضرورة في زمن الأزمات. إنها استثمار في الأرض والإنسان معاً، وتحويل الإشكاليات إلى فرص، والطاقات المعطلة إلى ثروات منتجة. لنستلهم من إبداعات شبابنا وقدرات أرضنا، ونكتب معًا فصلًا جديدًا من فصول التنمية المستدامة التي تضع مصر في المكانة التي تستحقها بين الأمم.

المزارع الحضرية على أنقاض المساحات المهجورة تمثل استثمارًا ذكيًا بأقل التكاليف وأسرع العوائد.إنها قادرة على توفير الغذاء محليًا، وتخفيض الأسعار، وخلق فرص عمل حقيقية للشباب والمرأة. وقد تكون هذه التجربة البسيطة بداية لاقتصاد دائري أكثر قوة وكفاءة.

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : المساحات المهجورة في مصر.. كيف تتحول إلى ثروة زراعية؟ - هرم مصر, اليوم الاثنين 8 سبتمبر 2025 07:30 مساءً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق